تسبب تخبط حكومة الانقلاب في مواجهة فيروس كورونا المستجد في اندلاع معركة بين الأطباء من جهة وبين رجال أعمال العسكر من جهة أخرى في حين يتوارى قائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح السيسي عن الأنظار – كما هي العادة – عند وقوع كوارث أو فضائح ويكتفي بدور المتفرج أو مشاهده الأحداث عن بعد أو بالتعبير العصري "أون لاين". رجال أعمال العسكر يطالبون بتخفيف الإجراءات الاحترازية والوقائية المفروضة لمواجهة الوباء والسماح بعودة العمال وفتح الشركات والمصانع وممارسة الحياة بصورة طبيعية. وقالوا إنهم لن يتحملوا أي خسائر جديدة مهددين بتسريح العمال وطردهم ما يهدد بإشعال ثورة ضد نظام العسكر. وهذه التهديدات دفعت رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي إلى إصدار قرار بعودة عمل شركات المقاولات بكامل طاقتها في كل المواقع، زاعما أن التشييد والبناء من أهم القطاعات التي توفر فرص العمل، وترتبط به أكثر من 90 صناعة. فى المقابل طالبت نقابة الأطباء بحظر شامل لمدة أسبوعين الأسبوع الآخير من شهر رمضان وأسبوع العيد مؤكدة أن هذا الحظر يعد الفرصة الآخير لانقاذ ما يمكن انقاذه وإلا سيتفشى الفيروس فى البلاد وسيقضى على الأخضر واليابس. وقالت إن الأطباء تحملوا المسئولية كاملة لمواجهة فيروس كورونا بمفردهم فى ظل تخلى صحة الانقلاب ورفضها لمطالبهم؛ ما أدى إلى إصابة واستشهاد المئات من الأطباء والممرضين . وحذرت النقابة من أن الأطباء لن يستطيعوا التحمل أكثر من ذلك ولا بد من الاستجابة لمطالبهم بتوفير مستلزمات الوقاية وتخصيص مستشفى للعزل الصحى للمصابين بالفيروس منهم . تسريح العمالة حول موقف رجال الأعمال من الإجراءات الوقائية والاحترازية والمطالبة بفرض حظر شامل أعلنت لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال رفضها للحظر الشامل وطالبت بإعادة استئناف النشاط الاقتصادى بشكل كامل مع الالتزام بالإجراءات الوقائية.. كما طالبت رئيس مجلس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي، بعودة العمل بكافة الجهات الحكومية التي يتعامل معها المستثمر (هيئة التنمية الصناعية – الهيئة العامة للإستثمار والمناطق الحرة) لضمان عدم توقف العمل وسير عجلة الإنتاج. من جانبه قال رجل الأعمال نجيب ساويرس، إنه من أنصار عودة العمل فورا، محذرا من اضطرار رجال الأعمال إلى تخفيض الرواتب وتسريح العمالة، بسبب توقف حركة الإنتاج. وحذر ساويرس –في تصريحات صحفية- من إن استمرار توقف الإنتاج سيؤدي إلى زيادة البطالة، وإصابة البعض بالاكتئاب، وربما الإجرام والانتحار. وهدد نظام الانقلاب بأنه ستكون هناك "دماء اقتصادية" في الشوارع إذا لم يعد العمال والموظفون إلى أعمالهم. كما هدد ساويرس بالانتحار في حال قررت حكومة الانقلاب وقف العمل بسبب فيروس كورونا. ودعا إلى فتح المجال العام وحركة الاقتصاد، مثل السويد وأن يستمر الناس "كلهم في الحياة اليومية العادية بدون أي تغيير" . لقمة العيش وقال سميح ساويرس، رئيس شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية: إِنَّ جائحة كورونا مجرّد مشكلة تضاف إلى 2000 مشكلة أخرى تعاني منها مصر، مشيرا إلى أنَّ ما يقرب من 50 ألف طفل يموتون في مصر كل عام من الإسهال؛ لأن الناس لا يملكون المال للعلاج. وأضاف ساويرس في تصريحات صحفية أن فكرة الحظر الشامل لا تلائم الحياة في مصر، مؤكدا أن الشعب المصري لا يمكنه تحمل ذلك؛ حيث يعمل العديد من الناس كعمال يومية وبالتالي لن يحصلوا على لقمة العيش إذا تم فرض حظر شامل. وأوضح أن هذه الأوضاع تحتم عودة الحياة إلى طبيعتها وعودة الشركات والمصانع للعمل مرة أخرى، لافتا إلى أن مشاكل مصر تقلقه للغاية، لذلك تنفق مؤسسة عائلة ساويرس عشرات الملايين سنويًا على المستشفيات والمدارس، وفيما يخص مكافحة كورونا، تبرعت المجموعة بمبلغ 20 مليون جنيه للفقراء، وفق تصريحاته. وأشار ساويرس إلى أن 70 % من المصريين شباب تحت سن الثلاثين، وبالتالي لا خوف عليهم من فيروس كورونا أو غيره. نقابة الأطباء الطرف الآخر في المعركة ممثلا في الأطباء ونقابتهم يتمسكون بالحظر الكلي وتلبية مطالب الأطقم الطبية خاصة التي تعمل في مستشفيات العزل الصحي حتى لا يكونوا هم الضحية وخدهم للفيروس القاتل. وطالبت نقابة الأطباء بتوفير بيئة عمل جيدة للفريق الطبي المعالج لمصابي كورونا، وتوفير أدوات الحماية والمستلزمات الطبية، ومعاملة وفيات الفريق الطبي معاملة ضباط الجيش والشرطة. كما طالبت قائد الانقلاب الدموي عبدالفتاح السيسي ووزيرة الصحة بحكومة العسكر هالة زايد، بضرورة تخصيص مستشفى لعزل الأطباء وباقي أعضاء الفريق الطبي. وانتقدت النقابة تفاقم مشكلة التأخير في نقل الأطباء وأعضاء الفريق الطبي المصابين بفيروس كورونا لمستشفيات العزل، وبالتالي تأخر تلقيهم الرعاية الطبية اللازمة لضمان سرعة شفائهم حتى يتمكنوا من العودة بسرعة لممارسة دورهم في مكافحة الوباء. كما طالبت النقابة هالة زايد وزيرة الصحة بحكومة الانقلاب بتفعيل تطبيق بعض الإجراءات الاحترازية الإدارية الخاصة بالطواقم الطبية العاملة بمستشفيات العزل والحجر الصحي لحمايتهم من التعرض للعدوى. وقالت إن هذه الإجراءات مطبقة بالفعل ببعض الجهات وغير مطبقة بجهات أخرى. انفجار وأعرب الدكتور خيري عبد الدايم، نقيب الأطباء السابق، عن تأييده لفرض حظر شامل لمدة أسبوعين حتى انتهاء إجازة العيد، لمنع انفجار إصابات كورونا، مطالبا بمحاكمة من يمنع مسحات الفريق الطبي. وقال عبد الدايم – في تصريحات صحفية – إن الحظر الشامل ضروري الآن؛ لأننا على وشك حدوث انفجار في الإصابات، مؤكدًا أن هناك انفجارا في إصابات الأطقم الطبية. وحذر من أن الأمور مرشحة للخروج عن السيطرة، وفي العيد يمكن أن يحدث هذا الانفجار والمستشفيات ممتلئة بالمصابين، والمستشفيات الجديدة ليست مجهزة بشكل كامل. وأضاف عبد الدايم: أؤيد حظر شامل لمدة أسبوعين على مستوى الجمهورية لنحتوي الأزمة، الناس غير مقدرة الموقف، ويجب وقف جميع وسائل النقل، وفي العيد هناك عادات اجتماعية يجب وقفها حماية لأرواح الجميع، نحن أمام خطر حقيقي لا يجب الاستهانة به. وحول تزايد الإصابات بين الأطقم الطبية، قال نقيب الأطباء السابق: المنظومة بالكامل تحتاج إلى إصلاح، محذرا من ان إصابات الأطقم الطبية مخيفة، والأطقم المصابة يمكن أن تنشر العدوى لأنها تتعامل مع العديد من الحالات يوميا. وانتقد قرار وزارة الصحة بحكومة الانقلاب يرفض عمل مسحات للطواقم الطبية إلا بعد ظهور أعراض المرض ، محذرا من أن اصرار الوزارة على ان " تشغل الناس غصب عنها " يضر بالشعب كله. وطالب عبد الدايم بمحاكمة من اتخذ هذا القرار، مؤكدا أن هناك خطأ في المنظومة، ويجب محاصرة الوباء وتتبع المخالطين وعمل أكبر عدد ممكن من المسحات. وقال: إذا لم نتدارك الأمر ونزيد المسحات سنتعرض لكارثة نحن في طريقنا إلى الذروة، واقع الأمر لدينا أضعاف عدد الإصابات المعلن عنها وهذا شيء يدعو للقلق. وأشار عبد الدايم إلى أنه يشعر بالفخر بتضحية وجهود زملائه الأطباء الذين يتعرضون للإصابة ويقفون في الخط الأول يدافعون عن المواطنين من الوباء القاتل ويتعرضون للإصابة وينقلون العدوى لأسرهم، مطالبا دولة العسكر بأن تنظر بواقعية لمشاكلهم حتى لا تضر بنفسها، وأن تعطي لمن يموت وهو يؤدي عمله مستحقات مثل تلك التى يحصل عليها من يموت من رجال الجيش والشرطة. ضريبة اقتصادية وشددت الدكتورة منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء السابق، على ضرورة فرض حظر كامل خلال الأيام المتبقية من رمضان وخلال عيد الفطر. وقالت د. منى في تصريحات صحفية: بالطبع نحن سندفع ضريبة اقتصادية فى حالة الحظر الشامل لكنها ليست كبيرة بسبب الإجازات، محذرة من أننا سندفع الثمن صحيًا اذا تجاهلنا ذلك وأعدنا العمل في الشركات والمصانع والجهات الحكومية المختلفة. وأشارت إلى أن أمامنا فرصة ذهبية لمحاصرة كورونا؛ لأن هذه فترة إجازات ونشاط اجتماعي عال، الناس بتسافر وبتزور أقاربها، وكل حد بيسافر بيزور 5 أو 6 بيوت، وفيه أحضان وسلامات، وزحام في المولات والفنادق معربة عن أسفها لأننا بنفتح ومعدل الإصابات بيزيد”. وكشفت د. منى عن أنه ما زالت حتى الآن ترد شكاوى من الأطقم الطبية من عدم توافر أدوات الوقاية الشخصية، محذرة من أن ترك الأمور لحين ظهور العدوى يساعد على انتشار المرض. وقالت: لا تتركوا الفريق الطبي عرضة للعدوى وتطالبوه بالعمل دون إجراء مسحات، مؤكدة أن الكشف السريع ليس حلا ولا يعتمد على نتائجه.