زعمت حكومة الانقلاب أن القرض الجديد الذى ستحصل عليه من صندوق النقد الدولى لن يؤثر سلبًا على حياة الناس وعلى أسعار السلع والخدمات، كما حدث مع الاتفاق الذى وقعته عام 2016 واستمر 3 سنوات، وحصلت بمقتضاه على 12 مليار دولار من الصندوق . وقال مصطفى مدبولى، رئيس وزراء الانقلاب: إن التداعيات السلبية لفيروس "كورونا" لم تؤثر فقط على الاقتصاد الوطني، بل الاقتصاد العالمي أيضا، وهو ما جعل حكومة الانقلاب تفكر في اتخاذ خطوة استباقية بشكل سريع لتعزيز قدراتها على مواجهة هذه التداعيات؛ لافتاً إلى تقدم حكومة الانقلاب والبنك المركزي بطلب حزمة مالية من صندوق النقد طبقًا لبرنامج أداة التمويل السريع "RFI" وبرنامج اتفاق الاستعداد الائتماني "SBA" بحسب تصريحاته. وادعى مدبولى، خلال ترؤسه اجتماع حكومة الانقلاب بتقنية الفيديو كونفرانس، أن هذه الخطوة تستند على نجاح تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي؛ للحفاظ على استمرار المكتسبات والنتائج الإيجابية التي حققها الاقتصاد المصري، زاعما أن هذا البرنامج ليس له أي تأثيرات سلبية على حياة المواطنين، سواء من حيث ارتفاع أسعار السلع، أو الخدمات وغيرها، لكنه يتعلق بالإصلاحات الهيكلية فقط. اتفاق 2016 كانت حكومة الانقلاب قد زعمت أن اتفاق عام 2016 مع الصندوق بمثابة "نصر مبين" و"شهادة ثقة"، وأنه سينعش الاقتصاد الوطني ويؤدي إلى تدفق مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية على البلاد، وهو ما يوفر فرص عمل بالملايين ويحد من أزمة البطالة، كما سينعش قطاعات السياحة والصادرات وتحويلات المغتربين، لكن لم تمر ساعات على إبرام الاتفاق حتى فوجئ المصريون بتعويم الجنيه أحد أبرز شروط الحصول على القرض، وهو ما أدى إلى تبخر تحويشة عمرهم وضياع أكثر من 50% من قيمة مدخراتهم بين ليلة وضحاها بجانب ارتفاع أسعار السلع والخدمات بصورة غير مسبوقة، ما أدى إلى تزايد أعداد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى أكثر من 60% من إجمالى السكان بحسب تقارير البنك الدولى . من جانبهم أكد خبراء اقتصاد أن نظام العسكر يدمن اللجوء إلى صندوق النقد الدولى لعدة أسباب، منها محاولة إضفاء نوع من الشرعية على الانقلاب الدموي بقيادة عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس مدنى منتخب فى تاريخ البلاد الرئيس الشهيد محمد مرسي، فى 3 يوليو 2013، بجانب عجز الموازنة والتغطية على الفساد ونهب ثروات البلاد وتبديد احتياطى العملات الأجنبية وسداد أقساط وفوائد الديون . وقال الخبراء، إن نظام العسكر استغل جائحة كورونا– التى زعم السيسي أنه خصص لمواجهتها 100 مليار جنيه – فى الحصول على قرض جديد من صندوق النقد لتبديده فى مشروعات وهمية ومصالح خاصة لقادة الانقلاب . أيام سوداء من جانبه انتقد مصطفى عبد السلام، الخبير الاقتصادى، تصريحات رئيس وزراء الانقلاب، وقال: لا أظن أن شعبا من شعوب الأرض يحب صندوق النقد الدولي، ويثني على سياساته وأجندته، أو صفّق يوما ما لإملاءاته وابتزازاته وأجندته الخفية وشروطه القاسية التي يفرضها على الشعوب بمساعدة الحكومات التي غالبا ما تكون غير منتخبة. وأكد عبد السلام، فى تصريحات صحفية، أن المصريين هم أشد شعوب الأرض كرها وحنقا على هذه المؤسسة المالية الدولية التي أفقرتهم وأذلّتهم وأربكت معيشتهم، وقلبت حياتهم رأسا على عقب . وأضاف أن سياسات صندوق النقد، الذي تأسس عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، قذفت بملايين المصريين في أتون الفقر المدقع والبطالة، وقضت على الطبقة الوسطى، وعمّقت الفساد والأزمات الاقتصادية والاجتماعية بل والنفسية. وتابع عبد السلام أن الأخطر أنها ربطت القرار الاقتصادي المصري بالخارج، فلا يتم اعتماد الموازنة العامة وتحديد الإنفاق الحكومي إلا بعد مرور الأرقام على مقر الصندوق في واشنطن. وأوضح عبد السلام أنّ القرارات الحكومية التي تم تنفيذها بالتنسيق مع صندوق النقد تسببت في زيادات قياسية في أسعار السلع بما فيها الغذائية، وزيادات أخرى في أسعار الوقود، وهو ما أدى إلى رفع أسعار كل السلع والخدمات، مؤكدا أن إعلان حكومة الانقلاب عن تقدّمها بطلب للحصول على قرض جديد من صندوق النقد أعاد إلى ذاكرة المصريين تلك الأيام السوداء– الفترة من 2016 إلى 2019 – التي عاشوها وهم في رعاية برنامج الصندوق . اقتصاد مشلول فى المقابل يرى الدكتور عادل عامر، مدير المركز المصري للدراسات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، أن طلب حزمة مالية جديدة من صندوق النقد الدولي ضرورة لمواجهة الآثار الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا التي أصابت العالم أجمع ومنها مصر. وقال عامر، فى تصريحات صحفية: إنه نتيجة انتشار فيروس كورونا توقف نحو 50% من حركة الاقتصاد المصري خلال الفترة من 15 مارس حتى الآن، ما أدى إلى توقف عجلة الإنتاج، أي أنه أصبح اقتصادا مشلولا، ما أثر على كافة الموارد المالية المختلفة لدولة العسكر. واعترف عامر بأن القرض الجديد ستكون له آثار سلبية على المواطنين لكن ليست بنفس حدة القرض السابق، موضحا أن هذا القرض ستكون مدته عاما واحدا وليس 3 أعوام، ما يقلل من آثاره على المواطنين، وفق تعبيره. 5 مليارات دولار وقالت ريهام الدسوقى، الخبيرة الاقتصادية: إن لجوء حكومة العسكر للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي يرجع إلى احتياجها مساندة لمواجهة تأثير الصدمة الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا من خلال أداة التمويل السريع FRI، لدعم الموازنة العامة وميزان المدفوعات لتمويل استيراد السلع الأساسية والآثار السلبية للانخفاض المتوقع للموارد الدولارية. وكشفت الدسوقى، في تصريحات صحفية، عن تأثر عائدات العملة الصعبة في دولة العسكر سواء من السياحة وقناة السويس، بالإضافة إلى توقعات بتأثير سلبي لتحويلات المصريين بالخارج ممن تأثر عملهم بالجائحة الحالية وتأثر الدول البترولية بانخفاض أسعار البترول العالمية. وتوقعت أن تتراوح قيمة القرض بين 3 إلى 5 مليارات دولار على المدى القصير، ليتم تغطية احتياجات الفترة الحالية والعام المقبل، أما إذا استمرت الجائحة لأكثر من ذلك فقد ترتفع قيمة القرض. عواقب وخيمة وأكدت الدكتورة سلوى سليمان، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن المواطن المصري سيكون عليه عبء كبير، في تحمل الآثار الاقتصادية، الناتجة عن قرض صندوق النقد الدولى . وقالت سلوى، فى تصريحات صحفية: إن دولة العسكر تمر بظروف صعبة للغاية منذ ثورة 25 يناير وإلى الآن، مشيرة إلى أن حصول دولة العسكر على قرض من صندوق النقد شيء عادي، وتقوم به الكثير من الدول وأضافت: الأهم من ذلك هو وضع ضوابط محددة للمشروعات التي سينفق فيها قرض الصندوق، لأن الظروف الاقتصادية صعبة والتحدي كبير والفشل هذه المرة ممنوع، لأن عواقبه ستكون وخيمة علي الجميع.