لا يمكن أخذ تصريحات وزيرة الصحة بحكومة الانقلاب، أمس السبت، على محمل الجد، والتي تزعم فيها أن الوزارة جاهزة لأي سيناريو مع فيروس “كوفيد 19” المعروف بكورونا؛ ذلك أن القطاع الصحي في مصر يعاني من انهيار شبه كامل. وكانت الوزيرة قد صرحت، خلال اتصال هاتفى ببرنامج «التاسعة» عبر القناة الأولى الحكومية، بأن «قدراتنا جاهزة حتى في أسوأ سيناريو والمستشفيات جاهزة.. ونجرى عمليات تقصٍ للمخالطين للحالات المصابة، ونجرى لهم عزلا ذاتيا ومتابعة، وفى حال تأكد إصابتهم بالفيروس يتم إدخالهم الحجر الصحى». وأضافت الوزيرة أن 70% من الحالات التي أصيبت ب«كورونا» كانت من المخالطين، مشددة على أن مصر لديها استعدادات حتى في حالة «الجائحة»، سواء في الأجهزة أو المستشفيات. وتابعت: «إن شاء الله لا نصل لمعدلات الخطورة». وادعت أن الوزارة تعمل وفق إجراءات احترازية قوية جدا لتجاوز مرحلة الذروة التي أشار إليها العالم كافة، وتابعت: «الإجراءات الحالية مهمة جدا، ونحاول من خلالها الحصول على أقل عدد ممكن من الإصابات والوفيات.. بناخد كل حالة على أنها أول حالة علشان نعدي بالبلد لبر الأمان». وكانت وزيرة الصحة قد أصدرت ذات التصريحات قبل شهر مع الإعلامي الأمنجي عمرو أديب. عزل “10” قرى بالتزامن مع تصريحات الوزيرة، أعلن المتحدث باسم الوزارة خالد مجاهد، في تصريحات متلفزة مساء أمس السبت، عن عزل قرى ومدن في نحو 10 محافظات؛ كإجراء احترازي لمنع انتشار الفيروس، دون أن يشير إلى تفاصيل حول القرى والمدن المعزولة. وأوضح أن الوزارة تعزل المدينة أو القرية لمدة 14 يوما حال ظهور عدد من الإصابات المتتالية ب”كورونا”، مشيرا إلى أن العزل يمنع تحول الأمر إلى عدوى مجتمعية أو الامتداد للقرية أو المدينة بالكامل. وذكر أن كل أجهزة الدولة تشترك في هذا العزل بتقليل الزيارات وضمان بقاء الأفراد في المنزل لمدة 14 يومًا، واتباع الإرشادات الوقائية. وزعم متحدث الصحة أن وزارة التضامن الاجتماعي توفر الاحتياجات المعيشية لهذه الأسر، قائلا إن وزارة الداخلية توفر أيضا الجانب الأمني وتمنع التحركات. وكانت الحكومة قد فرضت عزلا على قريتي القيس وأبو جرج بمركز بني مزار بمحافظة المنيا، بعد اكتشاف نحو 21 حالة إصابة و56 حالة اشتباه، كما فرضت عزلا على قريتي السماحية والكردود في مركز بلقاس في الدقهلية شرق الدلتا، وأُغلقَت كل الطرق المؤدية من القريتين الكبيرتين وإليهما، بعد اكتشاف نحو 21 حالة منهما، إلى جانب أكثر من 56 حالة اشتباه ومخالطة مباشرة. وهناك قرى ومناطق تحتاج إلى العزل في محافظاتدمياطوالدقهلية والشرقية والمنوفية والغربية. وذكرت المصادر أن المعلومات التي حصلت عليها غرفة المتابعة المشتركة للأزمة في الاستخبارات العامة، أوضحت أن نحو 10 أشخاص من المؤكد وفاتهم إثر إصابتهم بالمرض من دون رصد أو تسجيل، دُفنوا من دون تشخيص أو إبلاغ بحقيقة الحالات، ومن دون أخذ الاحتياطات اللازمة، في دمياط والجيزة والمنيا. وجرى التعرف إلى ذلك من خلال اكتشاف إصابات في الساعات التالية لوفاة تلك الحالات، والتأكد من مخالطة المصابين الجدد لهم، الأمر الذي يفتح مجالاً واسعاً من احتمالات المخالطة وانتقال العدوى. وتتحدث مصادر حكومية عن صعوبة أساسية تكمن في زيادة رقعة المخالطين بزيادة عدد المصابين، في اليومين الماضيين، وبصفة خاصة في بلقاس وشربين ومحلة انجاق بالدقهلية، والزقازيق بالشرقية، وميت بدر حلاوة بالغربية، وقسم أول وفارسكور بدمياط. نحو حظر تجوال شامل وتبحث سلطات الانقلاب حاليا البدء في إجراءات احترازية أقسى، بينها الحظر الكامل، في ظلّ تواصل معدلات انتشار العدوى، وسط حالات التكدس والزحام الشديد في وسائل المواصلات العامة قبيل الموعد المحدد لحظر التجول الجزئي في السابعة مساءً، الذي يستمر حتى السادسة صباحا. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن جهات سيادية بدأت البحث عن حلولٍ متعلقة بالمحافظة على الحدّ الأدنى للخدمات، واستمرار الإنتاج والعمل في المصانع، تمهيدا لإعلان حظر شامل للتجول. ومع استمرار عدم إلزام الحكومة لرجال الأعمال بتخفيف عدد العمالة وتجاهل معظم مؤسسات القطاع الخاص للتوصيات الهادفة إلى تخفيف الاستعانة بالعاملين، كما فعلت الجهات الحكومية، أو العمل من بعد، كما فعلت بعض مؤسسات الأعمال الذهنية والمحاسبية وغيرها، فإن استمرار وجود المواطنين بكثافة في محطات وقطارات مترو الأنفاق بالقاهرة الكبرى، والتنقل على مدار ساعات السماح بين المحافظات عبر القطارات ووسائل النقل الأخرى، ينسف كل المحاولات لمحاصرة المرض ووقف انتشاره. وبحسب مصادر مطلعة، فإن خبراء صينيين أشرفوا على احتواء الوباء في وهان أوصوا بفرض حظر تجوال شامل مع بدء الأسبوع الخامس لانتشار المرض في مصر. لكن وزيرة الصحة رأت في مرور مصر من الأسبوع السادس والبدء أمس في الأسبوع السابع مؤشرا على قدرتها على تجاوز الوباء، رغم أنها أول من تعلم أن هناك مئات وربما آلاف المصابين يمرحون بحرية وينقلون العدوى في هدوء في ظل عجز حكومي مفضوح!.