خلال الأيام الماضية تسلل فيروس «كوفيد 19» المعروف بكورنا إلى قطاع غزة المحاصر عبر الحدود المصرية، حيث تم اكتشاف حالتي إصابة لمواطنين قادمين من باكستان إلى مصر عبر معبر رفح الحدودي، وتم إيداعهما بالحجر الصحي. ومنذ الإعلان عن الحالتين تسود مخاوف بين أهالي القطاع من تفشي الفيروس المميت في ظل الحصار المفروض من جانب الاحتلال الإسرائيلي والنظام العسكري في مصر منذ 2007م؛ ما أدى إلى تدهور الوضع الصحي ونقص الأدوية واللوازم الطبية بنسبة عجز تقترب من 45% بحسب تقديرات وازارة الصحة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية حماس. ويقبع حاليا في 19 مركزا للحجر الصحي موزعة على مناطق قطاع غزة أكثر من 1270 شخصا، جرى حجرهم احترازيا إثر عودتهم من السفر. وحذرت صحيفة "الجارديان" البريطانية من خطورة وصول فيروس كورونا إلى قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، مشيرةً إلى أنه يمكن أن يدمر القطاع الذي يعاني من انهيار الخدمات كافة، بسبب قيود الاحتلال. وقالت الصحيفة، إنَّ إعلان مسؤولي الصحة الفلسطينيين عن أول حالتي إصابة في غزة، من مسافرين عائدين من باكستان، يدقّ ناقوس الخطر. والاثنين الماضي، اتهمت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، إسرائيل بتحويل القطاع إلى "أكبر سجن في الهواء الطلق في العالم"، وهو سجن غير ملائم بشكل فريد للتعامل مع الوباء. وقالت "إسرائيل لن تكون قادرة على صرف اللوم إذا تحول سيناريو الكابوس هذا إلى حقيقة خلقتها، ولم تبذل أي جهد لمنعها". ويزعم الاحتلال أن الحصار هو إجراء أمني مطلوب لتقييد عدوها حماس، لكن الأممالمتحدة تقول إن سياستها تشكل عقابًا جماعيًا لحوالي مليوني من سكان القطاع بحسب الجارديان البريطانية. وبحسب الجارديان فإن شن ثلاثة حروب إسرائيلية على غزة بخلاف القيود المفروضة والحصار المتواصل أدت إلى تدمير جوانب الحياة ورسخت الأزمة، بخلاف الضغط المتواصل على المستشفيات بالقطاع نتيجة الجرحي والمصابين من أثر هذه الحروب.
تحذيرات أممية واعتبر منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في فلسطين، جيمي ماكغولدريك أن وصول فيروس كورونا إلى قطاع غزة "قد يكون مخيفا نتيجة الاكتظاظ السكاني ومحدودية النظام الصحي". وقال ماكغولدريك في حوار نشره الموقع الإخباري الرسمي للأمم المتحدة، قبل ساعات من الإعلان عن أول حالتي إصابة، "إننا قلقون حاليا فيما يتعلق بغزة، إنها منطقة معقدة، بسبب الحصار الطويل الأمد والقيود المفروضة التي تصعّب الأمور". ورأى المسؤول الأممي أن وصول الفيروس إلى قطاع غزة سيحوله إلى "ما يشبه الحاضنة عندما يعلق الناس ضمن منطقة مكتظة بالسكان (..) والنظام الصحي فيها يعاني من نقص في التمويل وشح في الموارد والأجهزة". وبحسب تقديرات مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة فإن "الوضع الصحي في قطاع غزة لديه القدرة على التعامل مع أول 100 حالة إصابة بالفيروس بطريقة جيدة، وبعد ذلك يحتاج إلى دعم خارجي". وأوضح عباس أن "القطاع الصحي يمتلك 40 سريرا للعناية الفائقة في الوضع الطبيعي، ترتفع إلى 100 في أوقات الطوارئ". إجراءات احترازية وبحسب المدير العام للرعاية الأولية في غزة مدحت عباس، فإن القطاع "منطقة هشة ويفتقر إلى أدنى مقومات الحياة بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد". مضيفا "لدينا إمكانيات بسيطة، وقبل أزمة كورونا كنا ننادي دائما بزيادة المساعدات الطبية ولكن كانت الاستجابة محدودة، ولو لا قدر الله تفشى الفيروس وتم تسجيل أعداد كبيرة سنكون بحاجة إلى تدخل دولي". ويطمئين المدير العام للرعاية الأولية في غزة المواطنين قائلا "لا داعي للرعب في هذه المرحلة، لدينا خطط معدة سلفا للتعامل مع حالة طوارئ، والأمور لا تزال تحت السيطرة". وطالب الأممالمتحدة بالعمل على رفع الحصار الظالم عن القطاع وسرعة تلبية الاحتياجات العاجلة والطارئة من أجهزة التنفس والعناية المركزة والأدوية والمستهلكات الطبية والمستلزمات الوقائية. وأعلنت وزارة الداخلية في غزة إغلاق جميع صالات الأفراح والأسواق الشعبية الأسبوعية ومنع إقامة بيوت العزاء والحفلات، وإغلاق المقاهي وصالات المطاعم، وتعطيل صلاة الجمعة، حتى إشعار آخر. كما استمر إغلاق معبري رفح مع مصر وبيت حانون (إيرز) مع الاحتلال، بالإضافة إلى إغلاق المدارس والجامعات. وبدا لافتا في مدينة غزة، كبرى مدن القطاع، تراجع حاد في الحركة وهدوء في الشوارع والميادين العامة، في حين شهدت المحال التجارية إقبالا من المواطنين للتزود بالطعام والمستلزمات المنزلية. وحث وكيل وزارة الاقتصاد في غزة رشدي وادي في بيان رسمي، سكان القطاع على عدم التهافت على شراء المواد الغذائية، مطمئنا الجميع بتوفر مخزون يكفي لأسابيع قادمة بما يتلاءم مع قدرات وإمكانيات غزة المحاصرة.