أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن حالة الطوارئ على المستوى الوطني بسبب وباء كورونا، ويقول إن من بين أهداف قراره تخصيص 50 مليار دولار لمكافحة الفيروس ووقف انتشاره في الولاياتالمتحدة. دول أخرى كثيرة اتخذت تدابير مختلفة للوقاية من المرض أو للتعامل مع ما سُجل فيها من حالات إصابة، جاء ذلك في وقت تقول فيه منظمة الصحة العالمية إن دول الاتحاد الأوروبي باتت بؤرة لتفشي كورونا، بينما لا تمر ساعات من دون أن تعلن هذه الدولة أو تلك عن إجراءات لتقييد الحركة داخلها أو بينها وبين العالم الخارجي. وبات فيروس كورونا يربك الجميع وليس صناع القرار فقط، ليس لأن كورونا أصاب بعضهم عبر العالم وحمل آخرين على الدخول في حجر صحي طواعية، ولكن أيضا لأن النقد يلاحق كثيرا من تدابيرهم الوقائية من الفيروس المستجد. تماما مثلما يلاحقهم سؤال صعب: هل ينبغي التهوين أم التهويل؟ وهنا يستثمر الساسة في الموقف كلٌّ بطريقته، في روسيا مثلا يسمع الناس من الكرملين عبارات تطمئن بألا حاجة إلى اتخاذ إجراءات صارمة، وبأن التدابير اللازمة اتخذت لحماية الرئيس فلاديمير بوتين من الإصابة. وفي ألمانيا تُقاسم المستشارة شعبها القلق من أن 70% منهم قد يصابون بالفيروس، ولا يخفي الرئيس الفرنسي من جانبه بأن بلاده تواجه أخطر أزمة صحية منذ قرن، لكنه يجعل من الصحة العامة أولويته، بل ويعمل على جمع السبعة الكبار في قمة استثنائية عبر الفيديو، الاثنين المقبل، محورها كورونا وسبل مواجهته. بشكل مختلف في حدته تُقارب بريطانيا المسألة، فرئيس وزرائها اختار العلاج بالصدمة، يهيئ بوريس جونسن البريطانيين لفقدان أحبائهم بسبب كورونا، ويرجح أن يكون العدد الفعلي للمصابين به أعلى بكثير من عدد الحالات المؤكدة، ولعل تصريحاته المثيرة للجدل ترجمت قلة الحيلة في مواجهة خطر الوباء العالمي. في الولاياتالمتحدة قد يكون التشخيص ذاته، لكن التعاطي الرسمي معه مختلف، فهنا حيث تتعالى أصوات محذرة من ارتفاع كبير في أعداد الإصابات بدا أن اعتبار السياسة قد حجب عن الناس قتامة المشهد، أو هكذا حاولت إدارة ترامب أن تفعل، حين استخفت بحديث مختصين عن فشل نظام الفحص الصحي بشأن كورونا، والآن فإن الفيروس الذي أصاب وزير العدل الأمريكي يتربص بالرئيس نفسه. لا يزال ترامب ونائبه “بنس” يقاومان دعوات لإخضاعهما لفحص كورونا بعد مخالطتهما وزيرا برازيليا تأكدت إصابته بالعدوى، مع أن الرئيس البرازيلي نفسه خضع لفحص كورونا، ولم تخضع لذلك الفحص “إيفانكا ترامب” بعد أن التقت أخيرا وزيرة الشئون الداخلية الأسترالية المصابة بكورونا. لا غرابة والحال هذه أن الديمقراطيين يوجهون انتقادا لاذعا لإدارة البيت الأبيض في الأزمة الصحية التي تضرب البلاد، لكن مرة أخرى يستثمر فيها الرئيس ترامب، حين بدا كمن يضع ضغائن السياسة جانبا، إذ عرض مساعدة إيران على مكافحة وباء كورونا إذا قبلت بذلك. “تعاطف منافق مرفوض”، هكذا ردت الخارجية الإيرانية داعية واشنطن إلى وقف ما سمته الإرهاب الاقتصادي ضد الجمهورية الإسلامية، كبار القادة هناك كانوا قد أثاروا فرضية هجوم بيولوجي عن طريق فيروس كورونا، لا تحدد طهران الجهة المهاجمة المحتملة لكن بكين تفعل، “فلعل الجيش الأمريكي”- يقول المتحدث باسم الحكومة الصينية- “هو من جلب فيروس كورونا إلى مدينة يوهان الصينية منطلق الوباء”. كورونا في بلاط الرؤساء ومؤخرا بدأت دائرة كورونا تتسع، وبدأ الفيروس تدريجيا يقترب من مراكز صنع القرار، حيث أعلن وزير الداخلية الأسترالي “بيتر دوتون” عن إصابته بفيروس كورونا عبر تغريدة على تويتر قائلا: “استيقظت اليوم بدرجة حرارة مرتفعة وحلق ملتهب وتواصلت فورا مع وزارة الصحة بكوينزلاند، حيث أجريت فحصا لفيروس كورونا، وتم إعلامي من قبل الوزارة هذا المساء بأن نتائج الفحص إيجابية، ومن سياسات وزارة الصحة أن يدخل أي شخص مصاب بكورونا إلى المستشفى وقد امتثلت لذلك”. رئيس الوزراء الكندي “جاستن ترودو” أعلن إصابة زوجته بفيروس كورونا، عبر تويتر، وقال في تغريدة: “لدي بعض الأخبار الإضافية لمشاركتها معكم هذا المساء، لسوء الحظ كانت نتائج اختبارات صوفي لكورونا إيجابية، لذلك ستكون في الحجر الصحي في الوقت الحالي، وتظل أعراضها خفيفة وهي تعتني بنفسها وتتبع نصيحة طبيبنا”. وأضاف ترودو: “أشعر أنني بخير ولا أعاني أي أعراض للفيروس، لكنني سأتبع أيضا نصيحة طبيبنا، وأستمر في العزل الذاتي في الوقت الحالي خلال هذه الفترة، كما فعلت اليوم سأستمر في العمل من المنزل، وعقد الاجتماعات عبر الفيديو، وعقد المؤتمرات عن بعد”. تصريحات صادمة وكانت تصريحات رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسن” عن فيروس كورونا، قد أثارت تفاعلات واسعة على المنصات البريطانية، وقال جونسون: إن عدد المصابين بالفيروس في بلاده يمكن أن يفوق بكثير عدد المصابين ال600 الذي تم تأكيد إصابتهم. وحذر جونسون من أن الذروة المتوقعة للفيروس لا تزال على بعد بضعة أسابيع، وأردف أن البريطانيين سيخسرون مزيدا من أحبائهم جراء نقص المناعة. بدوره انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تحت الإدارات السابقة، وقال في تغريدة على تويتر: “مركز الوقاية من الأمراض والسيطرة عليها تابع ودرس لعقود من الزمن نظام الاختبار الخاص به، لكن لم يفعل شيئا بشأنه، كان سيكون دائما غير مؤهل وبطيئا في التعامل مع وباء واسع الانتشار، لكنهم تمنوا ألا يشهدوا وباء أبدا، الرئيس أوباما عمل على تغييرات زادت الأمور تعقيدا فقط”. وأضاف ترامب، في تغريدة أخرى، “كانت استجابتهم لإنفلونزا الخنازير كارثة واسعة النطاق، حيث مات الآلاف، ولم يتم فعل أي شيء مفيد لإصلاح مشكلة الاختبار حتى الآن، تم إجراء التغييرات وسيجري الاختبار قريبا على نطاق واسع جدا، قُطع الشريط الأحمر ونحن على استعداد للانطلاق”.