في الوقت الذى تتردد فيه صرخات دول العالم من الشرق والغرب مطالبة بوقف تنفيذ أحكام الإعدام المسيسة في دولة العسكر، وفى الوقت الذى تندد فيه المنظمات الحقوقية وتشجب وتدين انتهاكات نظام العسكر وإعداماته، يواصل نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبد الفتاح السيسي إعدام الأحرار والمعارضين باتهامات ملفقة، وبأحكام قضائية مسيسة يصدرها قلة من القضاة المزورين الذين يناصرون السيسي من أجل المال والذهب، ولا يراعون ضمائرهم في تحقيق العدالة . يشار إلى أنه منذ العام 2013، عقب انقلاب عبد الفتاح السيسي على أول رئيس مدنى منتخب في تاريخ البلاد الشهيد محمد مرسي، أصدرت محاكم العسكر المئات من أحكام الإعدام، ونفذت عددا منها. من جانبها أعربت الأممالمتحدة عن قلقها من الإعدامات التي تنفذ في دولة العسكر. وقال روبرت كولفيل، المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إنّ هناك سببًا قويا للقلق من عدم اتباع سلطات العسكر الإجراءات القانونية اللائقة وضمانها محاكمات عادلة لكل الذين أُعدموا أو صدرت ضدهم أحكام بالإعدام . وأشار كولفيل إلى ثبوت أنّ التعذيب أصبح ممارسة راسخة ومتفشية في دولة العسكر، مستشهدا بنتائج تحقيق أجرته الأممالمتحدة عام 2017. ألمانيا وفي ألمانيا قال مسئول حكومي: إننا نطالب نظام العسكر بتعليق عقوبة الإعدام على الفور ووقف عمليات الإعدام بشكل عام. وعبّر المسئول الألماني عن قلق حكومته من أحكام الإعدام التي ينفذها نظام العسكر قائلا إنها ترفضها تحت أي ظرف. وأضاف أن الحكومة الألمانية ستواصل إثارة قضية الإعدامات في محادثاتها مع نظام الانقلاب، وهي على اتصال دائم مع منظمات حقوق الإنسان الدولية. محاكمات جائرة وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إن إعدامات سلطات العسكر لرافضي الانقلاب العسكرى في محاكمات جائرة لن يحقق للمواطنين المصريين السلامة والعدالة. ودعت المنظمة، في بيان لها، إلى تجميد عقوبة الإعدام فورا وإعطاء الأولوية لاستقلال القضاء وإصلاح القوانين المصرية للوفاء بالمعايير الدولية. وأشارت إلى أن هذه الأحكام ستؤدي إلى تفاقم التوترات في مجتمع منقسم . موقف حازم وندَّدت منظمة العفو الدولية بأحكام الإعدام في دولة العسكر، وقالت إن إعدام أشخاص أدينوا في محاكمات أثيرت بشأنها ادعاءات بالتعذيب لا يمثل عدالة، بل هو شاهد على الحجم الكبير للظلم في البلاد . ووصفت المنظمة هذه الأحكام بأنها تمثل “عارًا” بحق حياة الإنسان، مشيرة إلى أن هذه الإعدامات دليل صارخ على الاستخدام المتنامي لعقوبة الإعدام في دولة العسكر . وقالت نجية بونعيم، مديرة حملة المنظمة في شمال إفريقيا: إن إعدام أشخاص تعرضوا لمحاكمة شوهتها ادعاءات تحت التعذيب ليس عدلا، إنما يعد ذلك انعكاسا لحجم الظلم الذي تشهده دولة العسكر. وطالبت نجية المجتمع الدولي بالتدخل في هذه القضية، مشددة على أنه يجب ألا يقف صامتا أمام هذه الإعدامات، وطالبت دول العالم باتخاذ موقف حازم مما يجري، عبر إدانة ما تقوم به سلطات العسكر من تنفيذ أحكام الإعدام. جرأة العسكر وتوقعت سلمى أشرف، مسئولة الملف المصري في منظمة “هيومن رايتس مونيتور”، تزايد تنفيذ أحكام الإعدام بدولة العسكر خلال العام الجاري، وقارنت بين أحكام الإعدام في العام 2019، بما كان عليه المشهد في العام 2018، الذي نفذ فيه النظام عددًا منها مع تيقّنه من براءة ضحايا تلك الإعدامات ووجود أدلة قاطعة على ذلك. وأشارت إلى أن تنفيذ أحكام الإعدام سيتواصل خلال العام الجاري بحق من باتت أحكامهم نهائية، طالما استمر رد الفعل المحلي والدولي باهتا وغير مؤثر، وعدم توفر أي رادع يمنع نظام العسكر من التمادي في استهتاره بحياة الناس الذي يظهر فيما يتم من تصفيات لمختفين قسريا وأحكام إعدام بالجملة . وكشفت سلمى أشرف عن أن من الإشكاليات المنتظرة في العام الجارى انعدام فاعلية المنظمات الحقوقية، في ظل تزايد استهداف العاملين في هذا المجال بصور مختلفة، وتجاهل المجتمع الدولي ذلك، مما يزيد جرأة نظام العسكر على الاستمرار في انتهاكاته، وفي مقدمة ذلك تنفيذ أحكام الإعدام. تصفية المعارضة وقال الدكتور جمال حشمت، عضو مجلس الشعب السابق: إن نظام العسكر يبحث عن ضمان استمراره بممارسة العنف وقتل الرافضين له بكل الطرق الممكنة. وأشار حشمت، في تصريحات صحفية، إلى أن هذه الإعدامات تستهدف إرهاب الرافضين، وإشغال المصريين عما يدبر بليل لعسكرة مصر. وقال علاء عبد المنصف، مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان: إن أحكام الإعدام تأتي ضمن محاولات نظام العسكر لتصفية أي نوع من المعارضة، خاصة التي لها علاقة بثورة 25 يناير2011. وأضاف عبد المنصف، في تصريحات صحفية، أن المتابع لنظام السيسي منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013، يعلم أنه في معادلة صفرية بين نظام السيسي وقوى ثورة 25 يناير المختلفة، والتي استخدم فيها النظام كل أدواته وقواته للنيل من التيار الإسلامي، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، وبمرور الوقت طالت حالة القمع كافة شرائح المجتمع. وتوقع ارتفاع وتيرة إصدار أحكام الإعدام وتنفيذ عدد منها خلال العام الجارى، مؤكدا أنه من المنتظر أن يتفاقم “احتقان” أهالي الضحايا وعدم تقبلهم لهذا الأمر، إلا أنه من الصعب معرفة حجم وأثر ذلك على المشهد في البلاد. وأشار عبد المنصف إلى أن الدافع الأبرز لارتفاع وتيرة الإعدامات هو بعث رسائل القمع والتخويف للشارع المصري، معارضا كان أو مؤيدا، ودفع المجتمعين المحلي والدولي إلى حالة يأس كامل من حدوث أي تغير أو تبديل للواقع بدولة العسكر . وأكد أن تحرك المنظمات الدولية مقبول وله تأثير ربما لا يلحظه البعض، واستمراره مطلوب بشكل كبير، وسيكون له دور مؤثر في الحد من تفاقم ما هو مُتخوف منه كإصدار أحكام إعدام جديدة وتنفيذها. أنظمة شمولية ويرى أحمد مفرح، المدير التنفيذي لمنظمة “كوميتي فور چستس”، أن نظام العسكر يريد إرسال رسالة سياسية من وراء تنفيذ أحكام الإعدام، بأنه لا يحترم الدستور ولا القانون. وقال مفرح، في تصريحات صحفية: إن نظام العسكر بهذه الطريقة سيكون ارتكب جريمة تضاف إلى جريمة الإعدام ذاتها، إذ إن استخدام المعتقلين السياسيين- وفي المقدمة منهم المحكوم عليهم بأحكام بالإعدام لإيصال رسائل سياسية- أمر لا يتم إلا من الأنظمة الشمولية الهمجية التي لا تنتمي إلى دولة القانون، وإنما إلى دولة الغاب. منظمات حقوقية وقال خلف بيومي، مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان: إن العام 2018 كان الأسوأ في إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها، وتواصل ذلك في العام 2019، مشيرا إلى أن هناك قضايا مهمة أمام قضاة دوائر الإرهاب المعروفين بأحكامهم القاسية، مثل قضية التخابر مع حماس. وأشاد بيومى، في تصريحات صحفية، بدور المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان تجاه الأوضاع في دولة العسكر، متوقعا تزايد المواجهة بين نظام الانقلاب وتلك المؤسسات خلال العام 2020، خاصة في مضمار مواجهة تنفيذ أحكام الإعدام .