فجّر مقتل الزميلة الصحفية ميادة أشرف على يد قوات داخلية الانقلاب في عين شمس الجمعة الماضية، ملف الانتهاكات ضد الصحفيين من جديد، وسط صمت مطبق من مجلس النقابة، والذي دفع وزير الداخلية لدعوة الصحفيين إلى الوجود في محيط الأمن خلال المظاهرات والأحداث حتى يصبحوا "في مأمن" وهو ما اعتبره مراقبون إعلانا صريحا لمسئولية الداخلية عن قتل الصحفيين واستهدافهم. 10 شهداء - صمت النقابة على تصريحات وزير الداخلية استمرار للارتماء في أحضان "العسكر" منذ 25 يناير 2011 وحتى الجمعة الماضية سقط من أبناء المهنة 10 شهداء خلال تأدية عملهم، بداية من الزميل أحمد محمود الذي استشهد برصاصة في الرأس 29 يناير 2011، ثم الحسيني أبو ضيف برصاصة في الرأس ديسمبر 2012، واستشهد 8 صحفيين في أقل من شهرين من 27 يونيو حتي 20 أغسطس 2013 هم: صلاح حسن، وأحمد عاصم، وأحمد عبد الجواد، وحبيبة عبد العزيز، ومايك دين مصور سكاي نيوز، ومصعب الشامي، ثم الزميل تامر عبد الرؤوف، وآخرهم ميادة أشرف. اعتقال وملاحقة القتل والاستهداف المباشر لم يكن الانتهاك الوحيد ضد الصحفيين، حيث رصدت حركات صحفية تعرض أبناء المهنة الى ما يزيد عن 500 انتهاك منذ الانقلاب في 3 يوليو 2013 وحتى الآن، شملت بالاضافة الى سقوط الشهداء ال 10، اعتقال واحتجاز قرابة 80 صحفيًا وإعلاميًا، مع استمرار اعتقال نحو 30 منهم حاليا، وجرح وإصابة أكثر من 100 صحفي وإعلامي، وغلق 12 قناة فضائية، و10 مكاتب ومراكز إعلامية، وشبكات إخبارية، ومنع صحيفتين من الصدور، هما: الحرية والعدالة، والشعب، وارتكاب نحو مائتي واقعة اعتداء مباشر على معدات إعلامية، واحتجازها، أو تكسيرها، ومنع الزملاء من العمل، في أثناء تأديته. وشملت قائمة الانتهاكات أيضا نحو 70 حالة منع من الكتابة، واحتجاز 13 من المتحدثين الإعلاميين الحزبيين، وتعذيب 5 صحفيين وإعلاميين، وصدور 3 أحكام عسكرية بحق صحفيين وإعلاميين، فيما يُحاكم 3 آخرون حاليًا عسكريًا، ليصبح عدد المُحاكمين عسكريًا نحو 6 صحفيين وإعلاميين، بخلاف الفصل التعسفي لنحو 30 زميلا بعدد من الصحف، بحسب تقرير أصدرته حركة "صحفيون ضد الانقلاب".
ومن بين الأرقام السابقة، لُوحظ –بحسب تقرير الحركة - مقتل عضوين بالجمعية العمومية للصحفيين، هما: تامر عبدالرءوف (الأهرام)، وأحمد عبدالجواد (الأخبار)، واعتقال 5 أعضاء هم: إبراهيم الدراوي، ومحسن راضي، وأحمد سبيع، وهاني صلاح الدين، وأحمد عز الدين.. أي أن هناك 7 من أعضاء النقابة حاليا بين قتيل، ومعتقل.. فضلا عن الملاحقة الأمنية لآخرين! الصحفيون والداخلية! من جانبه، شن أحمد عبد العزيز -أمين عام حركة صحفيون ضد الانقلاب- هجومًا كاسحًا ضد تصريحات وزير الداخلية محمد إبراهيم التي خاطب فيها الصحفيين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء الأحد حول مقتل الصحفية ميادة أشرف قائلًا: "يا تبقى مأمّن نفسك يا تكون في حضن قوات الأمن لحمايتك والشرطة بريئة من دم ميادة أشرف".
وأوضح عبد العزيز أن تصريحات إبراهيم امتداد لسياسة الوزارة في القتل والبطش لكل معارضي الانقلاب، مشيرًا إلى أن عنف الداخلية امتد ليطال الصحفيين الذين يريدون كشف عورات الانقلاب في أكثر من مناسبة، مذكّرًا بما حدث مع الزميل أحمد أبو دراع ومحاكمته عسكريًا لنشره أخبارا حول ما يحدث من انتهاكات ضد لأهالي بسيناء، رغم توقيع أبو دراع على استمارة تمرد. وأضاف أن التغطية الميدانية للذكرى الثالثة للثورة في 25 يناير الماضي أسفرت عن اعتقال واحتجاز ما يقرب من 20 زميلا صحفيا، 80% منهم يعلمون في صحف تابعة أو تخدم وجهة نظر الانقلاب، مشيرًا أنهم وجهوا ذلك فقط لأنهم أرادوا نقل ما يحدث على أرض الواقع من انتهاكات بحق المتظاهرين الرافضين للانقلاب. استهداف الحرية مطالبات بتشكيل لجان تحقيق في الانتهاكات بحق الصحفيين وأكد أن ما حدث مع ميادة هو تعزيز لفكرة استهداف الصحفيين؛ لافتًا إلى أن المعركة الآن أصبحت ليس بين الداخلية ورافضي الانقلاب، بل بين الداخلية من جهة وحرية الصحافة من جهة أخرى. وأشار إلى أن تصريحات الوزير كذب، ومحاولة للتملص من مسئولية قتل ميادة بشهادة زملائها، مؤكدًا أن ما جاء في المؤتمر محاولة للتغطية على الجرائم، ورسالة من قيادات الداخلية للصحفيين مفادها "إما أن تكون معنا وترتمي في أحضاننا وتفعل ما نمليه عليك، أو اذا أردت أن تنحاز للحقيقة فسيكون مصيرك القتل".
وانتقد عبد العزيز موقف النقابة وصمتها حيال تلك التصريحات التي تخطت الحدود، ولكنه استدرك قائلًا: "إذا كانت النقابة قد صمتت على القتل والاعتقال لأعضائها وأبناء المهنة.. فهل ستنتفض لتلك التصريحات؟!!". "عسكرة" النقابة واتهم أمين عام حركة صحفيون ضد الانقلاب مجلس النقابة الحالي بالارتماء في أحضان العسكر، مؤكدًا انه في السابق كانت النقابة تواجه أزمة "تسيسيها" ولكن المجلس الحالي جعل أبناء المهنة يواجهون أزمة "عسكرتها" بالتماهي مع الشئون المعنوية. وقال: "مجلس انحاز لإرادة العسكر وسياساتهم لا يمكن أن يجرؤا على انتقاد تصريحات وزير الداخلية، فالنقيب والمجلس الحالي أسقطوا فكرة الدفاع عن الزملاء وميثاق الشرف الصحفي، وأعلوا من قيمة المصالح"، موضحًا أن المسئولية الآن أصبحت على عاتق الجمعية العمومية التي عليها أن تجتمع بشكل طارئ ومكثف لوضع حد للمهازل التي تتعرض لها المهنة. ودعا عبد العزيز النقيب وأعضاء المجلس الى وقفة مصارحة مع النفس لمرة واحدة منذ 9 أشهر، وادراك أنهم صحفيون وليس جزءا من نظام عسكري. لجنة تحقيق بدوره، قال علي القماش -رئيس لجنة الأداء النقابي بنقابة الصحفيين-: إن الصحفيين أصبحوا مستهدفين بصورة واضحة، مطالبًا بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة تتولى مهمة التحقيق في كافة الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون، على أن تكون النقابة طرفًا فيها حتى لا تضغط الجهات الأمنية على الشهود لتغيير أقوالهم. وأضاف القماش –في تصريحات خاصة لبوابة الحرية والعدالة – أن كثيرا من الصحفيين ليس لهم انتماءات سياسية، ولكنهم انحازوا للمهنة وللعمل والتغطية الميدانية للوقوف على الحقيقة من قلب الأحداث، مشددًا أن النقابة يتوجب عليها توفير الحماية الخاصة والتأمين العالي لهم. وأوضح أن الحديث عن السترات الواقية "كلام مكرر وليس بجديد" رغم أهميته، الا أن الأهم هو تعامل النقابة بحياد مع كافة الصحفيين.