قانونيون: إعادة تشكيل لجنة استعادة الأموال المهربة بداية جادة لمشوار طويل وزير الشئون القانونية ل"الحرية والعدالة": مشروع قانون يعطى للجنة الجديدة صلاحيات أوسع د. محمد جودة: استعادة ثروات الشعب المنهوبة تدفع قطار التنمية د. أحمد رفعت: أداء "لجنة الجوهرى" كان دعائيا.. والوفود الشعبية ليست كافية أشاد قانونيون واقتصاديون بقرار الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، بإعادة تشكيل لجنة استرداد الأموال المهربة للخارج، حيث تضمن القرار تدعيم اللجنة بعناصر مصرفية وسياسية وشعبية. كان "قنديل" عقد اجتماعا أول أمس بمقر مجلس الوزراء، بحضور وزراء المالية والعدل والشئون القانونية والتخطيط، وأكد قنديل أن الحكومة جادة فى استرداد الأموال المهربة بكل الطرق والوسائل القانونية. وأكد خبراء القانون أن إعادة تشكيل لجنة استعادة الأموال المصرية المهربة هى خطوة جادة على صعيد العمل الجاد والصحيح خلال المرحلة المقبلة، مؤكدين أن عمل اللجنة -بالتشكيل الذى كشف عنه أول أمس؛ بأن تضم دبلوماسيين، وعناصر قضائية، وشخصيات شعبية- سوف يساهم بشكل فعال فى استعادة كامل هذه الأموال. فمن جهته، كشف د. محمد محسوب -وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية- ل"الحرية والعدالة" أن هناك مشروع قانون يتم إعداده لتفعيل دور اللجنة الجديدة لاستعادة الأموال المصرية المهربة بالخارج، من خلال إعطائها صلاحيات أكبر من التى منحت للجنة السابقة، حيث سيحق للجنة الجديدة سلطة الاطلاع على أى أوراق فى أى جهة، وإجراء التحقيقات مع أى مسئول للحصول على معلومات تفيد فى استرداد هذه الأموال، وكذلك إحالة أى من يمتنع عن التعاون أو يحجب أوراق تدخل فى عمل اللجنة إلى النيابة العامة. وقال: إن وزارة الشئون القانونية والمجالس النيابية سوف تكون الغطاء التى تعمل من خلاله اللجنة الجديدة، كما سيتم توفير المقرات والمبانى الإدارية لتهيئة عملها بشكل مبسط خلال الفترة المقبلة، ويتوقع أن تبدأ اللجنة الجديدة فى جنى ثمارها بعد أسابيع من توليها مهام عملها. وأضاف محسوب: إن اللجنة الجديدة ستتكون من دبلوماسيين فى كل دولة تدخل فى هذا النزاع، وكذلك قضاة، وشخصيات شعبية تحوز على قبول الشارع المصرى، مشيرا إلى أن عمل اللجنة بهذه التوليفة سوف يساهم بشكل كبير فى استرداد كامل هذه الأموال، كما أن اللجنة سوف تعمل فى ثلاثة اتجاهات؛ حول العمل الدبلوماسى والقضائى والشعبى. وأكد أن إعادة تشكيل لجنة استعادة الأموال المصرية المهربة بالخارج سيطبق بقرار يصدره الرئيس محمد مرسى، لافتا إلى أن د. هشام قنديل -رئيس الوزراء- بحث مع الوزراء المعنيين أسرع الطرق لاسترداد هذه الأموال المنهوبة. من جانبه، أشاد د. محمد جودة -الخبير الاقتصادى، وعضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة- بمبادرة رئيس الوزراء هشام قنديل فى إعادة تشكيل اللجنة المعنية بالعمل على استعادة أموال مصر المهربة بالخارج. وقال جودة -فى تصريح خاص ل"الحرية والعدالة"-: إن حجم الأموال المهربة للخارج خلال فترة عهد الرئيس المخلوع مبارك تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، مؤكدا أن مصر لها كل الحق فى استعادتها، لا سيما أن القانون الدولى يعطى مصر الحق فى ذلك. وأكد أن الحكومات السابقة تراخت فى دعم هذه اللجنة، وهو ما أدى إلى تأخر عودة هذه الأموال حتى الآن، مشيرا إلى أن عودتها خلال هذه الفترة يسهم بشكل كبير فى دفع قطار التنمية، وستكون درسا لكل من تسول له نفسه سرقة المال العام للشعب المصرى وتهريبه للخارج. وأضاف أن هناك أحكاما ضد المتورطين فى تهريب أموال مصر للخارج، فضلا عن أن أغلبهم له قضايا فى إسبانيا وقبرص وغيرهما من البلاد الأوروبية، مطالبا بضرورة تحرك مصر فى هذا الملف. وشدد على أهمية دعم اللجنة المنوطة باسترجاع الأموال من الخارج، بكافة وسائل الدعم المادى والمهنى، على أن تنطلق هذه اللجنة الجديدة من حيث انطلقت اللجنة الأولى التى كانت مشكلة فى عهد الحكومات السابقة. بدوره، قال د. صلاح صادق -أستاذ القانون-: إن إعادة تشكيل لجنة استعادة الأموال المصرية المهربة بالخارج خطوة جيدة على صعيد العمل الجاد لاسترداد هذه الأموال المنهوبة، والتى تم تحويلها إلى الخارج. وأضاف صادق: إن هناك اتفاقيات دولية متعددة تتيح تبادل المعلومات لضبط هذه الأموال وآخرها اتفاقية مكافحة الفساد التى صدرت عام 2003 عن الأممالمتحدة، والتى تتحدث عن غسيل الأموال والأموال المهربة، وكيفية تتبعها عبر الكشف عن الحسابات فى المصارف الدولية. وأكد صادق أن مصر دولة كبيرة، وتملك من الكوادر القانونية المتخصصة الكثيرين، ولا يليق بها أسلوب الارتجال فى معالجة قضية الأموال المهربة، واتباع الطرق القانونية هو الطريق الأقصر للوصول إليها مهما امتدت المدة الزمنية التى تحتاج إليها هذه الإجراءات. وأشار إلى أن سويسرا ليست الدولة الوحيدة فى العالم المتهمة بتسهيل تهريب الأموال، ولكنّ هناك دولا متعددة تتهم بذلك بسبب سياساتها المصرفية، التى تتيح السرية، وحرية التحويل للأموال بغض النظر عن الرقابة المصرفية عليها. أما د. أحمد رفعت -أستاذ القانون الدولى، ورئيس جامعة بنى سويف سابقا- فيرى أن أداء اللجنة الماضية برئاسة المستشار الجوهرى كان دعائيا، ولم يرق إلى مستوى الأهداف المطلوبة، ذلك بأن عملية استرداد الأموال فى الخارج معقدة بوجه عام وتخضع لاعتبارات قانونية وسياسية وعلوم مصرفية. ووصف رفعت اللجنة الرسمية بالضعف لعدم امتلاكها سلطات كافية تدعم موقفها فى التفاوض، بالإضافة إلى افتقار أعضائها للخبرة الكافية، أما الوفد الشعبى الذى اتجه عدة مرات إلى الدول التى جمدت الأموال المصرية فى بنوكها، وأهمها سويسرا وإنجلترا، فكان يستهدف الضغط الشعبى على حكومات هذه الدول وعرض القضية لكسب التعاطف فى ظل الثورة المصرية التى نالت احترام العالم، ولم يكن هذا كافيا على الصعيدين الرسمى والشعبى للمضى قدما فى سبيل استرداد الأموال. وأضاف أن مصر لم تستطع من قبل الحصول على أموال تم تهريبها مثل أموال الريان أو أشرف السعد. وهناك أيضا الكثير من القضايا المشابهة لأموال الفلبين وبيرو وشيلى، استغرقت ما يزيد عن عشر سنوات، وغالبا ما يتم الحصول على جزء من الأموال، وذلك لصعوبة الإجراءات البنكية، وإثبات أن هذه الأموال تم الحصول عليها بطريقة غير شرعية، فضلا عن الالتزامات البنكية التى تمنع الكشف عن الأرصدة بسهولة. وأكد رفعت أن اللجنة الجديدة لا بد أن تضم خبرات قضائية وسياسية ومصرفية واقتصادية، حيث تستطيع متابعة هذه الأموال، وتقوم بالاتصال بمكاتب أوروبية متخصصة فى تقصى الحقائق حول الأموال ومتابعتها مقابل نسبة يتم الاتفاق عليها، وأن تعمل اللجنة فى سرية، بعيدا عن التصريحات الإعلامية والوعود بما يؤدى إلى تناثر الأرقام على صفحات الجرائد، وفى برامج "التوك شو"، والمبالغات المتخمة بالأصفار، والحديث عن نصيب كل فرد بما لا يمثل شيئا من الحقيقة. أما د. برهام عطا الله -أستاذ القانون الدولى بجامعة الإسكندرية- فيرى أن هذا العمل يتطلب جهدا مستمرا وكفاحا كبيرا، لأنها عملية طويلة الأجل، غير أن لجنة استرداد الأموال فى نسختها السابقة أدوت دورها مثل الموظفين، وعقدت الاجتماعات من آن لآخر، وأعدت الكثير من التقارير، وكان يبدو أن هذا كل شىء. وأضاف عطا الله أنه من خلال متابعة التشريعات والقوانين السويسرية، وإذا توافرت إرادة سياسية قوية من قبل الحكومة المصرية تستطيع تدعيم اللجنة وإعطائها صلاحيات تجعل أعضاءها يتجاوزون دور الموظف إلى دور المفاوض، وإثبات أنه كان نظاما إجراميا جمع هذه الأموال بطرق غير شرعية، عندئذ يمكن استردادها كما حدث من قبل فى قضية مشابهة مع نيجيريا.