ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية الشهيرة- في تحليل لها- أن الليبراليين خسروا بشدة في مرحلة ما بعد الثورة في الحصول على السلطة، مضيفة أنهم في حالة إنكار عميق لهذا الفشل، ويبررون عدم قدرتهم على كسب ثقة المصريين، بنظريات المؤامرة وزعمهم بأن الولاياتالمتحدة تدعم الإسلاميين للوصول إلى الحكم. وأضاف شادي حميد- مدير الأبحاث بمركز بروكنجز الدوحة في تحليله- أن عددًا من رموز السياسة الليبرالية واليسارية في مصر زعموا أن الولاياتالمتحدة تدعم الإسلاميين بعد أن وصل الرئيس محمد مرسي إلى رئاسة البلاد عبر انتخابات حرة ونزيهة، مشيرًا إلى أن هذه المزاعم التي وصفها ب "السخيفة" تتناقض مع قواعد الليبرالية، وحتى معارضة الحكم الديمقراطي. وحذر حميد مما وصفه ب "ديكتاتورية الليبراليين" التي تهدد الديمقراطية الوليدة بمصر، مشيرًا إلى مزاعم المرشح السابق أبو العز الحريري بأن إدارة أوباما تؤيد الإخوان المسلمين لإنشاء حكومة دينية تتخذها واشنطن ذريعة لغزو مصر على غرار غزو العراق!!. وسخر حميد من مزاعم الحريري ووصفها بأنها تفتقر إلى الإبداع ولا ترقى للرد عليها، مضيفًا أن السياسي عماد جاد من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لم يفته أن يشارك في هذه المزاعم بادعائه أن الولاياتالمتحدة تعمل من أجل تمكين قوى الإسلام السياسي للسيطرة على مؤسسات الدولة المصرية!!. لافتًا إلى تصريحات جاد التي يدعو فيها إلى استمرار الحكم العسكري، بما يتناقض مع الديمقراطية والليبرالية التي يدعي جاد أنه ممثل لها، عندما صرح لصحيفة "نيويورك تايمز الأمريكية" قائلًا "إذا عاد المجلس العسكري إلى ثكناته سيسيطر الإخوان المسلمين على كل شيء". وأضاف حميد أن الجماعات والأحزاب المعادية لجماعة الإخوان المسلمين لجأت إلى الزعم بأن الولاياتالمتحدة دعمت الرئيس محمد مرسي، وذلك بعد الإعلان رسميًّا عن فوزه في الانتخابات الرئاسية لتبرير فشل هذه التيارات في الوصول على الحكم، مشيرًا إلى أن هذه الجماعات والأحزاب لم تقدم أي دليل واحد على ادعاءاتها ومزاعمها. وتابع حميد أن جماعة الإخوان المسلمين هي أكبر وأفضل تنظيم سياسي في مصر، فمن الطبيعي أن تتصدر المشهد بعد التحول الديمقراطي الذي تشهده البلاد منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع، مشيرًا إلى مزيد من الديمقراطية في مصر سيحق تواجد أكبر لتيارات الإسلام السياسي، لما لها من وجود في الشارع المصري بعكس التيار الليبرالي الذي يفتقر إلى أرضية قوية بين المصريين. ولفت حميد إلى أن حزب العدالة والتنمية في تركيا كان يواجه رد فعل عنيف من جانب الليبراليين مثلما يحدث في مصر، حيث اعتمدت الأحزاب العلمانية والمعارضة التركية نفس النهج الذي يقوم به الليبراليون المصريون بمقاومة العديد من الإصلاحات التي يقوم بها حزب العدالة والتنمية التركي، مشيرًا إلى أن المؤسسة العسكرية التركية وظفت الخطاب المعادي للغرب ونظريات المؤامرة ضد توجهات حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي كان يسعى لتقليص سيطرة الجيش على السياسة في تركيا. ونقل التحليل عن روجر كوهين- المحلل السياسي بصحيفة "نيويورك تايمز"- قوله: "نظريات المؤامرة هي الملجأ النهائي للضعفاء" موضحًا أن الليبراليين يفسرون صعود خصومهم الإسلاميين بتدخل "الأيادي الأجنبية". وقال حميد في نهاية تحليله: إن المفارقة تظهر في إعلان إدارة أوباماع ن استعدادها للعمل مع الإسلاميين، إلا أن الولاياتالمتحدة نفسها تشعر بالقلق على مصالحها الحيوية، بعدما فقدت حلفاءها في المنطقة، إلا أن حفاظها على ماء الوجه باعتبارها الداعمة للديمقراطية يفرض على واشنطن أن تدعم التحولات الديمقراطية في دول الربيع العربي.