فارق كبير بين شخص من المفترض أنه من الصفوة يقول "إحنا مبنخلصش" ليغلق الباب على قضية مستمرة في كشف عوراته و"إحنا مبنخلصش" التي جاءت في بيان أولتراس أهلاوي. وما يحزن أن الصفوة في الكرة المصرية أغلبهم فاسدين كل ما يهمهم عودة الحياة ل"مجاريها" لغلق باب قضية مستمرة من سبع أشهر أطاحت بوزراء وإدارتين مختلفتين لاتحاد الكرة، ولكن هؤلاء أدركوا بالأمس أن مجاري عن مجاري تفرق. في رأيي جاء بيان الأولتراس بعد اقتحام مقر اتحاد الكرة متوازنا ومرضيا لأغلب من "تفرق معاهم القضية بجد" وليس المطبلاتية، وإن كنت غير مرحب بعملية الاقتحام في الأساس، ولكن الثورة مذاهب. فقد أكون غير راضيا عن ما حدث في الجبلاية، ولكني لن ألوم يوما المظلوم على رد فعله؛ فالأولى أن ألوم الظالم الذي افترى ونهب وشارك في القتل وفي النهاية تاجر بدماء من ذهبت أرواحهم لخالقها. فالكرة المصرية حقا تحتاج إلى ثورة كما قال بيان الأولتراس ولا ينكر ذلك إلا صاحب المصلحة من الفساد أو من يعاني قصر النظر، والأخير عليه أن يشاهد تسجيلا لكمية الدموع الزائفة في جنازة الجنرال محمود الجوهري رحمه الله. كيف يستمر عزمي مجاهد في موقعه كمتحدث باسم اتحاد الكرة وهو ليس له في الإعلام ولا حتى الكرة؟ كيف يخرج علينا مسؤول ليقول "اللي يعرف يعمل حاجة يعملها" وفي ذلك استفزاز صريح لمن قلبهم يحترق يوما بعد يوم على فقدان أعز أصدقائهم؟. كيف يرى مسؤول أن تسمية إطلاق اسم "دوري الشهداء" على الموسم الجديد يكفي ليشفي صدور أمهات فقدت أعز ما تملك؟. من يحاسب أيها العقلاء الداعي للعنف أم من نستفزه يوميا بمحاكمات هزلية واتهامات باطلة وقرارات مسكنة للألم ولا تشفي؟. ولا استثني من ضمن هؤلاء مجلس إدارة الأهلي الذي ظن أن حساب في البنك واسم جديد لصالة الألعاب للنادي يكفي لإعادة حقوق جماهيره التي طالما أرهقت حناجرها في الهتاف باسمها، فلو حقا كان تستحق إدارة الأهلي أن يزهق من أجل تشجيع فريقها 74 روحا لكانت أول من ترفض الاشتراك في الدوري. فالإدارة تعللت بعد الحادث بعقاب من الكاف إذا انسحب الفريق من دوري أبطال إفريقيا وقبلت الجماهير تقديرا لاسم النادي .. ولكن ماذا قدمت الإدارة لتقنع الجماهير بالمشاركة في الدوري وتقبل الذهاب مرة أخرى للمدرجات؟. فإذا كانت مشاركة المصري في الدوري الموسم المقبل مستحيلة لأن مشاهدة لاعبيه ورؤية جماهيره هتقلب على الناس المواجع .. فرؤية الأهلي "اللي لسة مجابش تاره" يلعب في الدوري ألعن. ولأن القضية فقط حقا هي ما تعني الأولتراس، لم استعجب أن البعض هدد بمهاجمة لاعبيهم أنفسهم إذا ما تخلوا عن الشهداء وقرروا المشاركة في الدوري، وهذا قد يفاجأ فقط من هاجم الأولتراس واعتبرهم "شوية عيال" بتتسلى في المدرجات. وما يزيد الطين بلة التغطية الإعلامية لما حدث أمام الجبلاية .. فبالطبع اهتم المطبلاتية بالاتصال باللي هيعيط وينوح على حال الكرة المصرية لترتفع السخونة وتزداد نسبة المشاهدة ولم يفكر بالطبع أحدهم في إيصال رأي الأولتراس للناس خوفا من إحراج متوقع. شوبير فاجئ مشاهديه في برنامجه أن موقفه من الأولتراس وصل به إلى حد الجنون وقال "اللي يجننك ان فيه ناس كتير بتأيدهم وبتشتمنا". وأظن أن الحالة زادت سوء بعد بيان أولتراس الإسماعيلي الذي تضامن فيه مع مطالب الجماهير الأهلاوية للمرة الأولى في التاريخ. ولكن على شوبير أن يجيب على عدد من الأسئلة قبل أن يسأل لماذا يشتمه الأولتراس .. كيف تطلب منهم أن يؤيدوا من أرسل مراسل برنامجه ليندس وسطهم ويتعرف على خصوصياتهم كصديق وواحد منهم وفي النهاية يسرق صورهم ليذيعها في برنامجه؟. كيف تطلب منهم أن يؤيدوا من أذاع صورهم بدون وجه حق على أنهم حشاشين وشواذ جنسيا ومختلين عقليا ليقدم حلقة مثيرة هي في وجهة نظره فقط سبق إعلامي؟. كيف تطلب منهم أن يؤيدوا من ظل يصرخ ويبكي بطريقة تمثيلية سخيفة عقب مأساة بورسعيد تضامنا معهم وانقلب في النهاية عليهم عندما تبدلت الأحوال وأصبحت مصلحته في كرسي الاتحاد؟. وانتظر الآن بفارغ الصبر أن يدعم أولتراس المصري أشقائهم الأهلاوية في مطالبهم والتي أراها لا تختلف عن مطالبهم في الفترة الماضية ومهاجمتهم للقائمين على الكرة المصرية والإعلاميين حتى وإن اختلفت قناعاتهم. انتظر أن ترفض بورسعيد دعم هاني أبو ريدة في انتخابات اتحاد الكرة لأن قائمته تضم شوبير الذي كان قبل سبعة أشهر في رأيهم كارها وحاقدا على مدينتهم. الخلاصة .. في أفلامنا العربية نصفق في مشهد النهاية للبطل الذي ينتقم لمقتل صديقه أو زوجته أو من هتك عرض أخته حتى لو كان مصيره السجن أو حتى الإعدام وفي واقعنا نحكم عليه أن يعيش مذلولا معقد نفسيا حتى بعدما رضي بقصاص عادل عن طريق القضاء.