"استاد السلام دليل جديد على قدرة القوات المسلحة على قيادة البلاد" هكذا علق محمود بكر على مباراة الأهلي والإنتاج الحربي وهكذا تستخدم الرياضة في السياسة. وقبل شهر تقريبا، هتف الآلاف من مجموعة "أولتراس أهلاوي" ضد المجلس العسكري بسبب مقتل أحد شباب المجموعة في التحرير، وهو ما لاقى استهجانا من معظم المعلقين والمحللين عقب المباراة. وما بين المشهدين، اقتحمت جماهير المحلة ملعبها اعتراضا على احتساب هدف للأهلي وسط سباب متواصل من المعلقين ضد هؤلاء المواطنين وندب الحال على الأمن والأمان وتكرير عبارات من نوعية "آدي اللي خدناه من الثورة". انتظر، لا أطالب بعدم إقحام الكرة في السياسة كما يدعي ويتغنى البعض زورا إيمانا مني بأن الحديث في السياسة هو حق لكل مواطن مصري إيا كان عمله وحرية تعبيره بالكامل عن آرائه في أي مكان وزمان. ولكني أرغب من جميع من يطلق عليهم "معلقين ومحللين وخبراء" أن يفهموا أن أولى خطوات الحرية التي تطلبها الثورة هو تقبل وعرض جميع وجهات النظر دون المصادرة على آراء الآخرين أو التوجيه لوجهة نظر محددة. وللتفسير، فخلال واقعة هتافات أولتراس أهلاوي في استاد القاهرة ذكر أغلب المعلقين أن هذا غير مقبول لأن الاستاد هو مكان لممارسة الرياضة فقط ولا داعي لخلط السياسة بالرياضة. أما تعليقات محمود بكر وأحمد شوبير ومدحت شلبي على اقتحام المحلة وروعة استادات الجيش فجاءت جميعها لتخلط ما يحدث في الشارع من انفلات أمني أو فراغ سياسي بملاعب كرة القدم دون دراية أو لتحقيق أهداف غامضة. لذا فدعونا نتذكر كيف بدأ استخدام السياسة في الرياضة وبمباركة نفس الوجوه الحالية، وكيف كانوا ينسبون كل انتصار للمنتخب لفضل السيد الرئيس "راعي الرياضة والرياضيين".
فالجميع يذكر كيف كانت تلك القنوات تتكالب للحصول على تسجيل لنجل الرئيس المخلوع في الاستاد وتلميعه في الاحتفالات وفي الخلفية هتافات "زي ما قال الريس منتخب مصر كويس". فالجميع يذكر كيف كانت تلك القنوات تتكالب للحصول على تسجيل لنجل الرئيس المخلوع في الاستاد وتلميعه في الاحتفالات وفي الخلفية هتافات "زي ما قال الريس منتخب مصر كويس". وكيف استخدم هذا الإعلام في الترويج لزيارة المنتخب بالكامل بأعضاء اتحاد الكرة وجهازه الفني لمصنع سيراميك خاص بأحد رجال أعمال الحزب الوطني لتلميعه قبل انتخابات البرلمان 2010. وكيف كان هؤلاء يتزاحمون على الحصول على صورة مع القيادة السياسية للنظام السابق أو نيل شرف مداخلة هاتفية مع أحد المسؤولين للحصول على البركة، أفلا يخجلون. ألم يكن هذا خلطا للكرة بالسياسة يا سادة، ألم يكن توجيها صريحا ودعاية سياسية رخيصة للضحك على الشعب المصري وتزييف وعيه وإرادته. ألا يعرف هؤلاء أن الناس أصبحت تفهم أن نصائحهم باتت مجروحة ومحل شك، وأن الكثيرون يعرفون كيف وصل هؤلاء إلى تلك المكانة ومن فتح لهم القنوات ومنحهم مساحات الظهور ومازال يدعمهم. لا أريد أن يبتعد هؤلاء عن التحدث في السياسة فهم مصريون لهم الحق في التعبير عن آرائهم، ولكن عليهم ألا يصادروا على آراء غيرهم ويدعون أن هذا خلط للأوراق، فأنتم من ابتدع الخلط واللعب بالأوراق. وعليهم أن يفهموا أن جيل الشباب لم يعد فقط قادراً على التظاهر والاعتصام والتصدي للفساد، ولكنه يفهم من يحاول خداعه بأساليب عفى عليه الزمن بثقافات مثل تزييف الحقائق ولوم الضحية. ملحوظة أخيرة: قدرة المؤسسة العسكرية على تشييد استادات وطرق وكباري أو حفظ النظام بداخلها لا يعني على الإطلاق قدرتها على القيادة السياسية للبلاد، ومهما كانت عزيزة على قلوبنا لأنها منا فهي ليست فوق الانتقاد في العمل السياسي.