بالنسبة لجمهور الأهلي العادي هي جمعة الحسم في التأهل لنصف نهائي إفريقيا، وللمشجع "الأولترا" فإنها جمعة حسم السيطرة على المدرج، أما للشرطة فهي جمعة حسم المكانة والتواجد. فإلى أين يأخذنا ذلك المشهد؟ فالدقائق ال90 يوم الجمعة بين الأهلي والترجي التونسي قد تكون قنبلة على وشك الانفجار. أولا لأنها تجمع بين طرفي أزمة سياسية واجتماعية وحقوقية يصر من يرغب في التعامل معها على الحل الأمني، وثانيا لأنها تحمل أكثر من عنصر يساعد على سرعة الاشتعال. هذا الاشتعال قد يحدث بسبب نتيجة سلبية تطيح بالأهلي من البطولة، أو قد يكون بسبب هتافات سواء من الأولتراس أو باقي الجماهير المشحونة ضد الشرطة، أو من إفراط في استخدام القوة من جانب الأمن المركزي تجاه المشجعين. وإذا كان المشجع العادي من الممكن أن يتم السيطرة على غضبه بسبب هزيمة أو تعادل، فإن فريقي الأمن والأولتراس يذهبان إلى الاستاد يوم الجمعة ولكل منهما أجندته الخاصة للتعامل مع اليوم، بخلاف التشجيع أو تأمين المباراة نفسها. ف"أولتراس أهلاوي" كانوا عرضة لهجوم بدني عنيف من قبل الشرطة في لقاء كيما أسوان، أعقبه هجوم نفسي ومعنوي عنيف في جميع وسائل الإعلام من دون أن تقدم أيها دليلا على بدء المجموعة بالعنف تجاه الشرطة. على العكس، أظهرت جميع مقاطع الفيديو من المباراة لاحقا أن هجوم الأمن المركزي كان فعلا وليس رد فعل، إلا إذا كنت ممن يظنون أن السباب والألفاظ النابية – مع رفضه أخلاقيا – هو مبرر كي تسلك قوات نظامية مدربة على القتال مسلكا عنيفا تجاه شباب كثير منهم لم يبلغ السن القانونية لاستخراج رخصة قيادة! والعنف المفرط من الشرطة قاعدة وليس استثناء، وتعرضت له "أولتراس وايت نايتس" أيضا في أكثر من مناسبة أخرها لقاء وادي دجلة في أخر لقاءات الدوري في الموسم الماضي، ولن أستفيض في الحديث عن أرشيف الشرطة في مواجهة الجمهور بعدما طرحه صديقي نصري عصمت بإبداع في أحدث مقالاته. ولكن الجديد أن الشرطة تدخل المباراة بعد "زفة" الأولتراس يوم الجمعة الماضي حول وزارة الداخلية، والتي كرروا فيها جميع الهتافات المضادة للشرطة على أسماع جميع قياداتها وضباطها وجنودها، ما يعمق من حقيقة أن الأمر أصبح ثأريا بين الجانبين. يدخلون المباراة أيضا مدعومين أيضا بإعادة تفعيل قانون الطوارئ (الذي لم يتم إبطاله من الأساس) وتصريحات من وزير الداخلية منصور العيسوي بأن العنف سيكون هو الرد الوحيد على من يحاول التعرض لمنشآت الداخلية أو أفرادها.
بعضهم يدعو إلى إقامة المباراة بدون جمهور وهو ما سيقابل بالطبع باستياء من الأهلي ومشجعيه الذين يرغبون في مساندة الفريق في هذا اللقاء الصعب. هناك اقتراح بمنع دخول الأولتراس أو تحجيم عددهم، وهو إجراء قد يكون سببا في اشتعال أزمة بدلا من أن يحلها الأولتراس من جانب أخر يركضون خلف المقبوض عليهم من جانب الشرطة حينا، ويطمئنون على مصابيهم أحيانا، ويحضرون للقاء بقدر كبير من الشحن المعنوي بعد أحداث لقاء الكأس إضافة إلى الدفعة التي حصلوا عليها من استقبالهم بحرارة وتأييد من الناشطين السياسيين في الجمعة الماضية. هم عاقدون العزم على إثبات أنهم أولا مجموعة لا تبادر إلى العنف، وثانيا أنهم أصحاب الحق الأصيل والطبيعي في مدرجات الاستاد وليست قوات الأمن التي ترغب في ترويضهم بدلا من تأمينهم. احتمالات الاصطدام كبيرة، وكالعادة المسؤولين عن الأمر إما غير متنبهين أو يفكرون وحدهم في حجراتهم المظلمة بدون إطلاع الجمهور أو الإعلام على ما يجري دراسته أو إعداده. بعضهم يدعو إلى إقامة المباراة بدون جمهور وهو ما سيقابل بالطبع باستياء من الأهلي ومشجعيه الذين يرغبون في مساندة الفريق في هذا اللقاء الصعب. هناك اقتراح بمنع دخول الأولتراس أو تحجيم عددهم، وهو إجراء قد يكون سببا في اشتعال أزمة بدلا من أن يحلها. أخرون يرون نقله إلى الكلية الحربية مثلا حيث العدد أقل، والسيطرة أكبر، والمنشأة أكثر تأمينا كما يوجد أيضا من يرى عدم التدخل وترك الأمور تجري على طبيعتها، مراهنين على تعامل أكثر عقلانية من الشرطة ورغبة الأولتراس في نفي عن نفسهم تهمة الشغب والعنف. في جميع الأحوال، الجمعة ستكون صعبة، لاسيما في ظل حالة الاستنفار الأمني تحسبا لمسيرات أخرى في شوارع القاهرة، إضافة إلى الإضراب العام المعتزم القيام به السبت، والأعداد الكبيرة المتوقع حضورها المباراة والتي قد تزيد على 40 أو 50 ألف مشجع. التخطيط مطلوب، ووضع سيناريوهات مختلفة لما يمكن أن يحدث وكيفية التعامل معه. فالشرطة يكفيها سخط قطاعات كبيرة من المصريين إما بسبب أساليبهم غير المقبولة أو الفراغ الأمني الواضح ، والجمهور بيده الآن رسم ملامح مستقبل الكرة المحلية في الموسم الجديد، والذي يتنبأ كثيرون باستحالة استكماله. خارج السياق سعدت كثيرا بتفاعل FilGoalers الأعزاء مع الحلقتين الماضيتين من تحليل الوضع الحالي لأرسنال في إنجلترا وأوروبا، وبسؤالهم عن ميعاد نشر الحلقة الثالثة، والتي أرجأتها للأسبوع المقبل ان شاء الله.