يطالبون بحبسهم وسحلهم وربما ضربهم بيد من حديد تحت مسميات "الحفاظ على حال البلد" أو "لا للمزيد من الانفلات الأمني"، ولكنهم لا يعلمون أنهم بذلك يهدرون طاقة بشرية رهيبة كامنة في نفوسهم. شباب الألتراس، أصبحوا حائطا مائلا يستخدمه العديد من مدعي حب الوطن أو ربما يحبونه فعلا لإظهار مدى خوفهم - مزعوما كانا أو حقيقيا - على مصر. فتجد الحناجر تلتهب مطالبة باستخدام العنف غير المشروط معهم بحجة "دول ملهومش كبير" أو "لازم يكونوا عبرة لمن لا يعتبر"، والحساب يجمع عند المتابعين الذين سيقابلون كل هذا بالإشادة بكلمات من طراز "راجل والله" و "اديهم كمان خليهم يتربوا". وما يزيد الطين بلة، التوجه الإعلامي الذي يهدف لإظهار شباب الألتراس بمختلف انتمائتهم على أنهم بلطجية ومتعصبين ومصدر رئيسي للعنف في البلاد. ولا أعلم لماذا لم يسأل أحد المسؤولين نفسه – كيف يتم الاستفادة من تلك الطاقة البشرية الرهيبة – بدلا من التفنن في إهدارها؟ الحلول تظهر بسيطة ولكنها تحتاج لقرارات شجاعة فقبل الحديث عن أي شئ يجب أولا الاعتراف بكيان الألتراس وقاعدته الواسعة التي جعلت الجماهير الغير منضمة لهم تلتف حوله. فدائما ما كان قادتنا يقعون في خطأ عدم الاعتراف بالكيانات التي يواجهونها، وهو الأمر الذي تسبب على المستوى السياسي في هزيمة العرب – مصر وسوريا ولبنان – أمام إسرائيل في ثلاثة حروب. ضرورة الاعتراف بكيان الألتراس ستجبر مسؤولينا على النزول من أبراجهم العالية والتحاور مع شباب - كان لهم دور بارز في إنجاح ثورة 25 يناير – من أجل مصلحة الوطن. فالطاقات البشرية لأفراد الألتراس طاقات فردية وعشوائية ورغم تميزها بالأبداع إلا أن عدم توظيفها ضمن منظومة عمل متكاملة لا يجعلها منتجة. فشاب الألتراس الذي يظل ثلاثة أيام يرسم على الحائط لتكون النتيجة "جرافيتي" مبهر ،يمكن استخدام إبداعه لتزيين الحوائط القبيحة التي تملأ جنبات جمهورية مصر العربية.
ضرورة الاعتراف بكيان الألتراس ستجبر مسؤولينا على النزول من أبراجهم العالية والتحاور مع شباب - كان لهم دور بارز في إنجاح ثورة 25 يناير – من أجل مصلحة الوطن. حتى على الصعيد الأمني، قد يفيد الألتراس في تأمين مناطقهم من بطش البلطجية تحت إشراف الشرطة، خاصة وأن لمجموعات الألتراس تجمعات – سكاشن - في أغلب المناطق السكانية في مختلف المحافظات. وكان أحد الزملاء في جروب ألتراس أهلاوي قد أكد لي تدخل شباب الألتراس في العمرانية لحماية زميلهم من بطش مسجل خطر، وهو ما ساهم بالفعل في كسر شوكة الأخير ليصبح الشارع الذي شهد الواقعة منطقة محرمة على مثيري الرعب والهلع. على صعيد أخر، كان الاستاذ والزميل نصري عصمت قد نادي بإبعاد الداخلية عن تأمين المباريات والاعتماد على فرق أمن متخصصة مثلما هو الحال خارج مصر لمنع حالات الاعتداء الغاشم التي تحدث من جانب الأمن. وهو الأمر الذي اتوقع نجاحه بنسبة 100% بشرط استمراره لما يملكه أفراد الأولتراس من قدرات تنظيمية واحترام لدى جماهير أنديتهم بشكل خاص وهو ما ظهر بالفعل أمام الترجي التونسي في دوري أبطال إفريقيا. الأولتراس هم مجرد شباب يحبون أنديتهم بشكل زائد – المعنى الحرفي لكلمة ultras – ولا يمكن أن يكون ذلك هو الدافع للتعامل معهم بهذا الشكل القاسي. وإلى كل من يهاجمهم من باب استعراض القوة، انظر للألتراس في صربيا وسجلهم العسكري الزاخر بأعمال القتل والسلب ضد البوسنة أو إلى الألتراس في دول أمريكا الجنوبية والمعارك المسلحة التي تدور بينهم لتعلم أن شبابنا لا يستحقون كل هذا العنف الذي لن يولد إلا العنف. كلمة أخيرة لجلسات وجلسات ظل "أبناء المخلوع" يعتدون على أهالي الشهداء أمام أكاديمية الشرطة التي تشهد محاكمة مبارك، ولكن فور قرار شباب الألتراس التواجد اندثرت الشجاعة المزيفة لهم واختفوا تماما من ساحة الحدث، فلا يسعني بعد ذلك سوى قول "الحرية للأولتراس" لأن وجودهم نعمة. للتواصل مع الكاتب عبر تويتر : http://twitter.com/#!/Diaa_Soliman للتواصل مع الكاتب عبر فيس بوك: http://www.facebook.com/?sfrm=1#!/dyaasoliman