"العقد شريعة المتعاقدين" .. قاعدة يعرفها كل من يتعامل فى مجال البيع والشراء بما فيها صفقات انتقالات اللاعبين , لكن فى الدورى الانجليزى قد يختلف الامر قليلا .. فإذا دخل احد الاندية الكبرى الى اللعبة لجذب نجوم الفرق الصغيرة , فإن رغبات "الكبار" تصبح هى المتحكم الاول فى العقد بإغراءاتها المادية. ولعل أحد أبرز الامثلة على ذلك هو صفقة انتقال الفرنسى لويس ساها من فولهام الى مانشستر يونايتد فى منتصف هذا الموسم رغم ارتباطه مع فريقه بعقد حتى عام 2006 ورفض ناديه لبيعه. ففى هذه الصفقة , كان اليكس فيرجسون المدير الفنى لمانشستر يونايتد فى حاجة الى مهاجم ليكون بديلا عن الهولندى رود فان نستلروى فى خط هجومه , وعقب نهاية الدور الاول , أبدى المدرب فى تصريحاته اهتمامه بالفرنسى ساها , وبمجرد أن علم اللاعب بالخبر طار عقله .. وكيف لا يطير؟ .. فالسير فيرجسون اعظم مدرب فى العالم مهتم به شخصيا على حد قوله , ولذلك فقد طالب اللاعب ناديه بالموافقة على انتقاله الى مانشستر. ورفض فولهام الأمر في البداية , وقال كريس كولمان المدرب : "على جثتى" , وتساءل : "كيف استغنى عن أهم لاعب فى الفريق وامنحه بيدى الى منافسى المباشر" , اما محمد الفايد مالك النادى فقال "ان ساها ليس للبيع بأى ثمن" واوضح أن اي إغراء مادى لن يقنعه ببيع اللاعب المرتبط مع فريقه حتى عام 2006 والذى بدأ يساهم فى تحقيق حلم الملياردير المصرى بملكية احد اندية القمة. وبالفعل نجح فولهام هذا الموسم فى الاقتراب من الحلم , فبعد ثلاث سنوات أمضاها فى الدورى الانجليزى الممتاز هاربا من الهبوط صار الفريق ينافس على المركز الرابع الذى يشارك صاحبه فى دورى ابطال اوروبا , والفضل فى ذلك يعود إلى تجانس اللاعبين والمدرب بالاضافة الى قدرات ساها الذى سجل لفريقه ثلاثة عشر هدفا. وما إن رفض فولهام العرض الرسمى الذى تقدم به مانشستر حتى أعلن ساها التمرد والعصيان , عملا بأن اوامر فيرجسون يجب ان تطاع , وأن أمامه فرصة للترقي إلى مرتبة أخرى من النجومية. وكان ساها قد لعب في مقتبل حياته الكروية بجوار مواطنيه تيرى هنرى ونيكولاس انيلكا فى صفوف المنتخب الفرنسى للناشئين , وتربطه بالإثنين علاقات ومعارف اسرية نظرا لانتسابهم جميعا الى اصول هندية حمراء , وهو ما جعل اللاعب يشعر بالحسرة وهو يشاهد رفيقى الطفولة يلعبان فى الارسنال وفى ريال مدريد بينما لا يزال هو يكافح مع فولهام , وهدد ساها - تحت تأثير اغراءات مانشستر - بمغادرة فولهام دون ان ينال النادى دولارا واحدا وبالبقاء حتى نهاية عقده وبالتالي إهدار عائد بيعه على الفريق , الذى اضطر للرضوخ والاستسلام للواقع وترك اللاعب لمانشستر مقابل 23,5 مليون دولار.
ولعل هذا هو ما اثار كتاب الرأى فى الصحف البريطانية الذين اعتبروا الصفقة غيابا للاخلاقيات فى عالم كرة القدم بعد اعتراف ساها بممارسة الضغوط على النادى. ورغم ان اى فريق فى العالم لا يعتمد على لاعب واحد , فإن على فولهام ان يبدأ من جديد ليصنع هدافا مثل ساها ليأتى أحد الحيتان الكبيرة لالتهامه من جديد. وما حدث مع ساها تكرر مع لاعب صاعد هو سكوت باركر الذى حصل عليه تشيلسى رغم رفض مدرب تشارلتون آلان كربشلى , فهذا اللاعب هو احد خريجى مدرسة الكرة في تشارلتون اتلتيك احد اندية الوسط الذى نجح فى تقديم عروضا رائعة فى النصف الاول من هذا الموسم وما زال يحتل المركز الرابع. وطوال ست سنوات ماضية حصل باركر على فرصته مع الفريق الاول حتى صار اساسيا بالفريق , ووقع عقدا فى الصيف الماضى مع ناديه لخمس سنوات ظنا من ناديه انه يربط مستقبله بالفريق الذى منحه فرصة التألق. وكما حدث مع تشارلتون هذا الموسم من نهوض فى المستوى , ارتفع اداء باركر ليلفت انظار زفين جوران اريكسون مدرب المنتخب الانجليزى الذى ضم اللاعب ليخوض اولى مبارياته الدولية كبديل امام الدنمارك فى نوفمبر الماضى. ومع قدوم فترة الانتقالات , أبدى تشيلسى اهتمامه من خلال عرض رسمى للاعب وسارع تشارلتون بالرفض حتى عندما رفع رجال أبراموفيتش مالك الفريق المقابل المادى , لكن المشكلة كانت فى باركر نفسه الذى رفض تماما البقاء فى ناديه وتمرد وصار لا يقدم سوى 50% من مجهوده فى التدريبات رغم محاولات مدربه احتوائه واقناعه بالبقاء مع الفريق. ومع ضغوط تشيلسى المادية ورغبة اللاعب الذى ابعده مدربه عن ثلاث مباريات رسمية بسبب حالته , رضخ تشارلتون لتركه قبل نهاية موسم الانتقالات ب 18مليون دولار , ليدفع آلان كربشلى إلى القول بأسى : "إن ما حدث فى الاسابيع الثلاثة الاخيرة يترك فى فمى مرارة , بسبب ما فعله باركر ليترك النادى دون اى اعتبار لتعاقده معنا منذ اشهر قليلة .. لقد رأيت هذا اللاعب يكبر امامى منذ عشر سنوات ويتألق فى السن