في سبعينات القرن العشرين كان طلعت يوسف مجرد لاعب عادي في فريق الاتحاد السكندري، لا يتمتع بنجومية الجارم والبابلي وغيرهما من نجوم "سيد البلد" كما تحب جماهير الإسكندرية أن تلقبه. لم تعرفه الجماهير كنجم من نجوم الصف الأول لأنه لم يتذوق حلاوة طعم اللعب مع أي من الكبيرين الأهلي أو الزمالك، ولكن الجماهير عرفته حينما أحرز هدفا غريبا في مرمى الأهلي في نهائي كأس مصر عام 76، بعد أن طار حذائه عندما سدد كرته في مرمى الشياطين الحمر، ليفوز الإتحاد بأخر بطولة في تاريخه. ظل يوسف مجهولا على المستوى الجماهيري لسنوات طويلة، إلا أنه إكتسب نجومية كبيرة في السنوات الأخيرة بعدما إتجه للعمل التدريبي وأصبح صاحب مدرسة مميزة في التدريب بهدوئه الشديد والذي تعبر عن طريقته في الحياة بصفه عامة وليس في التدريب فقط. " أكثر ما يسعدني هو حالة الرضا والإحترام التي أشعر بها في عيون الأخرين، وهو ما أحرص عليه في حياتي الشخصية والتدريبية، لان سيرة الإنسان ستبقى معه في حياته وبعد مماته، وحلمي أن أترك لأبنائي سمعة طيبة يفتخرون بها" هكذا يلخص طلعت يوسف وجهة نظره في الحياة. بنى طلعت يوسف مدرسته التدريبية على مدار 25 عاما، حيث بدأ حياته في ملاعب التدريب عام 85 مع فريق رشيد في الدرجة الثانية، وطوال هذه السنوات الطويلة لم يتخل يوسف صاحب ال 55 عاما عن طريقته المعتادة، متدرجا في عمله ما بين أندية مصرية وعربية. وتولى يوسف العمل كمساعد للألماني ثيو بوكير في ناديه الاتحاد السكندري، ولكنه لم يحظ أبدا بفرصة كافية للعمل مديرا فنيا في ناديه إلا لفترات مؤقتة وقصيرة للغاية. سمات تدريبية أهم ما يميز مدرسة يوسف التدريبية عدم إعتماده على النجوم، ولم يسع يوما للتعاقد مع أي منهم، بل إنه يرفض انضمامهم لفرقه التي يتولى تدريبها، ليقينه أن وجود أحد النجوم لديه كفيل بإثارة المشاكل داخل الفريق، لذا فإنه حينما يتولى تدريب أي فريق يكون حريصا على إختيار لاعبين لديهم الرغبة في إثبات الذات بعيدا عن النجومية. ويقول يوسف: "نجومية كرة القدم بالعطاء وليس بالتاريخ، لذا فإني أحرص على ضم لاعبين لديهم الرغبة والطموح، لاسيما وأني لم أتول مهمة فرق جماهيرية، التي يكون النجم فيها نوعية مطلوبة ومهمة، كما أني مؤمن أن نجومية كرة القدم تكون للأداء الجماعي للفريق".
الشرطة يحقق نتائج رائعة مع يوسف روح الفريق والأداء الجماعي ليست السمة الوحيدة لأسلوب يوسف في التدريب، وإنما يعد الآن أفضل مدرب مصري يستطيع تنظيم فريقه دفاعيا أمام أعتى الفرق من أصحاب المهاجمين الكبار والدوليين. ويشدد يوسف دائما على أن التنظيم الدفاعي الجيد، وعدم الاندفاع للهجوم غير المحسوب هو مفتاح الفوز بأي مباراة، وأن المجازفة لا تأتي سوى في دقائق أخيرة من لقاء تعاني فيه من التأخر أو لا تصلح فيه نتيجة التعادل. الدفاع الحديدي لفريق الشرطة مع يوسف، جعل موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يصفه بأنه جوزيه مورينيو المصري، وهي سمعة استحقها بعدما تلقت شباكه أربعة أهداف في سبع مباريات خاضها إلى الآن فيما اهتزت شباك الزمالك صاحب المركز الثاني عشر مرات في العدد نفسه من اللقاءات. غياب الشعبية مشكلة يوسف أنه لم يكن يوما لاعبا في الأهلي والزمالك، لذا فإنه لم يأخذ حقه إعلاميا أو من المسؤولين في اتحاد الكرة ، فلم يتول يوسف أبدا تدريب أي منتخب في أي من المراحل السنية المختلفة، والتي تذهب غالبا لأبناء أهل القمة والكبار في القاهرة، أصحاب الصوت الأعلى والأكثر تأثيرا على المسؤولين. بطريقة "الخطوة – خطوة" يضع يوسف خطته ، سواء على مستوى العمل أو النتائج أو الأداء ، وهو ما منحه إحترام الجماهير رغم أنه لم يكن يوما لاعبا في الأهلي أو الزمالك. فقبل خمسة سنوات تعاقد مع فريق طلائع الجيش ، ونجح في وضع الفريق في المربع الذهبي على مدار موسمين، ثم رحل بحثا عن تحد جديد بعد أن قدم ما لديه لفريق القوات المسلحة. وتعاقد يوسف مع فريق اتحاد الشرطة في بداية صعوده للدوري الممتاز في الموسم قبل الماضي، ونجح في تقديم مستوى طيب معه وأنهى الموسم الماضي في المركز الرابع، بل أنه نجح في وضع الفريق على قمة جدول المسابقة بعد مباريات الجولة الثامنة للدوري الممتاز. ورغم النجاح الكبير فأنه يرفض الإعتقاد بأنه الأفضل وأن الموسم مازال طويلا، وأن وجود فريقه في المركز الأول يعتبر أمرا مؤقتا، ولم يخرج في وسائل الإعلام منتشيا بموقعه في الجدول وإنما حافظ على وقاره وهدوئه المعتاد في إخلاص معهود لمدرسة "طلعت يوسف".
