كيف يمكن لفريق أن يقدم مباريات طيبة في كأس العالم إذا كان أعضائه لا يهتمون بأنباء إصابة زملائهم ولا يتحدث فيه صانع الألعاب الأساسي إلى اللاعبين الكبار في الفريق؟ هكذا الحال في معسكر المنتخب الفرنسي. صحيفة "ليكيب" الفرنسية كشفت من خلال أخبار متفرقة عن الانقسامات التي يعاني منها "الديوك" في المونديال والتي ربما تساعد في تفسير الحالة السيئة في أولى مبارياته أمام أوروجواي. آخر مظاهر هذه الانقسامات كان تصريح من فلوران مالودا جناح الفريق حينما سأل عن صحة التقارير التي قالت إن إصابة الحارس الثالث سيدريك كاراسو ربما تمنعه من استكمال المونديال مع فرنسا. وجاء رد مالودا صادما إذ قال: "أعتقد أنه لايزال يخضع لفحوصات .. حقيقة لا أدري لأنني لا أعرفه شخصيا وبالتالي لا نتبادل أي أحاديث سويا!" ويبدي مالودا حالة من عدم الاكتراث تجاه المدير الفني ريمون دومينيك وزميله باتريس إيفرا، الذي يحمل أيضا شارة قيادة الفريق في ظل غياب تييري هنري عن التشكيل الأساسي. وشهد المران الأخير للمنتخب الفرنسي واقعة مثيرة للجدل، حينما رفض مالودا الاستماع إلى نصيحة إيفرا حول تهدئة حماسه في المران حتى لا يعرض زملائه لإصابة، وهي النصيحة التي وجهها له بناء على تعليمات من دومينيك نفسه.
مالودا غير مهتم بزملائه أو قائد الفريق وجاء رد دومينيك باستبعاد مالودا من التشكيل الأساسي في لقاء أوروجواي لتظهر حلقة جديدة من خلافاتهما معا، بعد الانتقادات العنيفة التي وجهها لاعب تشيلسي لمدرب منتخب بلاده عقب الخروج من يورو 2008. ولا يقتصر الأمر على مالودا وحده، وإنما امتدت حالة العزلة والرفض للزملاء إلى صانع الألعاب الأساسي يوان جوركوف، الذي يراه المشجعون خليفة زين الدين زيدان الذي يمكنه قيادة الفريق إلى المجد في جنوب إفريقيا. عزلة جوركوف ووفقا للصحيفة الفرنسية واسعة الانتشار، فإن جوركوف يؤدي حركات الإحماء قبل انطلاق التدريبات بمفرده، أو يشترك فيها مع زملائه في بوردو فقط وهم ألو ديارا، وسيدريك كاراسو، ومارك بلانيو. وأكد إيفرا تقرير "ليكيب" حينما قال في مؤتمر صحفي إن جوركوف لا يحاول إطلاقا التحدث إلى اللاعبين الكبار في الفريق، مشيرا إلى أنه لم يستمع إلى صوته أبدا! وأضاف "إذا أردت معرفة أي شئ، يمكنك توجيه السؤال إلى جيريمي تولالان، فهو الوحيد الذي يفضل جوركوف الحديث والمزاح معه".
صداقة جوركوف وتولالان لا تتأثر بصدامات بوردو وليون وأثرت هذه العزلة على صورة الفريق ككل، إذ ظهرت شائعة مفادها أن فرانك ريبيري ونيكولا أنيلكا تعمدا عدم تمرير الكرة إلى جوركوف في مباراة أوروجواي الأولى، مقررين الرد على تجاهله بصورة عملية في الملعب. أحد التفسيرات لارتباط جوركوف وتولالان هو الهدوء الشديد الذي يتسم به اللاعبان، وعدم تمتعهما بمهارات اجتماعية كافية لانخراطهما في صفوف الفريق. وقال تولالان عن نفسه قبل انطلاق المونديال إن أكثر ما ينقصه كلاعب ارتكاز هو الحديث إلى زملائه أثناء المباراة مثلما كان يفعل باتريك فييرا "وهو أمر لا أجيده على الإطلاق، أنا ألعب الكرة فقط ولا أستطيع التحدث إلى الجميع طوال الوقت مثلما يفعل بعض اللاعبين أمثال ليليان تورام أو فييرا". وربما تكون تعليقات زيدان بعد التعادل مع أوروجواي كافية لتلخيص حالة المنتخب الفرنسي، حينما قال إن كل لعب الفريق يعتمد على الألعاب الفردية "ويجب عليهم أن يلعبوا كوحدة واحدة إذا رغبوا في التقدم في المسابقة". ربما عليهم الحديث مع بعضهم البعض أولا.