للمرة الأولى في تاريخه، يدخل منتخب إسبانيا كأس العالم مرشحا فوق العادة للفوز باللقب، ما يفرض نوعا جديدا من التحديات لم يعهدها فريق المتاداور من قبل. فمنتخب إسبانيا لم يعتد دخول المونديال وهو مرشح للقب، بالنظر إلى أن أفضل مركز حققه الفريق في تاريخه مع كؤوس العالم كان الوصول للمربع الذهبي في 1950! لكن كتيبة النجوم المحتشدة في قائمة إسبانيا لدرجة تصل إلى وضع فابريجاس أو ديفيد بيا على مقاعد البدلاء، تجعل إمكانية تتويج الفريق بلقب العالم 2010 غير قابلة للجدل. وفرناندو توريس نجم الفريق يؤكد ذلك، مصرحا بأن كأس العالم عمليا بين يدي إسبانيا، فإن شاءت وبذلت جهدا يتوج مواهب الفريق، سيكون الفوز حليفا مضمونا. وقال نجم ليفربول: "نحن الفريق نفسه الذي توج ب يورو 2008، الجميع يشعر بأن الوقت وقتنا، وأن هذا الجيل قادر على كتابة التاريخ". وما يدعم كلمات النينو، أن منتخب إسبانيا لم يجد صعوبة تذكر في التأهل لمونديال جنوب إفريقيا، محتلا صدارة المجموعة دون تعادل ولا هزيمة ويلعب منتخب إسبانيا في بطولة 2010 ضمن المجموعة الثامنة إلى جوار سويسرا وهندوراس وتشيلي. تحديات المرشح لقب "المرشح" أحيانا يقف عقبة ضد صاحبه، فالخصوم يبذلون المزيد من الجهد أمامه، ويستخدمون طرقا دفاعية بحتة للتصدي لمفاتيح لعبه مهما بلغت مهارتها. والدليل على صعوبة مهمة إسبانيا ما حدث في كأس القارات، حين لجأ منتخب أمريكا في قبل نهائي البطولة إلى اسلوب دفاعي قتل الكثير من خطورة فريق ال"روخا". كما أن الجمهور الإسباني لن يرضى بأقل من الفوز باللقب بديلا، ما يشكل ضغطا إضافيا على كاهل أبطال كأس أمم أوروبا.
ديل بوسكي وهذا ما اعترف به فيسنتي ديل بوسكي المدير الفني لإسبانيا بقوله: "أعلم أن الجماهير لن ترضى بأقل من اللقب، ما يصعب موقفنا لأن في تلك الطلبات الكثير من المبالغة". وتابع "في المونديال لا يوجد خصم سهل، كما أننا لسنا المرشحين الوحيدين في البطولة، فهناك البرازيل والأرجنتين وإيطاليا وألمانيا وإنجلترا، بل والأفارقة كذلك". أما العقبة الثانية التي تقف في وجه ديل بوسكي فهي دخول العديد من نجوم فريقه كأس العالم وهم غير جاهزين بدنيا. فقد لاحقت الإصابات أبرز مفاتيح لعب إسبانيا يتقدمهم توريس الذي غاب عن معظم موسم ليفربول بسبب متاعب اضطر على إثرها للخضوع لعملية جراحية. بالمثل، لعب شابي هرنانديز الجزء الأخير من مباريات برشلونة متحاملا على إصابته، وفابريجاس وإنيستا غابا أصلا عن فريقيهما في المرحلة الختامية من الموسم. ويعلق ديل بوسكي على وضع فريقه "نعم أنا قلق بشأن حالة اللاعبين، لكن ليس بدرجة كبيرة، فالجهاز الطبي أكد لي جاهزية الجميع للبطولة بنسبة 100%". قائمة الفريق .. وسط غير مدافع نقطة الضعف الوحيدة في منتخب إسبانيا هي افتقار الفريق لعنصر يجيد استرجاع الكرات من الخصم، برغم امتلاك ديل بوسكي واحدة من أفضل قوائم البطولة. فشابي ألونسو وسيرجو بوسكيتش وحتى مايسترو برشلونة شابي هرنانديز يتمتعون بقدرات غير طبيعية فيما يخص التمريرات القصيرة والبينية، ولكن.. حين يتعلق الأمر بالواجبات الدفاعية، يفتقر منتخب إسبانيا لرجل على غرار الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو أو الإيطالي جينارو جاتوزو أو الإنجليزي جاريث باري. وفي حين يملك كل مركز في منتخب إسبانيا نجمين على الأقل، يعاني فريق أبطال أوروبا من الافتقار لظهير أيسر على مستوى رفاقه.
فسواء لعب ألفارو أربيلوا أو جون كابديفيا فإن ديل بوسكي لن يكون واثقا تماما من نجاح اختياره في سد تلك الجبهة. كابديفيا قوي هجوميا وضعيف دفاعيا، بينما أربيلوا أفضل في الرقابة الفردية والتمركز، لكنه لا يقدم ذات الدعم الذي يجده الفريق في اليمين من سيرجيو راموس. ديل بوسكي .. عقدة برشلونة أوجه الشبه الكبيرة بين برشلونة ومنتخب إسبانيا من حيث اللاعبين (شابي وإنيستا وبويول وجيراد بيكي وبوسكيتش) تضع ثقلا كبيرا على كاهل ديل بوسكي. فمنتخب إسبانيا مطالب بتقديم كرة ممتعة تشبه ما تنتجه المدرسة الكتالونية، ما دفع ديل بوسكي لتطوير طريقة لعب فريقه إلى اسلوب 4-1-4-1. ديل بوسكي يحاول بهذه الطريقة زرع أكبر كمية من اللاعبين أصحاب المهارات العالية مثل شابي وألونسو وإنيستا وديفيد سيلفا على حدود منطقة جزاء الخصم. وبرغم أن منتخب إسبانيا نجح في السابق مع تلك الطريق تحت قيادة لويس أراجونيس، إلا أن الوضع مختلف في 2010 لأن بوسكيتش غير قادر على تحمل مسؤولية الدفاع من وسط الملعب وحده. كما أن منتخب إسبانيا بهذه الطريقة مطالب بالتخلي عن جهود أحد مهاجميه بيا أو توريس، وهو مالا يجد تأييدا كبيرا من جانب جماهير الفريق. لذلك يحاول ديل بوسكي حل تلك المعضلة بإشراك بيا على الجناح أحيانا، كما يطلب مدرب ريال مدريد السابق من ألونسو التراجع لمجاورة بوسكيتش أثناء الدفاع. وخلال المباريات الودية لم يظهر منتخب إسبانيا بأفضل حال مع هذا الاسلوب الخططي، لكن ديل بوسكي يؤمن بأن القادم أفضل. وأتم "خلال كأس القارات وتصفيات المونديال والمباريات الودية غيرت 50% من قوام الفريق، والفارق سيظهر في المونديال".
