لو لم يرتكب ريال مدريد وبرشلونة شطحات في موسم الانتقالات الصيفي الماضي، لما ارتفعت حظوظ منتخب هولندا بهذا الشكل في الفوز بكأس العالم 2010! بعد عامين من اللعب المتقطع لشنايدر وروبن وعدم الاقتناع بقدراتهما، انتقلا قبل كأس العالم بعام واحد إلى إنتر وبايرن على الترتيب، ليحقق الثنائي طفرة غير عادية لحظوظ هولندا. فثنائي الدوري الإسباني أنقذ دون عمد حملة هولندا لمونديال جنوب إفريقيا بعدما أفرج النادي الملكي عن آريين روبن لبايرن ميونيخ لضم كريستيانو رونالدو، ودعم برشلونة بأمواله انتقال ويسلي شنايدر إلى إنتر ميلان بتعاقد الفريق الكتالوني مع زلاتان إبراهيموفيتش من النيراتزوري. وحصل منتخب هولندا على قوة الضاربة في خط وسطه بعدما استعاد روبن وشنايدر بريقهما، وقاد كل منهما فريقه نحو منصات التتويج. ويحكي شنايدر "كنت فاقدا للثقة بعد فشلي في التألق مع ريال مدريد خلال الموسم الثاني لي، إصاباتي المتكررة لم تشفع لدى الجمهور، لكني الآن أعلم أن القدر كان يحمل لي الأفضل". ويتابع "لم أكن أعلم أن أسوأ لحظات حياتي ستجعلني أعيش أفضل أعوامي الكروية، بل وجاء ذلك قبل كأس العالم، توقيت مثالي للتألق، والآن أستطيع لعب دورا في سعي هولندا بالمونديال". المثير كذلك، أنه ومع فشل البرازيلي كاكا في لعب دور البطولة بوسط ريال مدريد، حصل رافايل فان دير فارت على مساحة للظهور، واستغلها الهولندي الأعسر ليدعم بدوره المنتخب البرتقالي. وفي ظل نجاحات نجوم المنتخب مع أنديتهم، رفع الجهاز الفني للفريق البرتقالي سقف طموحاته في المونديال إلى آخر مدى، وهو الفوز باللقب. وهذا ما أكده فرانك دي بوير نجم الكرة الهولندية المعتزل والمساعد الحالي لفان ميرفك في الجهاز الفني للمنتخب البرتقالي بتصريحه "لنا هدف واحد في المونديال، أن نصبح أبطالا للعالم". طموح 2010 دائما ما تنضم هولندا لقائمة خبراء ومتابعي كرة القدم كأحد أفضل المنتخبات العالمية بفضل "الكرة الشاملة" التي يشتهر بها الفريق البرتقالي. ويستمد البعض أرائه حول المنتخب البرتقالي من الأداء المبهر المستمر لا سيما في بطولات مثل 1974 و1978 و1998.
ففريق 1974 الذي وصل لنهائي كأس العالم يتم تصنيفه إلى جوار منتخبات مثل المجر 1954 والبرتغال 1966 كأفضل المنتخبات التي خانها التوفيق لتتوج بلقب المونديال. ويطمح المنتخب الهولندي في كسر هذه النمطية والصورة المتخذة عنه بحصد لقب المونديال لأول مرة. وركز فان ميرفك في تصريحاته على ضرورة تقديم أفضل ما لدى المنتخب الهولندي في تلك البطولة والوصول لأبعد مرحلة ممكنة. ويشعر فان ميرفك في نفس الوقت بالخطر من تواجده في المجموعة الخامسة إلى جوار الكاميرون والدنمارك واليابان. وقال فان ميرفك عقب قرعة الدور الأول لكأس العالم: "قد يظن البعض أننا مرشح فوق العادة لتلك المجموعة ولكن لا يجب إغفال قدرات منافسينا". وأضاف "الدنمارك تصدرت مجموعتها على حساب فرق عريقة مثل السويد والبرتغال والمجر في التصفيات، فيما تعد الكاميرون أبرز الفرق الإفريقية بالإضافة إلى أن اليابان تملك منتخبا جيدا". ويعول كثيرا المنتخب الهولندي على النتائج التي حققها في التصفيات إذ انتصر في ثماني مباريات محققا العلامة الكاملة ولم تهتز شباكه سوى في مناسبتين. وصرح فان ميرفك "الفوز بكل مباريات التصفيات يمثل حافزا إضافيا لنا للنجاح في المونديال، الآن رجالي يعلمون كيف يفوزون وهذا ما يجعلني واثقا في قدرتنا على تحقيق الطموحات". قائمة الفريق .. ندرة بعد كثافة الفريق الهولندي الذي اتسم دائما بكثافة في وجود مهاجمين بجودة يوهان كرويف، مرورا بماركو فان باستن ودينيس بيركامب وباتريك كلويفرت وانتهاء برود فان نيستلروي، يعاني ندرة حالية. فان ميرفك ربما لا يملك مهاجما قادرا على تغيير النتائج سوى روبن فان بيرسي، وهو يعاني إصابات مستمرة، بغياب رود فان نيستلروي وكلاس-يان هونتلار، وتغيير مركز ديرك كاوت إلى جناح أيمن. كما يعاني منتخب هولندا من ندرة في المواهب الدفاعية، وذلك منذ اعتزال فرانك دي بوير وياب ستام، إذ منذ نهاية هذا الجيل لاتزال الخطوط الخلفية البرتقالية مفتوحة على مصرعيها وسببا في توديع الفريق للبطولات.
ويعتمد فان ميرفك على خبرات جيوفاني فان برونكهورست الكبيرة في تنظيم الخط الخلفي لهولندا، كما أضاف بعض الرئات الجديدة للدفاع البرتقالي، أبرزها الظهير الأيمن جيريجوري فان دير ويل الذي حصل على فرصة الظهور في التشكيل الأساسي، رغم أنه لم يتمم عامه ال22. وتظهر أزمة حراسة المرمى كأبرز نقاط ضعف القائمة الهولندية باعتزال المخضرم إدوين فان دير سار اللعب الدولي، وفشل فان ميرفك في تغيير ذلك. ويتولى باستمرار مارتن ستكلنبرج حراسة مرمى الفريق منذ اعتزال فان دير سار دوليا عقب يورو 2008، وقدم موسما رائعا مع أياكس إذ لم يدخل مرماه إلا 20 هدفا في 34 مباراة كأقل الفرق استقبالا للأهداف بالرغم من عدم فوز ناديه باللقب. لكن برغم هذه النواقص، بإمكان المدير الفني لهولندا أن يعول على خط وسطه المدجج بالنجوم لتعويض الأزمة الهجومية والدفاعية التي يعاني منها الفريق. فبوجود روبن ووشنايدر وفان دير فارت، مع ديرك كاوت ومارك فان بومل يستطيع الوسط مساندة جميع خطوط المنتخب. فان ميرفك .. 4-3-3 الشاملة لا يصنف فان ميرفك كأحد عمالقة الكرة الهولندية في التدريب مثل جوس هيدينك أو لويس فان جال، لكنه معروف كمدير فني "لا يرتكب الحماقات، وقادر دائما على نيل احترام لاعبيه" بحسب وصف يوهان كرويف اسطورة الفريق البرتقالي عبر تاريخه. تصريح كرويف يوضح كيفية تعامل فان ميرفك مع المنتخب، فهو لا يستبعد لاعبا متألقا على غرار مارادونا، أو يختلف مع نجوم الفريق ويتحداهم مثلما كان يفعل ماركو فان باستن. كذلك هو لا يخرج عن حدود المألوف في الخطط وطرق اللعب الهولندية، إذ يعتمد كباقي مواطنيه على 4-3-3 ومشتقاتها. وتتحول طريقة اللعب أغلب الوقت إلى 4-2-3-1 مع فتح الملعب على الطرفين، في وجود صانع ألعاب متأخر خلف رأس حربة. ومن المنتظر أن يبدأ فان بيرسي مهاجما وخلفه شنايدر، وعلى الطرف الأيمن روبن وفي اليسار كاوت أو فان دير فارت. هذا مع ترك مهمة حماية وسط الملعب لنيجل دي يونج لا سيما مع قدرات الأخير التي تجعله مهتما بالجوانب الدفاعية فقط. فيما يعتمد فان ميرفيك على الخبرة في خط دفاعه متمثلة في جون هتينجا وجيوفاني فان برونكهورست قائد الفريق وأندري أويير وفان دير ويل في الدفاع.