تمثل غانا مدرسة مختلفة في إفريقيا عن التي واجهها منتخب مصر في مشواره نحو نهائي "أنجولا 2010"، ما يشكل تحديا على المعلم اجتيازه للوصول إلى الكأس. فمصر لعبت أغلب مبارياتها في البطولة أمام فرق تفضل الهجوم، مثل نيجيريا والكاميرون، وحتى الجزائر ظنت أن بمقدروها ضغط الفراعنة قبل أن تدفع الثمن. لكن فريق النجوم السوداء يعتمد على الدفاع كسياسة خططية، ليصبح مطلوبا من مصر اتباع فكر هجومي للتويج بالبطولة الثالثة على التوالي والسابعة في التاريخ. الدفاع أولا تأتي الأولوية دائما في حسابات ميلوفان رايفاتش مدرب غانا للدفاع، ولذا تحركات النجوم السوداء الهجومية كاملة تخلو من المغامرة. يخير المدير الفني لغانا 4-5-1 كطريقة لعب، في حضور ثنائي ارتكاز، صانع لعب، وجناحين تحت رأس حربة وحيد. فالجناحان المتقدمان أندري أيو وأوبوكو أجيامنج يتراجعان جدا للوراء أثناء الدفاع، ليمنحا ظهيري جنب الفريق فرصة الانكماش مع قلبي الدفاع. ويرفع تراجع الجناحان للوراء أعباء تغطية الطرفين عن ثنائي ارتكاز غانا أنطوني أنان وإيمانويل إجيامنج بادو. وهذا التحرك يجعل ثنائي الوسط المدافع يتفرغ للضغط على الخصم وتأمين الخط الخلفي. وبشكل عام لا يوجد ثغرة واضحة في دفاع منتخب غانا، بمعنى أن الخط الخلفي وثنائي الارتكاز يجيد أساسيات الدفاع، ويخلو من أصحاب الأخطاء الكارثية. لكن قلب الدفاع "لي أدي" يلعب بثقة زائدة تجعله يرفض التشتيت، ويسعى دائما للتمرير، ما يمكن استغلاله بالضغط عليه من قبل لاعب سريع مثل محمد زيدان. كما أن الظهير الأيمن للفريق صامويل إنكوم ذو نزعة هجومية، ولذا الكرات الطولية خلفه قد تكون سلاحا من آن لآخر يساعد الفراعنة على اختراق السياج الدفاعي لغانا. وتكمن المشكلة أمام مصر في أن أسلوب غانا يجبر منافسها على الهجوم، وفتح المساحات، في حين يملك فريق النجوم السوداء سرعات تتفوق في المرتدات. فيتميز الجناحان بالسرعة، ويعد رأس الحربة جيان أسمواه أفضل مهاجمي البطولة بسبب تحركاته الممتازة في المساحات بين قلبي الدفاع، ما منحه هدفا في أنجولا. فكيف يمكن مهاجمة غانا دون استقبال هدف؟ طريقتان لذلك، والعامل المشترك بينهما أن التقدم من العمق أفضل كثيرا من طرفي الملعب، عكس مواجهة الجزائر. التحركات المصرية في نصف النهائي استهدفت استغلال المساحات خلف ظهير الجزائر، لكن لا وجود لتلك المساحات في غانا. ففي مباراة الجزائر، اعتمد شحاتة على أحمد المحمدي وسيد معوض في الانطلاق من الجناحين، مع مساندة من أحمد حسن وحسني عبد ربه في العمق. وكانت مساندة حسن من اليمين تجعل المحمدي يعبر الظهير الأيسر للجزائر نذير بلحاج، ليستفيد من المساحات خلفه. لكن إن قام حسن بمساندة المحمدي فسيعبر ظهير منتخب مصر الجناح الهجومي الأيسر لغانا، وقتها لن يجد مساحات فارغة، بل سيصطدم بظهير النجوم السوداء. ولذا يجدر بمنتخب مصر اللعب على العمق الغاني، خاصة أن تقدم ظهيرا جنب الفراعنة قد يؤدي لمرتدات يستغلها جناحا فريق النجوم السوداء. ويجب مراعاة أن دفاع النجوم السوداء متقارب الخطوط، ويقف خارج منطقة الجزاء بشكل خطي. بمعنى أن دفاع غانا يشبه ما قام به منتخب الجزائر في الشوط الثاني من مباراتهم مع مصر بالقاهرة، حين أجبروا الفراعنة على لعب كرات طولية. ارتكاز وحبد يكمن الحل الأول في الاعتماد على ارتكاز مصري وحيد للدفاع، يتقدمه عبد ربه وحسن، وأثناء الهجوم يتقدم الثلاثي فيشكل زيادة عددية على غانا. فنقطة قوة غانا في المرتدات أن حتى مع رقابة جيان، فهو يتمركز جوار الجناح، ومع تسلمه الكرة يندفع صانع ألعاب غانا ويحصل على البينية دون رقابة. على جمعة مراقبة جيان، بينما يتكفل سعيد بالتغطية على بينيات صانع لعب غانا كوادو أسامواه لأن أغلب كراته الطولية سليمة. مدافع متقدم الحل الثاني لتنويع اللعب أمام غانا هو تقدم قلب الدفاع الذي يجوار جمعة وسعيد للمساندة في النواحي الهجومية، فيما يدعى Center Back overlap. تتذكرون في مواجهة القاهرة بين الجزائر ومصر حين كان فتحي يلعب كقلب دفاع ويتبادل مع عبد الظاهر السقا التحرك يمينا ويسارا؟ الفكرة أن يتولى جمعة رقابة رأس الحربة، ويندفع فتحي إلى الأمام ويتحول لظهير، فيتحرر وقتها الظهير الفعلي سواء معوض أو المحمدي من المهام الدفاعية. ويفضل أن يطبق منتخب مصر ذلك في الناحية اليسرى بقيادة معوض، لأن أندريه أيوه الذي غالبا ما يلعب دور الجناح الأيمن لا يلتزم بموقعه بصفة دائمة. فنجل عبيدي بيليه يملك تصويبات قوية، ولذا يبدأ تحركاته من اليمين، ثم يضم للعمق لتصبح قدمه القوية في اتجاه المرمى. أخيرا، فريق النجوم السوداء لا يدافع ل90 دقيقة، بل من آن لآخر يسعى لأخذ المبادرة لدقائق معدودة تقلص الضغط على خطه الخلفي. ولذا على مصر الحيطة من تحركات غانا الهجومية، حتى يأمن الفراعنة من مصير نيجيريا وأنجولا، وتسنح لهم الفرصة لقنص لقب ثالث في أقل من ست سنوات.