كانت مباراة الاسكواش الاستعراضية بين كريم درويش المصنف الأول عالميا ومحرر FilGoal.com من طرف واحد، تعرفون بالطبع من هو! ولكن اللقاء الذي أعقبها كان أكثر إثارة وكشف جوانب مختلفة في شخصية بطل العالم الذي يحلم بأن تكون رياضته "لعبة شعبية" في المستقبل القريب. المباراة التي تكونت من شوط واحد نظمتها شركة "ريد بُل" الراعي الرسمي لدرويش ضمن يوم مفتوح مع الإعلام قبل انطلاقه إلى الكويت للمنافسة في بطولة العالم لفردي الرجال في الفترة من الأول حتى السابع من نوفمبر. وعلى الرغم من أن درويش كان يضرب الكرة بهدوء شديد ومن دون أن يتحرك من مكانه في وسط الملعب، فإن مجاراته كانت أمرا مستحيلا، حتى وافق على اقتراحي بأن يترك الكرة تسقط منه بعد حركة تمثيلية وكأنه لم يستطع اللحاق بضربة ضعيفة فيما كانت تعلو شفتيه ابتسامة! هذه الابتسامة ميزت درويش طوال اليوم وفي أثناء حواره مع FilGoal.com رغم التطرق إلى بضعة أمور من تلك التي تجعل أبطال اللعبات الرياضية غير كرة القدم يشعرون بالإحباط. فدرويش، الذي يحتل المركز الأول في التصنيف العالمي منذ يناير الماضي وحتى سبتمبر، يدرك تماما أن شهرته لا تتفق مع حجم ما حققه ولايزال يحققه من إنجازات رياضية تحت علم مصر. ويقول درويش: "اعتدنا منذ زمن على التجاهل الإعلامي للاعبي الاسكواش على الرغم من أننا نمثل الرياضة الوحيدة التي تحقق بطولات عالم ويحتل لاعبوها قمة التصنيف العالمي لفترات طويلة وبصفة مستمرة".
درويش مع محرر FilGoal.com بعد مباراة محسومة مقدما! تجاهل التجاهل! ويضيف "لم يعد الأمر يزعجنا الآن .. نمارس الاسكواش ونتفوق فيه ونحصل على الألقاب لأننا نحب هذه اللعبة ونحب أن نكون من أبطالها، وليس من أجل الشهرة والمال". وحينما يتحدث درويش بصيغة الجمع، فإنه يعلم ماذا يقول. ففيما يحتل لاعب نادي وادي دجلة المركز الأول في التصنيف العالمي، يأتي مصريان آخران في المركزين الثالث والرابع، وهما عمرو شبانة ورامي عاشور على الترتيب. ولم يكسر الاحتكار المصري في المربع الذهبي لتصنيف اللاعبين المحترفين سوى الفرنسي جريجوري جولتييه المصنف الثاني، والذي من المتوقع أن يواجه درويش في نهائي بطولة الكويت. وتكتسب المواجهة المرتقبة بين درويش وجولتييه أهمية خاصة لسببين: الأول أن اللاعبين يتنافسان حاليا على المركز الأول في التصنيف إذ يفصلهما نقاط قليلة قبل صدور ترتيب اللاعبين في شهر أكتوبر، والثاني أنهما أكثر المرشحين حظوظا في الفوز بالبطولة، التي تعد الأغلى في تاريخ اللعبة. ورصدت الكويت 277 ألف دولار لمجموع جوائز البطولة، وهو رقم لم تصل إليه من قبل أي بطولة عالمية في رياضة الاسكواش.
وفيما يعطي الاتحاد الدولي للاسكواش نقاطا متساوية لكل البطولات التي يزيد مجموع جوائزها على 200 ألف دولار، فإن العنصر المالي يضفي إثارة مختلفة على أجواء البطولة. ويوضح درويش "كانت بطولة السعودية العام الماضي الأغلى في تاريخ الاسكواش، والآن رفعت الكويت القيمة المالية، ومن المتوقع أن تزيد السعودية من قيمة الجائزة مجددا في بطولتها في ديسمبر المقبل". ويتابع "البلدان العربية ترفع قيمة الجائزة كي تصبح بطولة كل منهم الأكثر شهرة وقيمة، وهو ما يعود بالفائدة على مستوى المنافسات بسبب حماس اللاعبين للحصول على الجوائز المالية الضخمة". لعبة شعبية ولا يعكس حديث درويش عن الجوائز المالية اهتماما كبيرا منه بنقود اللعبة، إذ ينحدر من أسرة ميسورة الحال كانت دائما ما تسانده حتى وصل إلى المرتبة الأولى عالميا. ويقول: "أسرتي دفعت مبالغ مالية طائلة كي أنتظم في التدريب، وأنضم إلى معسكرات خارجية وأشارك في بطولات دولية حتى وصلت إلى المركز الأول على العالم .. الرعاة ظهروا بعد وصولي إلى هذه المرتبة وليس قبلها".
أسرتي دفعت مبالغ مالية طائلة كي أنتظم في التدريب، وأنضم إلى معسكرات خارجية وأشارك في بطولات دولية حتى وصلت إلى المركز الأول على العالم .. الرعاة ظهروا بعد وصولي إلى هذه المرتبة وليس قبلها كريم درويش ورغم المستوى المادي الراقي الذي يتمتع به درويش، فلا يمكنك أن تلاحظ تكلفا في حديثه الذي لا يستخدم فيه أي مصطلحات أجنبية رغم قيامه فيما بعد بإجراء حديث كامل مع قناة "نايل تي. في." بإنجليزية متقنة، كما يرتدي ملابس رياضية متجانسة الألوان إضافة إلى وضعه دبلة فضية تصميمها هادئ لإشهار زواجه من لاعبة الاسكواش المصرية إنجي خير الله. ويرى درويش الذي بدأ حياته في نادي الجزيرة - الذي يعد أحد أرقى أندية مصر ولا يرتاده سوى أسر من طبقة اجتماعية عالية - أن لعبته ليست لفئة دون الأخرى وأنها من الممكن أن تصبح بسهولة "أحد اللعبات الشعبية". ويوضح "انتشرت الآن في القاهرة ملاعب اسكواش يؤجرها شباب وفتيات بأسعار مقبولة ويمارسون فيها اللعبة بصورة يومية ... كما يضع المجلس القومي للرياضة خطة لبناء أكثر من ملعب اسكواش في الأقاليم لزيادة القاعدة الشعبية لممارسة اللعبة". ويبدي درويش تفاؤله بأن جيله هو وشبانة وعاشور لن يكون الأخير الذي يرفع اسم مصر في ملاعب الاسكواش على مستوى العالم، بشرط اهتمام الدولة والشركات الراعية سواء العالمية أو المحلية. ويقول درويش "أنا أول لاعبي الاسكواش في العالم تقوم برعايته شركة "ريد بُل" وأتمنى أن تقوم الشركة وغيرها برعاية لاعبين مصريين آخرين حتى يحصلوا على فرصة للوصول إلى العالمية بطريق أسهل من التي سلكتها". ويضيف "المصريون يحبون اللعبات التي استطاعت تحقيق ألقاب عالمية وهو ما ينطبق على الاسكواش بالطبع .. أرى أن السيطرة ستظل مصرية في المستقبل".