دخلنا لقاء البرازيل والرعب يضرب قلوبنا كأننا نواجه فريقا من كوكب آخر، ويجب أن نخرج بيقين أن مصر تستطيع صنع المستحيل، لكن بيدها وحدها تسقط في فخ الخسارة. بداية، فإن أداء مصر أمام البرازيل ينفي تماما التهم التي أصابت قائمة الفراعنة من عجز لشبع وكل ما تردد بعد سقوطنا أمام الجزائر. الحقيقة أننا خسرنا من الجزائر والبرازيل ليس لأنهم أفضل منا، بل لأننا نفكر كالهواة، حين نشعر بالثقة نحولها لغرور، وحين نشعر بالخوف نحوله إلى رعب. فمنذ بدأت تصفيات كأس العالم 2010، ومصر تضع على نفسها ضغطا لا مبرر له، وبالتالي شعُرت بأن مصر تلاعب نفسها، تخلق من منافسها خصما كبيرا وتخسر أمامه. لم نخسر من البرازيل لأنهم أفضل، ولا لأن التوفيق غاب عنا في كرة أحمد المحمدي.. بل خسرنا لأننا دخلنا المباراة ونحن نفكر في كم الأهداف التي سنستقبلها شباك عصام الحضري. هدف كاكا الأول أبلغ مثال، فالدفاع المصري تفرج على ساحر البرازيل دون حراك مثل أقماع التدريبات، بينما في الشوط الثاني لم أشعر بوجود السليساو لأننا نزعنا الضغط عن أكتافنا. في الشوط الأول، تأخرت مصر 3-1 لأن الجهاز الفني لم يفكر في كيفية مباغتة منافسه، لم يضع في حساباته ثغرات البرازيل، بل فقط كانت تعليماته نفسية بعيدة عن كرة القدم. أما الشوط الثاني أثبت أن الاحترافية في التعامل مع الخصم مفتاحا يضمن التفوق، يجب ألا يهمني إن كان منافسي هو منتخب البرازيل أو غيره، المهم أن أعرف عيوبه وأضربه منها. وكما أشرت سلفا، طريقة لعب كارلوس دونجا مدرب البرازيل بها مشكلة رئيسية وهي غياب الارتكاز الثاني عن وسط ملعب السليساو، وهو ما يمنح أي منافس القدرة على لعب كرة قدم. فالبرازيل لا تضغط حين تخسر كرتها، بل تتراجع للدفاع.. وهذا ما يسمح للخصم بتناقل الكرة للأمام طالما عنده مهارات، والفراعنة أسياد هذه اللعبة. كما أن ظهير البرازيل الأيسر كليبير ثغرة حقيقية في دفاع راقصي السامبا، وكان علينا من بداية المباراة تركيز كل اللعب على ناحيته مثلما فعلنا في الشوط الثاني. فقد سجل منتخب مصر هدفه الوحيد في الشوط الأول من عرضية في جانب كليبير، وهو ما انتبه إليه المعلم في الشوط الثاني.. وآه لو بدأ أحمد المحمدي المباراة. مشاركة أحمد عيد بالتأكيد هي نقطة التحول في اللقاء، لأن جناح حرس الحدود مع أحمد فتحي في اليمين ضمنا لمصر جبهة يمكنها دائما تأمين فرص للفراعنة. فحين تلعب على ثغرة خصمك، فهذا يأخذ من تفكيره الهجومي.. ويحرمه من اللعب بذهن صاف، فكليبر بدأ يخاف من التقدم، ويخفق مع كل مواجهة مع لاعب مصري. كما ابتعد إيلانو عن الجناح الأيمن، ودخل للعمق في محاولة لدفع فيليبي ميلو إلى جانب كليبر، ما قتل أيضا الزيادة العددية البرازيلية في الهجوم وأثر ذلك تحديدا على روبينيو. فكل هذا قلص عدد اللاعبين البرازيليين أمام الدفاع المصري، ما منح هاني سعيد القدرة على قراءة اللعب والتقدم وقت الحاجة، وهو ما حدث أيضا مع محمد شوقي. النتيجة أننا نجحنا في الحفاظ على الكرة لأطول فترة ممكنة وخرجنا بنسبة استحواذ 53%. ونهاية، الدرس الذي علينا الخروج به أن الخوف من الخصم أو الثقة أمامه خطأ يسقط فيه الهواة فقط، ونحن أصبحنا محترفين بحكم أحلامنا وطموحاتنا. وحين تنضم العوامل الخططية إلى الروح القتالية مع الاختيارات التي لا علاقة لها بالعلاقات الشخصية، وقتها فقط يمكننا أن نحلم بلقب القارات، والأهم من هذا كله .. كأس العالم 2010.