يقطف مانشستر يونايتد زهرة عمل الأعوام الخمسة السابقة، والفضل يرجع لمنظومة متكاملة بطلها أفضل مدير فني في العالم أليكس فيرجسون. سأتجنب الحديث عن مباراة مانشستر وإنتر ميلان، وسأركز فقط على نقطة رئيسية أعتقد أنها سبب نجاح الشياطين الحمر في إنجلترا وأزمتهم في مصر .. وهي لماذا تعد قائمة اللاعبين المليئة بالنجوم ميزة في مانشستر وعيب في الأهلي؟ بالطبع هناك العديد من النقاط السلبية في موسم الأهلي الجاري، ولكني سأركز هنا على نقطة رئيسية في الأهلي وهي اعتراض معظم البدلاء على حالهم ومطالبتهم الرحيل في ظل عدم المشاركة مع الفريق الأحمر في المباريات. ويحصل حسين ياسر وأحمد فرج وهاني العجيزي على دعم جماهيري، لأنهم أسماء مميزة أثبتت قدراتها من قبل الانضمام إلى القلعة الحمراء، بينما مانويل جوزيه المدير الفني للأهلي يرفض الدفع بهم لأكثر من 20 دقيقة في مباريات متفرقة. وأرى أن السبب في تلك المشكلة التي تؤثر سلبا على استقرار الفريق هي سياسية الأهلي في التعاقدات، وطريقة تفاهم الإدارة ومانويل جوزيه في هذا الشأن. في معظم الفرق الأوروبية، يكون المدير الفني هو المشرف على حركة الانتقالات في الصيف والشتاء، إلا في أماكن قليلة مثل ريال مدريد خلال الموسمين السابقين وميلان مؤخرا .. والنتائج واضحة في الفريقين. أما في مانشستر يونايتد، تجد فيرجسون وحده مسؤول عن الأسماء التي ستنضم للفريق، وعلى الإدارة تحقيق أحلامه مهما تكلف ذلك من جهد ومال. فأسماء مثل مايكل كاريك وأوين هارجريفز ودميتار برباتوف انتقلوا لمانشستر بمقابل أكبر مما يستحقوه، لكن إصرار فيرجسون عليهم كان عامل الحسم في حسم الصفقة. ففيرجسون حين اختار كاريك كان يرى له دورا لا يوجد أفضل منه لتقديمه، ولذا أصر على دفع 15 مليون استرليني في اللاعب ليستقدمه من توتنام رغم أنه انتقل إلى السبيرز في الموسم السابق بخمسة ملايين فقط. كاريك يشبه أندريا بيرلو الإيطالي في القدرة على نقل الملعب بتمريرة ويجيد صناعة اللعب مثل شابي ألونسو ويملك ذكاء كبيرا في التمركز أمام الدفاع مثل كلود ماكليلي. ثم تعاقد مانشستر مع هارجريفز لأن كاريك لا يملك مرونة في التحرك على الطرفين لتغطية ظهيري الجنب .. واستغل فيرجسون وجود نجمين مثل كاريك وهارجريفز وجاء بأندرسون حتى يكون مستقبل الفريق، وذلك كله تم في وجود المخضرم بول سكولز. كما يمكن الإشادة بفيرجسون في تكوينه لخط الهجوم الذي يجمع طاقة واين روني وسرعة كريستيانو رونالدو وقوة كارلوس تيفيز ومهارة دميتار برباتوف الذي بسبب تعرضه المدرب الاسكتلندي كون الصفقة كلفت مانشستر 20 مليون استرليني. الحقيقة أنه في موسم 2005/2006 حاول فيرجسون تطوير أداء مانشستر باستبعاد رود فان نيستلروي من التشكيل الأساسي والاعتماد على لويس ساها مع واين روني. وجهة نظره كانت أن فان نيستلروي مهاجم من طراز قديم، ينتظر في منطقة الجزاء ويتحين الفرصة، لكن ساها وروني يتحركان من خارج منطقة الجزاء ويملكان القدرة على المراوغة والتقدم بسرعة وهو ما طور أداء مانشستر يونايتد إلى الأسرع. لكن ذلك لم يغن عن وجود رأس حربة من الطراز القديم في مانشستر خاصة أن الفريق افتقد لمن يجيد اللعب بالرأس حين يملك دفاع الخصم أطولا كبيرة، كما أن هناك نوعيات من المباريات تحتاج إلى لاعب قوي يجيد الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط.
هذا لا يعني أن جوزيه ليس مدربا ناجحا، فلا يجب أن ننكر عليه فوزه مع الأهلي ب20 بطولة بسبب إخفاق أربع مباريات. وليجمع فيرجسون بين المهاجم الذي يتحرك من خارج منطقة الجزاء وفي نفس الوقت يملك جسدا قويا و"طويلا" كان أمامه خيارين .. بربا أو إبرا. فكل رؤوس الحربة في العالم من أصحاب الأطوال الفارعة يملكون خصلة الوقوف على الكرة (والتحضين) عليها، لكن برباتوف وزلاتان إبراهيموفيتش يبدوان كصانعي لعب خارج منطقة الجزاء وكرؤوس حربة داخلها، ولذلك حتى مع معدل تهدفيهما الضعيف نسبيا يظلا ضمن أبرز مهاجمي العالم. الهدف مقصدي من كل هذا الحديث الإشادة بفيرجسون في المقام الأول بعد استعراض مانشستر أمام إنتر ميلان، وتوضيح نقطة تغيب عن الكرة المصرية في المقام الثاني. ففي مصر، مجلس الإدارة يتولى وحده عملية الانتقالات دون الترتيب مع الجهاز الفني، ذلك يحدث في الزمالك وظهر مع ديكاستل في صفقة أولي كوفي الذي خرج من قائمة المدرب السويسري بعد مباراة واحدة له بالقميص الأبيض. ويعد الأهلي أقرب الأندية المصرية إلى الاحترافية إذ يتم الرجوع إلى مانويل جوزيه في نهاية الموسم والاستفسار منه عن بواطن ضعف الفريق. لكن المشكلة تكمن في أن البرتغالي يحدد احتياجاته بالمراكز ولا بالأسماء، أي أنه يطلب مهاجم أو لاعب وسط فيخرج عدلي القيعي ويتعاقد مع مهاجمين ولاعبي وسط. الأزمة هي أن جوزيه لا يعلم شيئا عن تلك الأسماء، ولذا تجد جمهور الأهلي يبكي على وجود أحمد حسن فرج كبديل والمدرب البرتغالي لا يكترث به ويعتبره مشروع لاعب صاعد يعامله كأي ناشئ. وحين لا يرضى جوزيه عن تلك الأسماء يكون مصيرها البيع فيخسر الأهلي أموالا ويخرج للبحث عن أخرين، حتى باتت سمعة النادي غير جيدة في هذا الأمر. فوجود هذا العدد من اللاعبين غير الراضين عن وضعهم على دكة الأهلي قد يدفع أي لاعب مستهدف من النادي الأحمر إلى التفكير في مستقبله الكروي قبل التوقيع. ولو حرصت الإدارة على عرض قدرات اللاعب أمام جوزيه بوسيلة غير شرائط التسجيل سيكون وقتها هو مقتنع بقدرات الصفقة وسيساندها لتقدم أعلى مستوى ممكن مثلما حدث مع فلافيو. هذا لا يعني أن جوزيه ليس مدربا ناجحا، فلا يجب أن ننكر عليه فوزه مع الأهلي ب20 بطولة بسبب إخفاق أربع مباريات. يمكن للجميع انتقاده على التصرفات الفجة خارج الملعب، لكن لا يجب ربط ذلك بفنياته .. بالطبع له أخطاء، لكني لا أجد من يسردها، فقط أشاهد من يقول إن الأهلي ولي نعمته ولولا قدرات الأهلي المالية لما نجح هو، وأنه قادم من أندية القاع في البرتغال. مدرب "بنفيكا وسبورتنج لشبونة" السابق سبب رئيسي في نجاح الأهلي، تماما مثل إدارة النادي التي وفرت له السبل حتى يعمل. ففيرجسون مدرب كبير معه أدوات ممتازة فحقق إنجازا .. مورينيو مدرب كبير لكن أدواته أقل في إنتر ولذا ظهر أضعف من مانشستر يونايتد في المواجهة المباشرة.