ربما تكون كرة القدم من أكثر الأشياء التي تحتفظ بقدرة جمهورها على الدهشة وقبول غير المتوقع، ولكن الخط البياني للمنتخب السوداني يسير وفقا للمنطق إلى درجة يعتقد معها البعض أن الذي ينتظر فوز "صقور الجديان" في أي من مبارياتهم في كأس الأمم الإفريقية كأنه ينتظر معجزة قد لا تأتي أبدا. فالهزيمة التي تلقتها السودان بثلاثة أهداف نظيفة في افتتاح مبارياتها في المجموعة الثالثة كانت نتيجة طبيعية لخطة إعداد ضعيفة ومنتخب لا يحظى بدرجة مناسبة من الاهتمام سواء من المسؤولين أو الإعلام. فالفريق السوداني خاض أسبوعا للإعداد في دولة الإمارات لم يلعب خلاله أي مباراة ودية واكتفى فقط بالتدريب فيما كان معسكر إسبانيا المخطط انطلاقه قبل البطولة مهددا بالإلغاء بسبب عدم وجود تمويل كاف. أسبوع الإمارات فتح باب الانتقادات من الجماهير السودانية التي حملت تعليقاتها على المنتديات الرياضية وتعليقات أخبار الفريق في النسخ الالكترونية من الصحف مليئة بالتشاؤم إلى الحد الذي طالب معه البعض بعدم المشاركة من الأساس حتى لا تحدث "فضيحة" في غانا. ومع انطلاق معسكر إسبانيا، اكتشف الجميع أن السودان لايزال أمامه كثير من العمل حتى يرقى مستواه للمنافسات الإفريقية العنيفة مع دول في حجم مصر والكاميرون وحتى زامبيا في غانا 2008. ولعب "صقور الجديان" أربعة مباريات في إسبانيا خسروها جميعا. وتضمنت هذه الهزائم نتائج من العيار الثقيل أبرزها 6-صفر أمام غينيا و5-2 من نادي جنت البلجيكي وخسارتين أقل حدة بنتيجة 1-صفر أمام "بدلاء" غينيا و2-صفر من نيجيريا. كتيبة محلية
يعتمد المنتخب السوداني على قائمة تتشكل بكاملها من لاعبي قطبي الكرة المحلية الهلال والمريخ، ويعول الجهاز الفني على المستوى الجيد الذي قدمه المختارون في بطولتي إفريقيا للأندية في السعي نحو التأهل إلى دور الثمانية من البطولة. فالهلال قدم مباريات رائعة في دوري أبطال إفريقيا ونجح في الفوز على الزمالك والأهلي في مشواره خلال بطولة الموسم الماضي فيما وصل المريخ إلى المباراة النهائية في كأس الكونفيدرالية قبل الخسارة أمام الصفاقسي التونسي. ويضم المنتخب السوداني مجموعة كبيرة من اللاعبين المميزين أبرزهم ريتشارد جاستن وبدر الدين قلق وصانع الألعاب فيصل عجب الذي دخل في قائمة هدافي العالم لعام 2007 برصيد سبعة أهداف وعبد الحميد السعودي والمهاجم هيثم طمبل. تطور فريقي الهلال والمريخ أثر بالإيجاب على أداء منتخب السودان والذي حقق نتائج رائعة في تصفيات كأس الأمم الأفريقية إذ فاز على موريشيوس مرتين وعلى سيشل مرتين ليتأهل إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية. وتفوق المنتخب السودان الاحتياطي في دورة السيكافا الودية الدولية وحقق لقبها رغم افتقاده لمعظم النجوم اللذين يشاركون في كأس الأمم الإفريقية. وحاول مدرب المنتخب السودانى محمد عبد الله "مازدا" العثور على ضالته في المراحل السنية الأقل من المنتخب الأول لتكتمل قائمة بلاده لاختيار الأنسب لتمثيل المنتخب الذي يتمنى الخروج بنتيجة إيجابية في البطولة. وكان المنتخب السوداني الأوليمبي قد شارك أمام نظيره المصري في دورة الألعاب العربية ورغم خروجه بنتائج سلبية في كل مباريات الدورة إلا أن المتابعين للمباريات يمكنهم تقدير مدى الارتفاع في المستوى الذي قدموه في المباريات تلو الأخرى.