كنت أتمنى ألا يعلن ستيفن جيرارد قائد ليفربول "العصيان" على فريقه رافضا البقاء في أنفيلد ، وأن يتعلم من الدرس القاسي الذي تعرض له صديقه مايكل أوين الذي فضل الانتقال إلى ريال مدريد تاركا خلفه فريقا ومدربا رائعين ومدينة تعشقه بجنون. وأثار جيرارد دهشتي الشديدة بإعلانه عبر وكيل أعماله تعثر مفاوضاته مع ليفربول ورغبته الانتقال إلى فريق أخر ، رغم سابق إعلانه بقاءه مع الحمر بعد تتويج الفريق بلقب دوري أبطال أوروبا ، حتى لو كان المقابل المالي المعروض عليه ضخما. وسر هذه الدهشة يعود إلى أن نموذج مايكل أوين مازال عالقا في الأذهان.. فتى مدينة ليفربول الذهبي الذي قرر الانضمام كوكبة نجوم ريال مدريد ، فكان نصيبه الجلوس احتياطيا طوال الموسم لفتى ذهبي أخر لمدينة مدريد اسمه راؤول حتى لو كان مستوى الأخير لا يؤهله للعب أساسيا. وبعد نهاية الموسم الماضي ، وفيما يحتفل زملاء أوين السابقين بالفوز بدوري أبطال أوروبا ، يخرج النجم السابق بخفي حنين ويتم عرضه للبيع بطريقة مهينة ، بل ويطلب الريال مبادلته وسولاري بفرانك لامبارد و"عليهم" 36 مليون دولار أو مبادلته ووالتر صامويل بكريستيانو رونالدو على طريقة اشتري فلان وعليه "شوال رز" أوعلبة صابون "هدية". ومن المؤسف أن يتحول مؤتمر صحفي لإعلان تعاقد ليفربول مع زيندين إلى مناشدة إنسانية من بنيتيث مدرب الحمر ومسئولي الفريق لجيرارد كي "يعود إلى عقله وبيته" مؤكدين أنهم يحققون وعدهم له ببناء فريق كامل من حوله حتى يرضى بمواصلة حمل شارة قيادة ليفربول. وأعتقد أن جيرارد سيكون الخاسر الأكبر من ترك بيته ، لأنه يترك فريقا قويا واعدا يدربه مدرب قدير ، مقابل الانضمام إما إلى فريق يسعى لجمع النجوم دون تمييز لحصد مكاسب تسويقية ، أو لفريق لندني مهما حقق من مكاسب معه فلن تكون بطعم انتصارات أنفيلد. جيرارد في ليفربول هو الملك المتوج فوق العرش ، وهو القائد الملهم الذي يقود الجيوش الحمراء للنصر في المعركة ، أما في الريال أو تشيلسي فسيتحول جيرارد إلى مجرد جندي أخر يمكن الاستغناء عنه فور ظهور أي موهبة بديلة.
"جيرارد في ليفربول هو الملك المتوج فوق العرش ، وهو القائد الملهم الذي يقود الجيوش الحمراء للنصر في المعركة ، أما في الريال أو تشيلسي فسيتحول جيرارد إلى مجرد جندي أخر يمكن الاستغناء عنه فور ظهور أي موهبة بديلة" وللأسف صورت وسائل الإعلام جيرارد على انه صاحب الفضل الأول والأخير في الفوز بدوري أبطال أوروبا وأن ليفربول دونه لا يساوي شيئا وهي نظرة مغلوطة تماما لأن أجواء أنفيلد هي التي صنعت هذا النجم. وكان جيرار أولييه المدير الفني السابق هو من صعد بجيرارد من صفوف الناشئين إلى الفريق الكبير عام 1998 ، ثم منحه شارة القيادة عام 2003 بعد سحبها من سامي هيبيا تقديرا لشخصيته القيادية ولمنحه مزيدا من الثقة ودفعه للتعاقد مع ليفربول لسنوات إضافية ، بعد إجراء جراحة في ركبتيه لإزالة زوائد كانت تعيق تحركاته. جيرارد الذي صعد عبر مراحل الناشئين في ليفربول ليس قائدا بلا أخطاء ولعله لم ينس أن تسجيله هدفا في مرماه خلال نهائي كأس رابطة المحترفين الإنجليزية ضد تشيلسي ، أضاع على ليفربول فرصة الفوز بلقب ثان الموسم الماضي ، وتسبب في خسارة إنجلترا من فرنسا في يورو 2004 من كرة أهداها لهنري في الدقيقة 93. وسبق أن انتقدت سياسة الحمر في إهدار الموارد لكنني أتصور الأن أن جيرارد لو قرر المكوث لعام واحد فقط مع فريقه في ظل التعاقدات الجديدة التي يجريها حاليا مدربه بنيتيث لتغير رأيه كثيرا ، ولا أدري ماذا يريد جيرارد أكثر من الحصول على راتب اسبوعي يبلغ 180 ألف دولار عرضه عليه ليفربول لتمديد تعاقده. أما لو أصر اللاعب على الرحيل ، ففي وسع ليفربول الاستفادة من صفقة بيعه التي من المؤكد أن تتجاوز حاجز ال50 مليون دولار على الأقل وذلك لارتباطه بعقد طويل الأمد في أنفيلد وهي الصفقة التي لن تقل قيمتها عن صفقتي دروجبا ، 44 مليون دولار ، أو روني مثلا ، 48 مليون دولار. ولو أشعل مسئولي ليفربول نار المنافسة بين تشيلسي وريال مدريد لبيع جيرارد بأعلى سعر خاصة في ظل عدم اتخاذ اللاعب قرارا واضحا بالانضمام إلى أي منهما ، فسيعني هذا تدعيم صفوف الحمر بالعديد من النجوم الكبار في أربعة مراكز على الأقل. عزيزي جيرارد .. إرحل عن البيت إن كنت لا تطيق البقاء فيه ، لأن ليفربول لا يتوقف عليك وحدك ، بل يضم ريسا وهيبيا وسيسيه وباروش وموريينتس وجارسيا وألونسو ، ونجوم أخرين في الطريق تحت قيادة مدرب محترم فاز بدوري أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الأوروبي خلال عامين مع فريقين لا ينتميان إلى أغنياء أوروبا.