مباراة "تحرق الدم " .. هو أبسط تعبير عن أحداث مباراة ليبيا ومصر في تصفيات مونديال 2006 والتي أقيمت يوم الجمعة في طرابلس. ليست المشكلة في هزيمة المنتخب المصري .. فالهزيمة واردة في أي مباراة .. وليست الأزمة في ضياع حلم التأهل للمونديال .. فقد تعودنا الإحباط الكروي وأصبح ضياع " الحلم " وتحوله إلى كابوس " أمر عادي بالنسبة للكرة المصرية في السنوات الأخيرة .. لكن المشكلة والأزمة أن الهزيمة جاءت في وقت كان الفوز فيه هو المنطقي والمطلوب وبإمكان الفريق المصري أن يحققه أي ببساطة شديدة فقدنا الفوز بأيدينا ورفضنا الهدية الليبية. الحماس الليبي بقيادة طارق التايب يؤازره جمهور كبير بملعب 11 يونيو بطرابلس هزم الخبرة المصرية .. ونجح الليبي محمد الخمسي المدير الفني لمنتخب ليبيا في أن يوجه ضربة قاضية للإيطالي تارديللي المدير الفني للمنتخب المصري والذي كان يشاهد المباراة مثل الجمهور في بعض الأوقات الحساسة وترك اللاعبين يلعبون على وتيرة واحدة طوال المباراة برغم أن شكل المباراة تغير أكثر من مرة .
أحداث المباراة تظهر على وجه تارديللي الذي يتحمل مسئولية كبيرة عن الهزيمة المباراة بشكل عام كانت مفتوحة .. لعبها الفريق الليبي بجرأة تحسب له وأداء دفاعي حذر مع استغلال المهارات الفردية للاعبيه خاصة طارق التايب الذي لعب بحرية تامة يسانده خط وسط " مقاتل " في معظم الفترات بينما لعب الفريق المصري بنفس تشكيل مباراة الكاميرون ولكن بلا الروح التي تميز بها في تلك المباراة وتعمد تارديللي عدم تخصيص لاعب لمراقبة التايب برغم أن نجاح أحمد فتحي في إيقاف خطورة التايب في مباراة الإسماعيلي والصفاقسي في نهائي دوري أبطال العرب كان أحد أسباب تفوق الدراويش في هذه المباراة . القراءة الرقمية لأحداث المباراة قد تعطي انطباعا ما عن الرؤية الفنية لها لكنها ليست رؤية كاملة وتحتاج إلى تفسير وتوضيح وإلقاء بعض الضوء على معانيها .. البطاقات الحمراء ( واحدة لليبيا ولا شيء لمصر ) والصفراء ( اثنان لمصر في الشوط الثاني وثلاثة لليبيا أحدهم في الشوط الثاني ) .. وهو ما يوضح الحماس الليبي الواضح في الشوط الأول والمصري في الشوط الثاني .. باعتبار أن معظم هذه الإنذارات بلا خشونة متعمدة وعلى أساس أن الحكم جامل أصحاب الأرض أحيانا ولم يحتسب أخطاء واضحة وبالتالي لم يحتسب إنذارات والطرد كان في نهاية المباراة ولم يستغل الفريق المصري التفوق العددي لأكثر من خمس دقائق . التسديد على المرمى ( ستة لمصر منهم خمسة في الشوط الثاني مقابل خمسة لليبيا منهم ثلاثة في الشوط الأول ) والكرات المفقودة ( 25 لكل فريق مع ملاحظة أن 18 منهم في الشوط الأول بالنسبة لمصر و13 في الشوط الثاني بالنسبة لليبيا ) .. وبالنسبة للضربات الركنية ( أربعة لصالح مصر واثنان لصالح ليبيا ) وبالنسبة للتسلل ( ثلاثة على مصر ولا شيء على ليبيا ) .. ولا شك أن هذه الأرقام تعطي انطباعا مباشرا وسريعا عن أن الشوط الأول كان لصالح ليبيا والثاني لصالح مصر وهو انطباع رقمي سليم.
تارديللي وقع في عدة أخطاء بعضها ناتج عن غيابه الدائم في إيطاليا وعدم متابعته للاعبين ووضح ذلك في التشكيل حيث أشرك محمد عبد الوهاب ورامي عادل اللذين لا يلعبان مع ناديهما ومحمد شوقي شبه الغائب وأصر على إشراك محمد أبو تريكه رأس حربة وهوالذي يجيد في خط الوسط كساعد هجوم وغير بعيد عن هذه الأرقام لابد أن نتوقف عند دور ورؤية المدربين في المباراة .. حيث تعامل الخمسي حسب امكانياته وقرأ الفريق المصري ولم يجازف .. بل لعب حذرا مع الإستغلال الأمثل لإمكانيات لاعبيه وساعده فكر تارديللي الذي رفض تخصيص لاعب لمراقبة التايب على أساس أن أي لاعب سيكون بمواجهته فهو مكلف به وعليه إيقاف خطورته لكن يبدو أن هذا الفكر لا يتفق مع فكر وقدرات اللاعب المصري . وبرغم أن المباراة مهمة جدا للفريق المصري الذي يهمه الاستمرار في المنافسة على بطاقة التأهل لمونديال 2006 إلا أن الحماس المصري كان غائبا والروح التي تميز بها في لقاء الكاميرون مفقودة وإن ظلت الثقة موجودة والإحساس بإمكانية تحقيق الفوز مستمرا غير أن التوفيق خاصم الفريق المصري كثيرا واحتاج المهاجمون لبعضه حتى يترجموا الفرص الضائعة تباعا في الشوط الثاني لكن التوفيق عادة يأتي لمن يستحقه لذلك خاصمهم فتاهت الكرات تباعا من بين أقدامهم وطاشت الكرات العرضية ولم تجد من يتابعها وحتى الكرات التي وجدت من يتابعها طاشت وضاعت هباء . وبشكل عام يمكن القول أن الفريق المصري لم يكن سيئا للغاية لكنه لم يكن يستحق الفوز ولم يكن يستحق الهزيمة .. وكان بإمكانه الفوز ليظل في الصورة وفي حلبة السباق على بطاقة التأهل لكن المدير الفني يتحمل الجزء الكبير من وزر الهزيمة ويتحمل اللاعبون الجزء الباقي . تارديللي وقع في عدة أخطاء بعضها ناتج عن غيابه الدائم في إيطاليا وعدم متابعته للاعبين ووضح ذلك في التشكيل حيث أشرك محمد عبد الوهاب ورامي عادل اللذين لا يلعبان مع ناديهما ومحمد شوقي شبه الغائب وأصر على إشراك محمد أبو تريكه رأس حربة وهوالذي يجيد في خط الوسط كساعد هجوم كما تجاهل تارديللي أحداث المباراة والضعف الواضح في اللياقة البدنية للاعبي لي