مدبولي يلتقي أعضاء الهيئة البرلمانية بالمنيا لمناقشة عدد من الملفات    "الستات مايعرفوش يكدبوا" يرصد مواصلة حياة كريمة تقديم خدماتها للعام الخامس    أبو الغيط: حكومة لبنان هي وحدها من يتفاوض باسم البلد    "لا يتوقف".. عمر مرموش يفتتح أهداف آينتراخت فرانكفورت في مرمى ليفركوزن (فيديو)    خدمة في الجول - قبل انطلاق الموسم الجديد.. طرح بطاقات Fan ID لموسم 2024-25    شرع في قتل سيدة.. المؤبد لسائق توكتوك تسبب بوفاة طفل بالشرقية    آية سماحة تحتفل بعيد ميلاد شقيقتها: "أول صاحبة وأول حضن بجد" (صور)    "والله وبقيت تريند بس عن جدارة".. صلاح عبدالله يعلق على كلب الأهرامات    الأربعاء.. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لمنطقة كفر طهرمس ضمن مبادرة بداية    وزير الشباب يضع حجر الأساس للمدرسة الرياضية الدولية بالمركز الدولي للتنمية بالغردقة    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    بعد البراءة.. ماذا قال إمام عاشور أمام النيابة بقضية مول الشيخ زايد؟    بوريل يدعو لتوسيع الصلاحيات العسكرية لقوات حفظ السلام الأممية في لبنان    رئيس مركز باريس بالوادي الجديد يوجه بانشاء رامب لخدمة المرضى    وزير الكهرباء: من طلبوا تركيب العداد الكودي قبل شهر أغسطس ليسوا مخالفين    مدبولي: استثمارات العام المقبل موجهة ل«حياة كريمة»    توتنهام يتغلب على ضيفه وست هام يونايتد بحصة عريضة 4 – 1 في الدوري الإنجليزي الممتاز    وزير الأوقاف يشارك في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد نيابة عن الرئيس السيسي    حكم قضائي جديد ضد "سائق أوبر" في قضية "فتاة التجمع"    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    تأجيل محاكمة بائع خضار لاتهامه باستدراج سائق تروسيكل وقتله بشبين القناطر لجلسة الأربعاء المقبل    مصرع مزارع دهسًا أسفل عجلات جرار زراعي في قنا    وزيرة التنمية المحلية: النهوض بموظفي المحليات ورفع مهاراتهم لجذب الاستثمارات    وزير الكهرباء: بدء تشغيل محطة الضبعة عام 2029    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    عميد طب الأزهر بأسيوط: الإخلاص والعمل بروح الفريق سر نجاحنا وتألقنا في المنظومة الصحية    فعاليات فنية عن تاريخ مصر الفرعوني والثقافي ببوليفيا    ب "السحر والدجل".. ضبط شخصين لاتهامهما بالنصب على مواطنين    بيولي: حققنا الأهم أمام الشباب.. ولا نملك الوقت للراحة    رئيس حي بولاق أبو العلا: تقديم كل التسهيلات للراغبين في التصالح على مخالفات البناء    مدبولي: القطاع الصحي ركيزة رئيسية ضمن خطط تطوير الدولة المصرية    بقصد الاستثمار بالبورصة.. التحقيق مع موظف بالنصب على مواطن في الشيخ زايد    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    تعرف على قيمة الجوائز المالية لبطولة كأس السوبر المصري للأبطال    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    ارتدوا الملابس الخريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    11 شهيدا وعدد من المصابين جراء قصف الاحتلال منزلا بمخيم المغازى وسط غزة    تشكيل اتحاد جدة المتوقع أمام القادسية.. بنزيما يقود الهجوم    إعلام عبرى: انفجار الطائرة المسيرة بمنزل نتنياهو فى قيسارية أحدث دويا كبيرا    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    وزير الخارجية: أخبار سارة قريبا بشأن التواجد السعودي الاستثماري في مصر    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    تطورات جديدة بشأن مستقبل جافي مع برشلونة    أول تعليق لصاحب جواز سفر عُثر عليه بجوار يحيى السنوار بعد اغتياله.. ماذا قال؟    ارتفاع عجز الميزانية الأمريكية إلى 1,8 تريليون دولار    لا داعي للأدوية.. وصفات طبيعية كالسحر تخلصك من الإمساك في 30 دقيقة    «معندهوش رحمة».. عمرو أديب: جزء من القطاع الخاص لا يطبق الحد الأدنى للأجور    وزير الخارجية اللبناني: استمرار إسرائيل في سياسة المجارز سيؤدي إلى مزيد من التطرف    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    جميل عفيفي: تطابق وجهات النظر المصرية والسعودية في كل قضايا المنطقة    مونتيلا يدخل دائرة المرشحين لتدريب مانشستر يونايتد    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طبيب مبارك فى حوار ل«الوطن»: الرئيس السابق مريض بالسرطان.. لكنه صلب
الطبيعة العسكرية تغلب عليه.. ووعيه حاضر ويدرك أدق تفاصيل مرضه ويتابعها
نشر في الوطن يوم 20 - 12 - 2012

حكايات وروايات كثيرة بعضها حقيقى، وآخر من نسج الخيال، ترددت عن طبيعة إقامة الرئيس مبارك فى المركز الطبى العالمى، لكن الشهود الحقيقيين عن تلك الفترة، لم يتحدثوا بعد، ويفندوا تلك الحكايات. أحد هؤلاء هو ياسر عبدالقادر، أستاذ الأورام والأمراض السرطانية بقصر العينى، المعروف بطبيب المشاهير، الذى التقته «الوطن» وأجرت معه حوارا شاملا عن حقيقة الحالة الصحية للرئيس السابق ووثقنا شهادته عما كان شاهدا عليه فى فترة إشرافه على علاج «مبارك» أثناء فترة حبسه احتياطيا بالمركز الطبى العالمى قبل صدور الحكم ونقله إلى مستشفى سجن طرة.
* قيل كلام كثير عن صحة الرئيس السابق مبارك ومدى إدراكه للواقع المحيط به، ما مدى هذا الإدراك؟ وهل هو حاضر الذهن وواع لما يدور فى مصر أم منعزل عنه بحكم المرض؟
- الرئيس السابق واع وحاضر الذهن ولياقته الذهنية عالية وليست متأثرة بتقدمه فى السن على وجه الإطلاق، ولكى أكون أمينا، فأنا لم أتطرق معه فى الحديث عن الأحداث السياسية، وكانت العلاقة بينى وبينه علاقة جادة ومحترمة من الطرفين، يغلب عليها الطابع الإنسانى فى المقام الأول والطابع العلمى فى المقام الثانى، والعلم والإنسانية لا ينفصلان وهو ما أقوله دائما وهو ما تعلمته من أساتذتى فى مهنة الطب، وأذكر فى هذا المقام واقعة، كنت زمان أساعد أستاذنا الراحل الدكتور محمود محفوظ وكان يسمح لى برؤية الأميرة السابقة فائقة فؤاد شقيقة الملك السابق فاروق، وكانت فى محنة صحية ونفسية قاسية، خاصة أن هؤلاء كانوا يعتبرون أنفسهم أصحاب البلد وقتذاك، ولم أكن أتطرق معها إطلاقا للحديث السياسى، لأنك لو تطرقت معها لحقيقة الأحداث الجديدة، فستشعرها بحرمان من أشياء كانت فى يدها وستؤذيها نفسيا، لذا لم أتعمد الحديث مع مبارك فى أى حوار فى غير ما يخص صحته.
* وهل كان يبادلك الاهتمام بحالته الصحية؟
- نعم كان دقيقا وحريصا على كافة تفاصيل حالته الصحية، وكان عارف صحته ماشية إزاى، وعارف البيانات الخاصة به جيدا، وأعتقد أن الطابع العسكرى كان غالبا على تكوينه الشخصى حتى فى محنته المرضية.. وكان عارف كل حاجة عنده وعارف تفاصيلها وعارف كل شىء بدقة متناهية.
* هل حالة الرئيس السابق أثناء حضوره جلسات المحاكمة كانت تستدعى استلقاءه على سرير طبى كما ظهر فى التليفزيون؟
- لكى أكون دقيقا، هذا ليس تخصصى.. لكن أنا شفته وشفت كل الأمراض المصاحبة لمرضه الأساسى الذى يعنينى، وأعرف أنه بالفعل يعانى ضمورا شديدا فى عضلات قدميه يجعل من الصعب جدا عليه الوقوف أو الجلوس لفترة، وزاد الضمور أثناء وجوده بالمركز الطبى العالمى، لحضوره جلسات متكررة، وعدم انتظامه فى جلسات العلاج الطبيعى، ومن الأمانة أن أقول إنه لم يكن متمارضا أو مستعليا ولم تكن لديه حالة جُبن، وهذا ليس دفاعا عنه، لكن حتى المنطق يقول إن الذى شارك فى الحروب ليس فى طبيعته الجبن.
* هل رأيته مهزوما فى أى وقت؟
- أبداً لم أره إلا صلبا ولم أره مهزوما.
* لكن فى نهاية الأمر هو بشر وقد زال ملكه بثورة شعبية، فكيف لا يبدو مهزوما؟
- فيه واقعة غريبة جدا أذكرها للتاريخ، كانت جلسات المحاكمة متكررة فى شهرى فبراير ومارس من العام الماضى، والجو كان باردا جدا وقتها، وبالفعل أصيب الرئيس السابق بنزلة شعبية وارتفاع فى درجة الحرارة، وهذه الحالة لشخص فى سنه، من الناحية الطبية تُلزمه الفراش بلا جدال، لكنه التزم بالنزول وأصر عليه، وقال لى «لازم أنزل، فيه ناس رايحة وناس جاية من المحكمة والمحامين والشهود ولا يجب أن أعتذر»، وهذا ليس دفاعا عنه لكن ما شاهدته، فهو رجل مريض لكنه غير مهزوم، يمكن المرض يهده شوية لكن طبيعة تكوينه يغلب عليها الطابع العسكرى المقاتل.
* فترة بقاء الرئيس السابق بالمركز الطبى العالمى شهدت نشر أنباء وتسريبات عديدة عن إقامته الفخمة هناك، وتعامله هو وأسرته كأنهم ما زالوا فى الحكم، ما مدى صحة هذه الأنباء؟
- الحالة فى المركز الطبى العالمى كانت عبارة عن جناح فى الدور الخامس، مثل أى جناح فى مستشفى كبير أو استثمارى، وهو كان وحيدا طوال الوقت، ليس معه سوى فريق طبى.. وكنت أمر عليه أنا وهيئة تمريض عادية، كل ما قيل عن جاكوزى وحمامات سباحة غير صحيح.
* لكن بعض الصور ظهر بها جاكوزى بالفعل؟
- بعض الصحف نشرت صور جاكوزى، لكن لم تنفرد بصور المريض داخله، إنما هو كان قاعد فى غرفة واحدة وزوجته فقط مرافقة له.
* على ذكر سيرة زوجة الرئيس السابق هناك واقعة نشرت بأنها صفعت إحدى الممرضات لأنها لم تتحدث معها بأسلوب لائق ما صحة هذه الواقعة؟
- كل ما يقال عن زوجة الرئيس السابق فى هذا الموضوع محض افتراء، السيدة تمر بمحنة نفسية لا أحد يختلف على ذلك، ولابد أن هذه الحالة تجعلها غير طبيعية بمعنى عصبية نفسيا ومتضايقة.. لكنها لم تخرج عن اللياقة مع أى حد وعلاقتها بالتمريض والأطباء كانت جيدة وممتازة، ولم تخطئ فى أى أحد أو لم أر ذلك على وجه الإطلاق، كانت دائما تقول لى «كتر خيرك يا دكتور إحنا بنتعبك معانا»، وهى بالنسبة لى زوجة مريض تشكرنى وكنت أرد عليها بشكل كويس طبعا. وكثير من الأقاويل انتشرت وكله نسج من الخيال.
* هل لديك أمثلة على موضوعات عن مبارك كانت من نسج الخيال كما تقول؟
- إحدى الجرائد الشهيرة والكبيرة جدا، سبق وفبركت موضوعا من أوله لآخره ونسبوا لى كلاما لا أعرف من أين أتوا به، وعندما حاولت مقابلة رئيس التحرير لم يكن يستطيع الوصول لمكتبه كرئيس تحرير بسبب الاحتجاجات الداخلية بالجريدة، فتركت الأمر وقلت إذا كان رئيس التحرير لا يستطيع أصلا الوصول إلى مكتبه فكيف أنتظر منه تصويب ما نشره.
* تردد أن الرئيس السابق دخل فى نوبات بكاء عنيفة وتناول مهدئات ولم يكن يهدأ إلا باستدعاء حفيده؟
- جائز.. لكن ما هو مؤكد بالنسبة لى أنه فى ملخص علاجه لم تكن هناك أدوية مهدئة أو مضادة للاكتئاب، ولم أره منهارا إطلاقاً، هذا فى حدود زياراتى، الله أعلم بعد ذلك ماذا يحدث معه.
* لكن من المؤكد أن الرئيس السابق كان يسألك عن أحوال البلد؟
- كنت أتحسس الكلام معه، تحدثنا مرة عن أحداث 18 و19 يناير فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ونحن نقول عليها ثورة، فتحسست وأنا أقول كلمة «ثورة شعب»، وكنت أنتقى الألفاظ لأننى فى النهاية أنظر لعلاقتى بهذا الرجل كطبيب مكلف بمتابعة حالته بأمانة طبية. وقيل أيضاً إنه جرى الضغط علىَّ أثناء تحرير التقرير الخاص بحالته الصحية، وأنا أؤكد أنه لم يضغط علىَّ أحد ولم تمارس أى ضغوط ضدى، ومحامى الرئيس السابق وأسرته كانوا قلقين عليه كمريض لديه تاريخ مرضى بالسرطان.
* بمناسبة التاريخ المرضى للرئيس السابق، عندما سافر إلى ألمانيا للعلاج تدخلت الرئاسة المصرية للتأثير على التقرير لعدم إعلان إصابته بالسرطان، وبعد دخوله السجن، طلبت الأسرة من الطبيب الألمانى التقرير الحقيقى، لكنه رفض أن يعود فيما سبق ذكره، ما مدى صحة ذلك؟
- أنا تسلمت حالة الرئيس السابق منذ وصوله المركز الطبى العالمى، ولا أستطيع أن أقول مدى ثقتى عن حالته قبل تسلمه، لكن الورق المثبت لدىَّ عن التحاليل التى أجراها فى معامل مصرية ومعامل المركز أثبتت مرضه بالسرطان، فلم نكن بحاجة للتقرير بدليل أن اللجنة التى ذهبت لشرم الشيخ من أساتذة الجراحة هى التى قيّمت تبعيا ماذا أضيف لحالته وماذا حُذف بناء على تقارير الجراحين، وقيل فى الصحف إن الطبيب الألمانى جرى تهديده بالقتل وكذا، ولا أعلم مدى صحة تقريره عنه أثناء رئاسته لمصر.
* بخبرتك كطبيب مطلع على حالة الرئيس السابق، هل مستشفى السجن مؤهل فعليا لاستقبال حالته؟
- مستشفى السجن ليس مثل المركز الطبى العالمى، هو فعليا يحتاج لمستشفى مجهز، ويحتاج أشعة مقطعية وأشياء كثيرة جدا شفتها بعينى وغير موجودة بمستشفى السجن.
* قيل أيضاً إنه حدثت واقعة غريبة تعرض لها الرئيس السابق عندما فوجئ وهو فى الجناح بأحد المواطنين يفتح الباب عليه وانتابته حالة ذعر من ذلك؟
- هذه الواقعة صحيحة وأعتقد أنه كان هناك تغيير «نوبتجيات» بالنسبة للحراسة، لكن لم يكن فى الأمر سوء نية على الإطلاق، وما عرفته أنه شخص ضل الطريق والأمر كان صدفة بالنسبة له.
* كيف تحدث صدفة مع شخصية بهذه الأهمية وبهذه الطريقة؟
- الجناح له مدخلان، أحدهما مباشر، ومن الوارد أن أحد الحراس دخل الحمام أو كان يصلى، أثناء صعود هذا الشخص للطابق الخامس، لكنه لم يجد أحدا يستوقفه، أو يسأله عما يريد، ففتح باب الجناح ليجد الرئيس السابق أمامه.
* إلى هذه الدرجة كانت الحراسة مخففة؟
- الحراسة تدرجت، فى الأول كانت قوية جدا، ثم أصبحت متواضعة، وهنا أريد أن أقول إن السجن ليس بأن يكون مكان احتجاز وعليه لافتة باسم السجن، فالسجن أن يجرى عزلك فى غرفة، والعزلة هذه هى السجن الحقيقى بغض النظر عن التسميات، أنا مقتنع بأن مبارك عندما كان فى المركز الطبى العالمى كان سجينا.
* هل انزعج بعد هذه الواقعة؟
- الرئيس السابق كان «حسيس» جدا فى التعامل، وكان قمة فى الأدب والطاعة أيضاً كمريض، وكنت أرد له هذا، لأنى كنت أقف أمام مريض سواء مدانا أو بريئا، ليس بينى وبينه سوى بيانات طبية ومعملية وإشاعات وغيره، المريض مريض، سواء رئيسا أو غفيرا، المهم المرض. لكن كانت العلاقة (متستفة) بينى وبينه الحقيقة جدا جدا.
* أنت معروف بأنك طبيب المشاهير، والمريض الذى تعالجة حكم مصر 30 عاما وهو بين يديك بعد شهور من تركه للحكم، وبالتالى الأمر ليس بهذه البساطة، أليس كذلك؟
- صحيح واللقاء الأول ده كان صعب جدا.
* كيف؟
- أنا أستاذ علاج أورام، ووصفك لى ب«طبيب مشاهير» تفضل منك، لكن فى حالة مبارك الأمر خرج عن نطاق الشهرة، وأذكر أننى ذهبت للمرة الأولى إلى المركز الطبى العالمى لأتابع حالة مبارك وقاعد أفكر مع كل خطوة إن «المنصب له هيبة» وإن «حسنى مبارك اللى عاش 30 سنة حاكم ماينفعش هيبته تروح فى يوم»، واكتشفت فيما بعد إن الهيبة صعب تضيع فى يوم أو اتنين، ممكن تروح على مدار سنين، وده مش عيب، هذه سنة الحياة.
* وماذا جرى فى اللقاء الأول به؟
- اللقاء الأول كان صعبا علىَّ جدا، ودارت فى ذهنى صور معينة، وهى التى ذكرتها عن «الهيبة»، وكان لازم أستأسد لأن دى علاقة طبيب ومريض، ولازم واحد يكون سيد الموقف بغض النظر إنه رئيس سابق وأنا طبيب أو أستاذ فى كلية الطب، إنما هو مريض وأنا طبيب. أول 10 دقائق كانت فى غاية الصعوبة، متلخبط أقف ولا أقعد وهكذا انتابتنى هواجس عديدة. أى واحد كان قبل 25 يناير كان يعتقد إن مقابلة الرئيس لها مراسم وبروتوكولات وظيطة وشغلانة، أنا هقابل نفس الراجل نعم خُلع أو تنحى، لكن هو الشكل هو هو.. أنت ترى موقفا آخر، عندك خلفية من الأمور الماضية والمستجدة وفى توقيت مبكر، فى أغسطس 2011، والأمور كانت مربكة بالنسبة لى.
* ما أول جملة قالها لك؟
- قال «أهلا يا دكتور»، و«أنا بتعبك معايا» و«أنا سعدت جدا لما سمعت اسمك فى المحكمة، وسعدت إن أنت هتبقى معايا وتشرف على علاجى» وهنا تأكد لى أنه حاضر الذهن وعارف يعنى إيه محكمة، وسمع ما يقال.
* وهل نجحت فى ترويض المريض حسنى مبارك؟
- مقدرش أقول ترويض، لأنه كان شخصية مختلفة تماما، ومرتب جدا من الناحية الذهنية وحاضر الوعى ويرد بسرعة على الأسئلة التى أوجهها له كطبيب، ويعرف تاريخه المرضى، ويشخص ما يؤلمه، ومخه مرتب للغاية.
* لماذا تبدو متحفظا جدا فى الكلام عن تفاصيل يوميات الرئيس السابق معك وما جمعكما من حوارات؟
- أكيد كان فيه حوارات، مش عارف هل الآن وقت ذكرها أم لا، وهذا ليس خوفا من أحد، لكن الرجل احترمنى، وأنا أيضاً احترمته على المستوى الإنسانى، وهو أخفق لا جدال، وأعترف بأن هناك خطأ، والأسوأ من الخطأ أنك لا تصلحه، ولكن لا تختزل الثلاثين سنة فى سنة على المستوى الشخصى. كان بيننا إطار محترم، قدرته وقدرنى وكنت حريصا جدا وما زلت بعدم الدخول فى تفاصيل أكثر من ذلك.
* هناك واقعة كنت شاهدا عليها، أثناء علاج الفنان الراحل أحمد زكى، مع نجلى الرئيس السابق، ما تفاصيلها؟
- أحمد زكى كان يجهز لعمل فيلم بعنوان «الضربة القوية» عن حرب أكتوبر، وليس «الضربة الجوية» كما أُشيع إعلاميا، لكن ما حدث كان بسبب خفة ظل وتلقائية أحمد زكى، كنا فى المستشفى، فأبلغونا بحضور جمال وعلاء مبارك للاطمئنان عليه فى وجود وزير الصحة، ونقلا تحيات والدهما له، وكان جمال وعلاء جايبين البيانات والأوراق اللى طلبها بخصوص فيلم «الضربة القوية» وفجأة من غير سابق إنذار بدأ أحمد زكى يتكلم بتلقائية، وقال «أنا عملت السادات وعملت ناصر 56 وكان نفسى أعمل ناصر فى عزه فى الستينات، فاضلى أعمل إيه علشان أقفل تاريخ مصر؟» سكتنا جميعا، فإذا به يقول فاضل أعمل سعد زغلول.
* وماذا حدث بعد ذلك؟
- أبدا بعد ما مشيوا سألنى أحمد زكى: هو أنا غلطت؟ قلت له أنت جبت رؤساء مصر كلهم وسعد زغلول زعيم مصر، وجيت لحد مبارك ومجبتش سيرته، قال لى: الصراحة عندك حق. كانت العلاقة بينى وبين أحمد زكى تسمح بهذا، وكان دايما عنده كلمة شهيرة جدا، فجأة كده يقول «المكلمة اشتغلت يتكلم بدون توقف».
* تعتبر أن صداقتك لأحمد زكى أثناء علاجه أكسبتك شهرة؟
- بالطبع.. لأنه كان له الفضل فى مقابلة قداسة البابا شنودة الراحل والأستاذ محمد حسنين هيكل، حتى عندما اطمئن عليه الرئيس السابق جعلنى أرد عليه، ولم أكن أتوقع اهتمام الرئيس بشار الأسد بأحمد زكى لدرجة أنه يتصل بى للاطمئنان عليه، وكل طوائف المجتمع العادية وكل فنانين مصر كانوا على تواصل معى، وأحمد زكى كان له الفضل فى حبهم لى ومعرفتهم بى.
* كيف تتصور الفارق بين فنان محبوب مثل أحمد زكى، وشخصية ثار عليها الشعب غاضبا مثل مبارك؟
- الاثنان متناقضان جدا، واحد يمين، والثانى شمال، أحمد زكى عرفنى بالناس، ومحبوب لكن ترويضه صعب وكان عصبيا جدا، وكان دائما يذكر وصف صلاح جاهين له بأنه مثل «ضفيرة كهرباء عارية، تطقطق وتكهرب»، والتعامل معه كان بحرص شديد، ولم يكن يستطيع أخذ دواء إلا لما أشوفه رغم أنه فى مستشفى فى باريس، ومش معقولة هينصبوا عليه يعنى، كان عنده نظرات ثاقبة فى اللى بيحبه واللى خايف عليه عن اللى مبيحبوش، وكنت بتخانق أنا وأحمد زكى على الفلوس، وأقوله «مش هآخدها»، يقول لى هقطعها، ويجبرنى آخدها، وكان عنده إحساس بعزة النفس، فى مرة عزمته على عيد ميلاده فى شهر أكتوبر، فى مركب سياحى بالزمالك، كنوع من رد الجميل له، وحجزت أكل آسيوى، كان بيحبه، أول حاجة عملها لما وصل حط «الكريدت كارد» بتاعه، أمام الكاشير قبل الدخول، وقال «حذارى حد يدفع الحساب إلا أنا»، أقوله «دا عيد ميلادك يا عم أحمد، تيجى إزاى يعنى» مفيش فايدة، وأنا قلت لصديقه الكاتب الكبير عماد أديب إن «أحمد هيموت وهو فى البلاتوه مش على سرير، وفعلا وقع منى فى المدرسة السعيدية أثناء تصوير فيلم حليم، ثم مات».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.