يدير رئيس الجمهورية ومعه جماعته وحلفاؤها الحياة السياسية المصرية بانفرادية محركها الأوحد مصالحهم الضيقة. فالدكتور مرسى لم يستجب للمطالب المشروعة لتأجيل الاستفتاء على الدستور غير التوافقى الذى أنتجته جمعية تأسيسية باطلة. ولم يلتفت بجدية لاستعداد القوى الوطنية الحوار معه حال تأجيل الاستفتاء لإخراج مصر من أزمتها الراهنة. بل ولم يعر اهتماماً، إلا بصيغة تحايلية، لرفض قطاع واسع من القضاة وأعضاء الهيئات القضائية الإشراف على استفتاء الدستور. فى مواجهة كل هذه الانفرادية والصيغ التحايلية، وعلى الرغم من وجود بعض الأصوات التى طالبت بمقاطعة الاستفتاء على الدستور الباطل، كنت من بينها، قررت جبهة الإنقاذ الوطنى دعوة الناخبات والناخبين للتعبير عن رفضهم للدستور الذى يعصف بحقوقهم وحرياتهم والتأسيسية الباطلة التى أنتجته وتجاهل الرئيس وجماعته للمطالب الشعبية بالمشاركة فى الاستفتاء والتصويت بلا. وربطت الجبهة المشاركة بتحقق مجموعة من الشروط؛ هى: الإشراف القضائى الكامل (قاضٍ فى كل لجنة فرعية) ووجود مراقبين محليين ودوليين وضمان تأمين الناخبات والناخبين أثناء عملية الإدلاء بالصوت وإجراء الاستفتاء فى يوم واحد والقيام بفرز الأصوات وإعلان النتائج فى اللجان الفرعية. ولم يكن وضع شرط إجراء الاستفتاء فى يوم واحد من قبل جبهة الإنقاذ إلا ترجمة مباشرة للقواعد والأعراف الدولية المنظمة للاستفتاءات، التى تبتغى كفالة نزاهتها. فالاستفتاءات، وهى تتشابه هنا مع الانتخابات الرئاسية وتختلف عن الانتخابات البرلمانية والمحلية، تجرى فى يوم واحد؛ لأن إجراءها على مراحل يعصف بنزاهتها ويتناقض مع تعبير الناخبات والناخبين عن اختياراتهم بحرية. حين تجرى الاستفتاءات على مراحل وتعلن أو تعرف نتائج المراحل الأولى قبل المراحل التالية، ونحن فى مصر سنكون مع هذا المشهد نظراً لشرط الفرز وإعلان النتائج فى اللجان الفرعية، تنقضى نزاهة الاستفتاء والاختيار الحر للناخب الذى يصبح عرضة للتأثير المباشر للنتائج المعلنة. فمرحلة أولى تأتى بنتائج ترجح نعم أو لا للدستور تؤثر حتماً على الناخبات والناخبين فى المرحلة الثانية، فتحبط البعض وتشجع البعض وتدفع البعض الآخر لتغيير الاختيار واحتمالات أخرى كثيرة. لم يكد اجتماع جبهة الإنقاذ الوطنى ينتهى إلى دعوة الناخبات والناخبين للمشاركة فى الاستفتاء والتصويت بلا لإسقاط الدستور الباطل، إن تحققت شروط النزاهة المختلفة، ومن بينها إجراء الاستفتاء فى يوم واحد، حتى جاء نبأ القرار الجمهورى بإجراء الاستفتاء على يومين ليجدد ضرب الرئيس وجماعته عرض الحائط بالإدارة الديمقراطية والنزيهة للاستفتاء على الدستور. يملى على ضميرى التأكيد أن عدم تحقق شرط إجراء الاستفتاء فى يوم واحد يعصف بنزاهته ويتعين معه، ومع كافة النواقض الأخرى التى تعانى منها عملية وضع دستور باطلة فى كافة مكوناتها، مقاطعة الاستفتاء. إلا إننى سألتزم بقرار جبهة الإنقاذ الوطنى فى هذا الصدد، فالحفاظ على الجبهة متماسكة وعدم شق الصف لهما أهمية كبرى لإدارة العمل السياسى ومسار الاحتجاج الشعبى السلمى لتخليص مصر ممن يريد اختطافها وتغيير هويتها.