لم تخفِ الصحف الأمريكية تشاؤمها من النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة فى مصر التى رجحت أن يخوض كل من الدكتور محمد مرسى، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، والفريق أحمد شفيق، جولة الإعادة، معتبرة أنها نكسة للتطلعات الثورية واضطهاد لإرادة قطاع كبير من المصريين. وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية: «حتى الآن تبدو نتيجة الانتخابات مخيبة للآمال بعدما تطلع الناس لأن تفتح الثورة الشعبية التى اندلعت العام الماضى مساراً وسطياً وتتجاوز الانقسامات التى جعلت مصر مشلولة بين الخوف من التطرف الإسلامى والخوف من الدولة البوليسية العسكرية». وأضافت الصحيفة: «هذه النتائج تثير تحذيرات خطيرة بشأن نجاح الثورة المضادة إذا فاز أحمد شفيق أو استيلاء الإسلاميين على السلطة إذا أصبح محمد مرسى رئيساً لمصر». فى حين رأت الصحيفة أن المرشحين الآخرين، الذين حاولوا تقديم رؤية موحدة أكثر، فشلوا فى التغلب على الانقسامات العميقة فى المجتمع المصرى. واعتبرت الصحيفة أن «هذه النتيجة تقدم خياراً موجعاً بالنسبة لأغلبية الناخبين الذين صوتوا لصالح المرشحين الآخرين». ونقلت الصحيفة عن أحد الناخبين، أحمد كبانى «38 عاماً» قوله: «إنها صدمة، لا أريد مرسى أو شفيق، لذا لن أدلى بصوتى فى جولة الإعادة». وعلقت الصحيفة قائلة: «رغم أن شفيق لم يقل بشكل علنى إنه سيعيد النظام القديم فإنه أدار حملته الانتخابية على أنه الرجل القوى القادر على قمع احتجاجات الشوارع واستعادة القانون والنظام». وتابعت: «حيث لعب على مخاوف الناخبين من الانفلات الأمنى وانتشار الجرائم، ولعب كذلك على مخاوف الأقلية المسيحية من تصاعد قوة الإسلاميين الذين يسيطرون بالفعل على البرلمان». فى حين رأت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن نتائج الانتخابات الأولية تركت قطاعاً كبيراً من الشعب المصرى يشعر بالاضطهاد والذهول، خاصة أن كلاً من مرسى وشفيق لا يعتبران من أبطال الثورة الشعبية. ونقلت الصحيفة عن خبيرة فى شئون الشرق الأوسط بمعهد كارنيجى الأمريكى، مارينا أوتاواى، قولها: «إنه لا مرسى ولا شفيق يعتبران نموذجين جيدين بالنسبة للمصالح الأمريكية». وأوضحت أن «شفيق قد يتسبب فى مشاكل نظراً لاحتمال حدوث انتفاضة أخرى، وستنقسم البلاد، ومرسى يعد مشكلة بالنسبة لواشنطن، فالكثير من السلطة سيصبح فى يد الإسلاميين ومرة أخرى ستعانى البلاد من الانقسامات». من جانبها، اعتبرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية أنه «على الرغم من مرور نحو سنة ونصف على الثورة فإن خوض شفيق جولة الإعادة يشير إلى أن دعائم الماضى لا تزال قوية، ويتعارض مع مستقبل البلاد». وقالت الصحيفة: «إن هذه النتيجة تعد نكسة بالنسبة للنشطاء من الشباب والليبراليين والعلمانيين الذين قاموا بالثورة وأسقطوا الرئيس السابق حسنى مبارك». وفشل النشطاء والليبراليون فى التعبير عن رؤية مثيرة فى بلد يتطلع لقيادة جديدة وتركوا الأيديولوجيات المألوفة تأخذ صدى جديداً مع مواجهة المصريين للحكم العسكرى وتقلص أرضية سياسية مشتركة، على حد قول الصحيفة. وتابعت: «أعرب الثوريون والنشطاء عن قلقهم من أن تتعرض الحقوق المدنية فى مصر للخطر، إما من خلال دستور جديد يرسخ الشريعة الإسلامية أو باليد الثقيلة لشفيق». وفى نفس السياق، قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية: «علامات فوز شفيق بالرئاسة تلقى بإحساس قاتم على السياسيين المعتدلين فى مصر والنشطاء الرافضين للحكم العسكرى والحكم الإسلامى». وأضافت: «المصريون المعتدلون الذين تم تفتيت أصواتهم بين العديد من المرشحين فى الجولة الأولى وجدوا أنفسهم محاصرين بين اثنين من المرشحين يكرهونهما»، كما يخشى العديد من المصريين الذين ساندوا الثورة من أن يتلقوا الضربة القاضية لتطلعاتهم الثورية.