جاءت رياح المناظرة الرئاسية الشهيرة للمرشحين «السابقين» عمرو موسى وأبوالفتوح بما لا يشتهى طرفا الرهان، أو بمعنى أدق «طرفا النزاع».. بعد أن تسببت المناظرة فى إسقاط الاثنين معا بالضربة القاضية، رغم أن كل التوقعات كانت تراهن على تقدمهما السباق قبل هذه المناظرة. واعتبر خبراء فى الإعلام أن المناظرة أدت إلى تحول كتل تصويتية مؤيدة لكل منهما إلى مرشحين آخرين لم يكن فى الحسبان أن يتنافسا فى اللحظات الأخيرة على المركز الثانى، وهما أحمد شفيق وحمدين صباحى، بعد أن تحولت المناظرة من عرض للبرامج والأفكار ومحاولة كسب أرض جديدة إلى «خناقة» وكشف مساوئ وعورات الآخر أمام الرأى العام، وقال د. سامى الشريف أستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة إن خطاب موسى وأبوالفتوح فى المناظرة أهمل شريحتين مهمتين، هما المرأة والأقباط مؤكداً أن الأيام ستثبت أن هذه الكتل التصويتية وراء تقدم شفيق وصباحى، مشيرا إلى أن المناظرة أظهرت عورات المرشحين وأساءت إليهما وجاء دفاعهما ليكشف تلك العورات ولا يسترها، وظهرت جليا محاولات أبوالفتوح استرضاء جميع التيارات واللعب على جميع الحبال، فتارة يؤكد أنه سلفى وبعد قليل يميل للإخوان ثم يعود مسرعاً لصفوف الثوار، والقاعدة تقول «إذا حاولت استرضاء الجميع لن تكسب أحداً». وأضاف الشريف أن باقى المرشحين كانوا من الذكاء بمكان عندما استفادوا من المناظرة الأولى ورفضوا الدخول فى مناظرات مماثلة، مؤكدا أنه كان لينصح موسى وأبوالفتوح بإلغائها لأن الشعب المصرى لم يعتد مثل تلك المناظرات ويكره السب والقذف والمشاجرات ويستهين بمن يقوم بمثل تلك الممارسات. من جانبه قال الدكتور سامى عبدالعزيز الخبير الإعلامى إن الرابح الوحيد من تلك المناظرة هو حمدين صباحى، لأنها كشفت مساوئ المرشحين وأعادت ترتيبهما فى بورصة الانتخابات، وهو ما بدا جلياً صبيحة اليوم الثانى من عقد المناظرة، حيث أكدت استطلاعات الرأى تراجع كل منهما بنسبة 10% ليستمر التراجع بعدها حتى بداية الاقتراع. وأضاف عبدالعزيز أن المرشحين تناسيا هموم وقضايا ومشاكل المجتمع فى تلك المناظرة وراح كل منهما يكيل الاتهامات للآخر والتراشق بالألفاظ ومحاولات إيجاد نقاط ضعف كل منهما وتحول الأمر إلى وصلة من التجريح، وحينما تذكرا مناقشة مشاكل الوطن رسما لوحة سيريالية على الماء سرعان ما ستزول، وهو ما استشعره رجل الشارع وحول مؤشر بوصلته إلى أقرب اثنين هما حمدين صباحى وشفيق، حيث استطاعا الاستفادة من أخطاء موسى وأبوالفتوح وبدأ حمدين فى اللعب على حبل هموم المواطن، وراح شفيق أبعد من ذلك بإيجاد حلول لها. وأشار إلى أن مصر ربحت من تلك المناظرة كشف مساوئ وعيوب كلا المرشحين، مضيفا أنه كان يتمنى أن تتكرر هذه المناظرة بين كل المرشحين حتى تظهر الحقائق أمام الشارع المصرى. «خسر المرشحان وفازت وسائل الإعلام» هذا ما أكدته دكتورة ليلى عبدالمجيد عميد إعلام القاهرة سابقاً، مشيرة إلى أن وسائل الإعلام التى نجحت فى استضافة المرشحين فى أول مناظرة استطاعت تحقيق السبق وحققت عائدا مهولا من الإعلانات إلى جانب أن المناظرة ظهرت بشكل مهنى جديد. وأشارت عبدالمجيد إلى أن الوقت لا يزال مبكرا للحكم على تأثير وسائل الإعلام، لأن الأمر متداخل وفيه عوامل أخرى من بينها الاتصال الشخصى وتأثير قادة الرأى.