سألت السيد الرئيس فى حوار تليفزيونى فى أثناء فترة الترشح للانتخابات الرئاسية عن قراره لو خرجت مليونيات تطالب بسقوط النظام بعد توليه الرئاسة، وكانت إجابته أن هذا لن يحدث وإذا حدث سينزل على إرادة الشعب. لا أذكر هذا الآن لأطالب الرئيس بتنفيذ ما أعلنه على الهواء، فهو رئيس منتخب وله أن يكمل فترة رئاسته كاملة، ولكنى أردت فقط أن أذكره بتلك اللحظة القريبة التى جزم فيها بأن الشعب لن يخرج للمطالبة بإسقاط النظام، وقد خرج وبسرعة وأعداد غير متوقعة، ما يعنى أن أشياء خطأ تحدث وتسحب من رصيد الرئيس. ليس من تلك الأشياء -كما يحاول بعض رجال حزب وجماعة الرئيس أن يصوروه له وللرأى العام- أن من نزل من الفلول وبقايا النظام السابق والفنانين والراقصات -كما ادعى أحد أراجوزات الثورة والمتمسح فى أحذية السلطة- وأن هناك مؤامرة ضد الإسلام والرئيس والتيارات الإسلامية، لأنك سيدى الرئيس لو صدقت أن كل من عمل فى ظل النظام السابق -وكنت منهم- والقضاء -إلا ما ندر- والإعلام والقوى الليبرالية والعلمانية والمدنية والأقباط يحاربونك ويرفضونك ويتمنون فشلك، فمن يبقى معك سيدى الرئيس؟ جماعة الإخوان المسلمين وبعض القوى التى تدعى أنها -فقط- هى الإسلامية، وباقى الشعب كفار وإخوان إبليس. الجماعة سيدى ما زالت تتعامل على أنها محظورة ومطاردة ومرفوضة ولا تصدق أن الرئيس منها، فتحاول أن تقصى كل المجتمع عدا من ينتمون إليها وتعاملها وتعاونها مع التيارات الإسلامية من باب أنا وابن عمى على الغريب، الجماعة تمارس الاستعلاء والتخوين والإقصاء، وبدلاً من أن تضاعف أعدادها وهى فى الحكم تفقد وتفقدك الكثير من المؤيدين والمحايدين.وتصور وتثبت للشعب أنك رئيس للإخوان والإسلاميين فقط، هم يجيدون صناعة الأعداء بكفاءة وسرعة نادرة. سيدى الرئيس: لا يوجد وطنى أو عاقل يحب فشلك الآن لأنه يعرف أن البلاد ستدخل حالة من الفوضى والتخلف لسنوات كثيرة قادمة ونحن فى قاع الزجاجة لا عنقها، ولكن الشعب بكل طوائفه، بفلوله وفنانيه، بعلمائه وعماله وفلاحيه، بقضائه وإعلامه، بمسلميه ومسيحييه، لن يقبل معاملته على أنه أقلية وأنه كان يعيش عمره كافراً وأنه فاقد الأهلية ليدير مستقبله، وأن الذين يفهمون وحدهم ويعرفون مصلحة الوطن والشعب والدين هم الإخوان المسلمين. مع أنهم يخرجون علينا بصوت واحد وجمل مكررة لا يحيد عنها أحد، وكأننا أمام منهج مدرسى يحفظه كل الطلاب المجيدون، وقد ينجح هذا فى تماسك الجماعة ولكنه حتماً سيقسم مصر ويفتتها ويشعل فيها الفتن. سيدى الرئيس: امنح نفسك الوقت لتتأمل المشهد بعيداً عن موسيقى الإخوان، واستعد أقوالك قبل الوصول للحكم، وانظر بحب إلى ميدان التحرير، وتذكر دوماً أنك رئيس لكل هؤلاء، خصومك قبل محبيك، وغلّب مصلحة الوطن، فلدخول التاريخ باب وللخروج منه ألف باب!