سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
والد أول شهيد فى الأحداث: «قولت له ما تفرحش بنجاح مرسى ده زيه زى اللى قبله» آخر رسائله: «لو مرجعتش بقى مليش غير طلب واحد هو إن الناس تكمل الثورة وتجيب حقنا»
هتف حتى الإغماء فى ثورة 25 يناير.. حج إلى ميدان التحرير بلا كلل.. فاتحاً صدره فى مواجهة رياح الفساد.. فرد طوله فى عرض شارع محمد محمود فى مثل هذه الأيام من العام الماضى مبارزاً قناصة العيون بعمق وإصرار نظراته.. هلل لفوز مرسى برئاسة الجمهورية.. ومجدداً عاد لنفس الشارع لإحياء ذكرى زملائه من الشهداء.. فلحق بهم. إنه الشهيد محمد جابر صلاح الشهير ب«جيكا»، البالغ من العمر 18 عاماً، عضو حركة شباب 6 أبريل، الطالب بمدرسة الخديوية الثانوية بنين.. أول شهداء أحداث موقعة عيون الحرية التى اندلعت أمس الأول. كتب الشهيد على صفحة «الفيس بوك» قبل خروجه: «لو مرجعتش بقى مليش غير طلب واحد هو إن الناس تكمل الثورة وتجيب حقنا». «الوطن» انتقلت إلى منزل الشهيد رقم 14 بشارع «قوله» المتفرع من شارع محمد محمود والتقت «والده» المكلوم، كان منهاراً وتماسك ليقول دامعاً إن نجله ليس مسجل خطر ولا توجد عليه أحكام جنائية وكان متفوقاً فى دراسته، وكان «بيحلم يدخل كلية الآثار». وتذكر الأب عبارة قالها له الشهيد حين عرض عليه أن يدخله كلية الشرطة فرد عليه: «كلية الشرطة لأ دول بيقتلوا الناس». وأضاف أن نجله كان يعمل عقب انتهاء يومه الدراسى لكى يتمكن من سداد نفقات دروسه.. وبعد ذلك يجلس على جهاز الكمبيوتر لكى يتواصل مع أصدقائه على الفيس بوك. وعن الحادثة قال إن الشهيد خرج مساء الأحد الماضى فى المسيرة التى نظمتها 6 أبريل من منطقة السيدة زينب واتجهت إلى ميدان التحرير لإحياء الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود. وأضاف أنه قبل خروجه من منزله أخبرنا أنه ذاهب إلى مدرسته كالمعتاد، وأنه ظل يتصل به على هاتفه الشخصى قرابة 4 ساعات متواصلة وعندما لم يرد شعر بخوف شديد فتوجه إلى شارع محمد محمود للبحث عن نجله، وظل يسأل عنه قرابة نصف ساعة ثم فوجئ: «لقيت واحد بيقول لى انت والد جابر يا عمى الحاج هو انضرب بالرصاص وراح مستشفى قصر العينى». وتابع الأب قائلاً: «ركبت سيارة تاكسى وتوجهت إلى المستشفى وهناك أخبرنى الدكتور المشرف على الحالة أنه مصاب ب3 طلقات فى الرأس والصدر والكتف وفى حاله خطرة»، وبعد مرور 3 ساعات دخل الشهيد فى غيوبة تامة ولم تمر ساعة حتى أخبره الطبيب أن الشهيد لفظ أنفاسه الأخيرة. وأنهى الأب كلامه: «الحمد لله على كل شىء.. أنا قولتله ما تفرحش بنجاح مرسى ده زيه زى اللى قبله.. مش مرسى هو اللى مدى أوامر للداخلية بإطلاق النار على المتظاهرين فى شارع محمد محمود.. أنا مش هسيب حق ابنى». وأكد أصدقاء وجيران جابر أنه يتمتع بسيرة طيبة وهو من الأشخاص الناشطين سياسياً وأنه رغم صغر سنه فإنه كان من الذين دعوا إلى المشاركة فى مظاهرات ثورة 25 يناير الماضية لمحاربة النظام السابق. وتوافد أعضاء «6 أبريل» على المستشفى بصحبة أقارب جابر وأصدقائه، لا تجف الدموع فى أعينهم على الفتى الذى يحمل فى حافظته بطاقة عضوية فى حزب الدستور، والذى كان يأمل أن تتحقق مطالب الثورة والقصاص لمن ضحوا بأرواحهم من أجلها. وقال كريم، أحد أصدقائه، ل«الوطن»: «جابر شارك مساء الأحد فى المسيرة التى نظمتها «6 أبريل» من منطقة السيدة زينب واتجهت إلى ميدان التحرير ضمن فعاليات إحياء الذكرى الأولى لشهداء محمد محمود، لكنه أصر على استكمال هتافه ضد «الداخلية» والرئيس مرسى ثابتاً فى موقعه بشارع يوسف الجندى». وتابع كريم: «فى صباح اليوم التالى عاد جابر للمشاركة فى التظاهرات، فقبل خروجه من منزله، أخبر أهله بأنه ذاهب إلى مدرسته كالمعتاد، مصطحباً حقيبته المدرسية، حتى يبعث فى قلوبهم شيئاً من الطمأنينة بأنه لن يخالف تعليمات أسرته بعدم الذهاب لدائرة الاشتباكات، لكن القدر لم يمهله، وأُصيب برصاصة خرطوش فى جبهته وصدره، داخل شارع يوسف الجندى، نتج عنها تجمع دموى فى الساق والرئة.