ما إن يحتدم الخلاف، وتتشتت الرؤى، وتختلف المصالح، حتى تتبادر على أذهان النخبة الجملة الأشهر فى مثل هذه المواقف، تشكيل «جبهة إنقاذ».. ذلك الحل المكرر الذى أثبت عدم جدواه فى كثير من الأحيان، وعاد مرة أخرى، الأيام الماضية، ليتردد على الساحة السياسية، حيث أعلنت بعض القوى والأحزاب المدنية عن تشكيل «جبهة إنقاذ وطنى»، يكون مقرها حزب الوفد، لدعم موقف الأعضاء المنسحبين من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، على أن تقوم بتشكيل مجموعة عمل لإعادة صياغة الدستور. المتتبع للمشهد السياسى، خاصة بعد قيام ثورة يناير، يجد عدداً غير قليل من الجبهات المماثلة تم الإعلان عنها لأهداف سياسية، فهناك «جبهة إنقاذ مصر»، تلك الحركة الوطنية التى أطلقها خمسون عضواً من المُفكرين، والمهنيين، للوقوف فى وجه ما أطلقوا عليه «أخونة الدولة»، لخوفهم من أن تصبح مصر على شاكلة السعودية وأفغانستان، أما «جبهة إنقاذ الثورة»، فمنذ إنشائها على يد مجموعة من المهتمين بالشأن العام، تهدف إلى توحيد الصف وإنهاء الخلافات السياسية إلى جانب إعلاء مصلحة الوطن وتحقيق أهداف الثورة. «لزوم ما لا يلزم فى الوقت الخاطئ»، هكذا وصف الدكتور محمد الجوادى، المفكر والباحث السياسى، جبهات الإنقاذ المختلفة، التى يُعلن عن تشكيلها فى أوقات الأزمات، حيث يرى أنها أثبتت عدم جدواها، حيث تكون مجرد تسجيل مواقف لأصحاب التوجهات المختلفة، وغالباً تقدم حلولا مكررة للمشاكل القائمة. يتساءل الجوادى ما الفرق بين جبهة الإنقاذ الوطنى و«التيار الشعبى» الذى أعلن حمدين صباحى عن تشكيله، و«تحالف الأمة» بقيادة عمرو موسى، و«تحالف التيار الرئيسى المصرى» الذى دعا إلى تأسيسه الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح؟ فجميعها، فى رأيه، تضم عددا من الشخصيات العامة، المفكرين والسياسيين، ويهدفون إلى الحفاظ على مدنية الدولة وتحقيق التوافق الوطنى، حتى أصبحت مصر «جبهات بعدد الزعماء، وزعماء بعدد المواطنين»، فلكل مواطن زعيم يسعى إلى تكوين «جبهة».