بعينين لم يعد يرى بهما بقوة، ويدان ترتعشان وهو يدق بأدواته الدقيقة فوق قطع الخشب، يواصل فوزى محمد، من ورشته فى منطقة «الضاهر»، عمله فى الحفر على الخشب وتحويله من قطع صلبة صماء إلى تحف فنية تكاد تنبض بالحياة، ما زال «فوزى» متمسكاً بحرفته رغم أنها تتعرض للاندثار حالياً بسبب قلة العاملين فيها وقلة الزبائن المهتمين بهذا الفن. بدأ «فوزى» هذه الحرفة من الرسم فى المدرسة خلال تعليمه الأساسى، ثم النحت على الخشب فى المدرسة الصناعية، ثم صقل الموهبة بالدراسة فى معهد عالٍ خاص «ليوناردو دافنشى» فى منطقة الإسعاف، موضحاً أنه يستطيع تنفيذ جميع أنواع الحفر والنحت على الخشب بجميع الطرازات مثل فينوس، وجميع الطرازات المسيحية مثل المسيح فى المهد والمسيح على الصليب وتاج الشوك، والتماثيل التى تتعلق بملامح الشخصيات المشهورة مثل الرئيس الراحل أنور السادات وحسنى مبارك والمخرج الراحل يوسف شاهين وخالد يوسف وشخصيات أخرى. يحول قطع الخشب إلى تماثيل.. وجيرانه: شغلك حرام يستغرق التمثال حوالى شهر لتنفيذه، أما الملامح فتستغرق وقتاً أطول قد يصل إلى ثلاثة شهور: «اللى بيميزنى عن باقى النحاتين إنى أكاديمى ودارس، مش زى باقى النحاتين إللى طالعين من ورشة، والشغل بيفرق بين واحد دارس وواحد مش دارس». يشكو الرجل الستينى من ركود العمل منذ ثورة يناير: «الشغل بقاله 4 سنين نايم، محدش معاه فلوس عشان يشترى تماثيل، الزباين كانت بتيجى هنا عشان تشترى ديكورات لبيتها، دلوقتى آخر حاجة ممكن يفكروا فيها هى الديكورات». بعض أصحاب المحال والمتشددين يتهمون «فوزى» حسب قوله، بأن عمله حرام: «مرة جالى واحد متعصب وراح قالب وجه التمثال للحائط وقالى عشان حرام»، متسائلاً: «لما هو حرام اتعلمناه ليه؟.. بالعكس أنا كل ما بشتغل فى نحت تمثال بحس بقدرة ربنا، ده أنا اللى بشتغل على خشب بيطلع عينى فما بالك بقدرة ربنا».