مع اقتراب موعد فتح باب الترشح فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، يستعد حزب «النور» السلفى لتوفير الموارد المالية اللازمة لتغطية حملات مرشحيه، والبدء فى الحملات الدعائية للمرشحين على مقاعد مجلس النواب المقبل. قوائم بأسماء وعناوين الفقراء فى عدد كبير من المحافظات لتوزيع «شنط غذائية» عليهم لضمان أصواتهم وكشفت مصادر مطلعة ل«الوطن» عن أن بعض رجال الأعمال من الحزب «الوطنى» رصدوا مبالغ مالية طائلة لحملات «النور» الدعائية، وفتح الحزب باب التبرع الخاص بقواعده، خاصةً أنه «يضع تصوراً لحملات الدعاية الانتخابية ستصل تكلفته إلى الملايين من الجنيهات» حسب قول المصادر. ويقدم حزب «النور» دائماً الدليل على أنه شرب «الصنعة» وتعلم دروس الانتهازية السياسية بدقة بالغة من جماعة «الإخوان» التى كان حليفها لفترات طويلة قبل أن ينقلبا على بعضهما البعض، بسبب خلافات المصالح السياسية، فقد تعلم الحزب من الجماعة استدراج الناخبين عن طريق الرشاوى الانتخابية وإعداد قوائم بأسماء الفقراء يقدم لهم المنتجات بالمجان، مقابل الحصول على أصواتهم فى أى انتخابات مقبلة. الحزب يعتمد على بعض رجال «الوطنى» المنحل لتمويل الحملات الدعائية.. ويفتح لهم باب التبرع ويدرك الحزب السلفى جيداً أن المواطن يحتاج إلى تقديم خدمة له تضمن صوته، ومن هنا بدأ فى تشكيل لجان خاصة بالقوافل الطبية فى كل محافظة تجوب قرى المحافظة لعلاج المرضى بالمجان، ولم يكتف الحزب بذلك بل شكل لجاناً للطب البيطرى فى كل محافظة للذهاب إلى قرى الفقراء ومعالجة «الماشية»، كل ذلك تحت شعار حزب «النور» و«ليس لله» كما يدعى مشايخ «الدعوة السلفية»، كما نظم الحزب مئات المعارض للملابس والمنتجات والأطعمة بأسعار جيدة وهو ما يتذكره الناخب دائماً. وفى قنا أصدرت اللجنة الطبية للحزب تقريرها السنوى لفعالياتها، وأوضحت أن الحزب قدم 100 قافلة طبية فى عام 2014 شملت مختلف نجوع وقرى مراكز المحافظة، وتم إجراء الكشف الطبى بمعرفة هذه القوافل على نحو 16 ألف مواطن مع إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة عن طريق المعمل المتنقل مع قوافل «النور» الخيرية. وفى كفر الشيخ نظم الحزب أكثر من 40 قافلة وتم إجراء الكشف على ما يزيد على 10 آلاف مواطن بمراكز المحافظة المختلفة، وما زالت واقعة «كعك وبسكويت النور» قبل عيد الفطر الماضى عالقة فى الأذهان، حيث قرر الحزب أن من يحمل الكارنيه الخاص به سيحصل على الكعك بأسعار أقل حتى من الأسعار المعروضة، فى واقعة تسببت فى لغط وأزمة كبيرة ووضعت الحزب فى حرج بالغ. ومن مظاهر استخدام «المال السياسى» من قبل حزب «النور»، لتوجيه المواطنين للانضمام لصفوفه، إقامة أسواق سلعية ومتخصصة بتخفيضات 30% لمن يحملون كارنيه الحزب أيضاً. ولم يترك «النور» مناسبة إلا وكان مشاركاً دائماً فيها بالخدمات والمنتجات والهدايا للمواطنين «لحوم حزب النور، منتجات حزب النور، القوافل الطبية لحزب النور، زيت وسكر النور»، وغيرها بالإضافة إلى «الشنط» التى ترسل إلى الفقراء فى الأماكن الفقيرة المهمشة، ولدى «النور» و«الدعوة السلفية» قائمة بيانات كاملة عن الفقراء فى المناطقة التابعة لها وهو ما يستغله الحزب، بحيث يكون ملماً بكافة تفاصيل المنطقة وضامناً للأصوات عن طريق الخدمات التى يقدمها سراً للناس. واستعداداً للانتخابات البرلمانية المقبلة، وضع حزب «النور» خطة للحشد تعتمد على تنظيم حملات «طرق الأبواب» بالنجوع والقرى، وزيادة الأسواق الخيرية والقوافل الطبية والبيطرية، وإعطاء الدروس الخصوصية لطلاب المدارس الابتدائية والإعدادية التى أوشكت أن تفتح أبوابها خلال العام الدراسى الجديد. ومع نظام القائمة الجديد الذى اعتمدته الدولة واشترطت فيه وجود بعض الفئات مثل المرأة وأصحاب الاحتياجات الخاصة والأقباط فى القوائم، لم يكن أمام «النور» مشكلة إلا فى مسألة ترشح أقباط على قوائمه، ورغم وجود بعض المسيحيين ضمن مؤسسى الحزب، الذين كان وجودهم بصفة رسمية فقط على الأوراق الرسمية أثناء تأسيسه، فإنهم لم يشاركوا فى أى فعاليات للنور أو حتى جمعياته العمومية، ومنها التى اختارت يونس مخيون، رئيساً للحزب، خلفاً للدكتور عماد عبدالغفور، إذ يقدر الحزب أن أعداد المسيحيين الذين شاركوا فى تأسيس حزب النور تجاوز الأربعين عضواً كما قال الدكتور طلعت مرزوق، نائب رئيس الحزب للشئون القانونية فى تصريحات صحفية، عقب التأسيس، وما أكده المهندس عبدالمنعم الشحات، المتحدث الرسمى باسم الدعوة السلفية، فى الوقت نفسه من أن «انضمام مسيحيين إلى حزب النور هو نوع من الاعتراف بأحقية المسلمين أن يحكموا بشريعتهم»، ورغم ذلك فإن أن أياً من أعضاء الحزب المسيحيين المؤسسين اختفوا عقب تأسيس الحزب ولم يشاركوا فى أى من انتخابات الحزب البرلمانية، كما لم يشاركوا فى أى فعاليات. هذا الأمر دفع الحزب للتحالف مع قيادات ائتلاف «أقباط 38»، الذين يخوضون صراعاً مع الكنيسة من أجل الزواج الثانى، مطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية فى هذه المسألة، فعرض عليهم الحزب المساندة والدعم وخوض الانتخابات مقابل الانضمام للحزب، وحدث ذلك مع قيادات الرابطة، وعلى رأسهم المحامى نادر الصيرفى، حيث ترشح على قوائم «النور» عدد من الأقباط التابعين للائتلاف، وتحمل الحزب تكاليف ترشحهم بالكامل، على عكس مرشحى الفردى التابعين للحزب وبعض مرشحى القائمة الذين ترشحوا على قوائمه، حيث حملهم الحزب نفقات الحملات الانتخابية إلا أن الحزب ساند بعضهم بأموال من قبل التبرعات، وقال الحزب إن مرشحيه يتحملون تكاليف حملاتهم الانتخابية، لأن موارد الحزب «فقيرة». من جهته، قال الدكتور طارق السهرى، رئيس الهيئة العليا للحزب، إن كل مرشح عن الحزب سيتحمل نفقات حملته الانتخابية، مؤكداً أن «برنامجنا وكفاءة مرشحينا هى مواردنا وليس الأموال»، ومشدداً على التزام الحزب بقرار اللجنة العليا بتحديد سقف الدعاية الانتخابية، ومطالباً بوضع ضوابط لمنع «الرشاوى الانتخابية، لأن أصحاب الأموال سيشاركون بقوة فى الانتخابات البرلمانية»، حسب تعبيره. وأوضحت مصادر ب«النور» أن بعض مرشحى الحزب من رجال الأعمال سيتحملون تكاليف دعاية مرشحى الحزب، وهم أنفسهم من كونوا مؤسسة «بيت الأعمال» الذراع الاقتصادية للدعوة السلفية فى عهد الإخوان، برأس مال قدره نصف مليار جنيه، ثم جمدوا نشاطها عقب 30 يونيو، ودون الإعلان عن أى فعاليات كذلك، وهو ما يؤكد حصول الحزب على أموال من رجال أعمال، بعضهم ينتمى للحزب «الوطنى»، ويتوسط فى ذلك المهندس أشرف ثابت، نائب رئيس «النور» المقيم فى الإسكندرية. أما عن النساء فكان للحزب خطة أخرى لجذبهن للانضمام للحزب، منها حملات ودورات تثقيفية، وجلسات دينية مع كبار القيادات، وعلى رأسهم الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس «الدعوة السلفية». فى سياق متصل، قال عباس محمد، عضو الهيئة العليا للحزب، إن التواصل مع الشارع المصرى بتنظيم أسواق خيرية، والقيام بحملات صحية، وتنظيم دروس ومحاضرات للطلاب، لمساعدة المواطن العادى على اجتياز مصاعب الحياة، ليس رشوة انتخابية للناخبين، ومن يقول ذلك يسىء الظن بالمواطن المصرى، فلا أحد يستطيع شراء المواطن المصرى». فيما قال الدكتور شعبان عبدالعليم، عضو المجلس الرئاسى للحزب، ل«الوطن» إن «الحزب استغل فترة تأجيل الانتخابات لزيادة تواصله فى الشارع المصرى، والمشاركة فى بناء مصر الجديدة، فخدمة المواطن هدف استراتيجى لنا، ولن نتوقف عن التواصل مع الشارع».