جامعة سوهاج تنظم دورات تدريبية في التسويق وإدارة الجودة للطلاب    في يومها العالمي.. لغة الإشارة ليست مجرد ترجمة للحديث المنطوق    وزير الأوقاف: التصوف خط الدفاع الأول في مواجهة الإرهاب    رحلة منتدى شباب العالم.. من شرم الشيخ إلى منابر الأمم المتحدة|صور    عضو "منتجي الدواجن": نعيش مرحلة حساسة وزيادة السعر تجعلنا مجرمين في حق الشعب    محافظ أسيوط يتفقد مركز شباب المندرة قبلي بمنفلوط للاطمئنان على سير العمل    وزير الصحة: المنظومة الصحية في مصر قوية ومتطورة ومتمرسة للتعامل مع الأزمات    وزير المالية: فخورون بما حققناه جميعًا.. حتى أصبح البنك الآسيوي أسرع نموًا    زيلينسكي يزور مصنعا للذخيرة بولاية بنسلفانيا الأمريكية    الجيش الأردنى يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    حسين السيد يسافر إلى السعودية على نفقته الخاصة لمؤازرة الزمالك في السوبر الأفريقي    العين الإماراتي: سننظم رحلات إلى مصر لحضور مواجهة الأهلي في كأس الإنتركونتنينتال    برشلونة يعلن إصابة حارسه «تير شتيجن» بتمزق كامل في وتر الرضفة بالركبة اليمنى    محمد صلاح يتواجد في التشكيل المثالي للجولة الخامسة في الدوري الإنجليزي    وزير الصحة: الدولة لن تخفي شيء عن المواطن بخصوص وباء أسوان    تنازل ضحيتا الفنان عباس أبو الحسن عن الدعوى الجنائية أمام المحكمة    المجلس الأعلى للثقافة يُكرم الروائي الكبير يوسف القعيد    سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام يعلن عن المشروعات المشاركة في الدورة السابعة    القاهرة الدولي للمونودراما يهنىء محمد سيف الأفخم لاختياره رئيسا فخريا للهيئة الدولية للمسرح    إحالة 3 أطباء للتحقيق بمستشفى الغنايم المركزي    «معندناش حاجة نخبيها».. وزير الصحة: الدولة لا تخفي أي شيء في تعاملها مع الحالات المرضية    في خدمتك| كيفية الوقاية من ميكروب «الايكولاي» بعد إصابات أسوان    الرئيس السيسي يهنىء قادة السعودية بذكرى اليوم الوطني    بيراميدز يكشف حجم إصابة محمد حمدي ومدة غيابه    ووكر قائد مانشستر سيتي يتهم الحكم بتوريطه في هدف لصالح أرسنال    جامعة الجلالة تحصل على الاعتماد الدولي IERS لبرنامج تكنولوجيا العلاج التنفسي    «أبو الغيط» يلتقي وزير العلاقات الخارجية في بنما    قطع أثرية مقلدة.. رحلة مباحث القاهرة للإيقاع بعصابة المشاغبين الستة    قرار جديد بشأن عاطل متهم بالتحرش بفتاة في حدائق القبة    حبس سيدة بتهمة سرقة رواد البنوك بزعم مساعدتهم    استقالة موظفى حملة المرشح الجمهورى لمنصب حاكم نورث كارولينا    حكومة غزة: جيش الاحتلال ارتكب مجزرتين في مدرستين بمخيمي النصيرات والشاطئ    الجيش الإسرائيلي: ضرب أكثر من 300 هدف لحزب الله في لبنان حتى الآن    تعيين وكلاء ورؤساء أقسام جدد بكليات جامعة بنها    إعلام إسرائيلي: حزب الله قد يضرب أهدافنا في تل أبيب.. ومستعدون للرد    رابط نتيجة تقليل الاغتراب للمرحلة الثالثة 2024 والدبلومات الفنية فور إعلانها على الموقع الرسمي    مواجهة مشكلة المخلفات الزراعية بالتطبيقات الحديثة في الوادي الجديد    وزيرة التنمية المحلية تبحث تقنين أوضاع عيادات الأسنان على مستوى الجمهورية    محافظ المنوفية: مبنى التأمين الصحي الجديد أسهم في تخفيف الزحام والتكدس وصرف الأدوية    جامعة القاهرة تعلن برنامج ال100 يوم للقوافل التنموية التي تشارك بها في مبادرة «بداية»    مواعيد وقنوات عرض مسلسل تيتا زوزو الحلقة 3.. خلال ساعات    وفاة والد الإعلامية حياة عبدون .. موعد الجنازة والعزاء    منظمة خريجي الأزهر تناقش مكانة المرأة في الإسلام بورشة عمل للطلاب الوافدين    الأزهر للفتوى يوضح تواضع النبي الذي كان عليه    «حياة كريمة» تُعيد الأمل.. توزيع أدوات مدرسية لمستقبل أكثر إشراقًا    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    طلائع كفر الشيخ ضمن معسكر «حياة كريمة» بمركز التعليم المدني في دمياط الجديدة    هكذا استعدت جامعة المنوفية لاستقبال الطلاب الجدد فى العام الدراسي الجديد    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    خلال 24 ساعة.. ضبط 30129 مخالفة مرورية متنوعة    المستشار الألماني يلتقي زيلينسكي وأردوغان ولولا في نيويورك    ماذا قال محمد صلاح لأحمد فتحي بعد اعتزاله كرة القدم ؟    إصابة فى مقتل    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-9-2024    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    فودافون تتصدر منصة "إكس" بعد تعرض الشبكة لعطل مفاجئ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير أمني: قانون الإرهاب الجديد يحقق الردع لجرائم التحريض على العنف
نشر في الوطن يوم 31 - 08 - 2015

لا يتوقف الحديث عن قانون مكافحة الإرهاب، الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى، حتى الآن، كما لن يتوقف لحين إعادة عرض القانون على مجلس النواب المقبل.. كثيرون تحدثوا عن إيجابياته وقدرته على السيطرة على الإرهاب، أو على الأقل تحجيمه، والبعض تحدث عن سلبيات أبرزها ما يتعلق بتقييد الحريات. «الوطن» التقت اللواء دكتور شوقى صلاح، الخبير الأمنى، عضو هيئة التدريس بكلية الشرطة، المتخصص فى دراسات الإرهاب ومكافحته، حيث شارك خلال رحلته السابقة بمجال العمل الأمنى بوزارة الداخلية فى مكافحة الإرهاب خلال فترة التسعينات، وذلك إبان عمله بمديرية أمن أسيوط، فضلاً عن إسهاماته على المستوى الأكاديمى، ومنها كتاب «الإرهاب وأزمات احتجاز الرهائن.. دراسة أمنية وقانونية مقارنة»، 2010، وكتاب «الشراكة المجتمعية فى مواجهة الجريمة الإرهابية»، 2014.
الباحث المتخصص فى مكافحة الإرهاب ل«الوطن»: مصر تواجه «تسونامى إرهاب» منذ «30 يونيو»
وأكد اللواء شوقى صلاح، فى حواره ل«الوطن»، أن مصر فى أشد الحاجة لقانون جامع للتصدى للإرهاب، خاصة فى هذه الظروف الاستثنائية التى تواجه فيها مصر مؤامرة تستهدف المنطقة، واصفاً الإرهاب الذى تتعرض له مصر حالياً بأنه «تسونامى» من العنف، مشدداً على أن القانون الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى، رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب، فى 54 مادة، ونشر فى الجريدة الرسمية 15 أغسطس الماضى، وتم النص على أن يتم تطبيقه فور نشره، هو محور أساسى ضمن استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب.. وإلى نص الحوار:
■ هل كانت مصر فى حاجة ملحة الآن لإصدار قانون لمكافحة الإرهاب؟
- بدايةً، نحن لم نكن فى حالة فراغ قانونى، بل لدينا قوانين تهدف لمكافحة الإرهاب. ومع هذا فالإجابة «نعم»، فنحن فى أشد الحاجة لقانون جامع للتصدى للإرهاب، وبخاصة فى هذه الظروف الاستثنائية التى تواجه فيها مصر مؤامرة تستهدف المنطقة، حيث إنها فى مقدمة الدول المراد النيل منها، بل لقد أطلقوا على عملية إسقاطها «الجائزة الكبرى»، فليس خافياً على قارئنا الفطن حالة الدول المحيطة بنا: العراق، سوريا، اليمن، ليبيا، التى تؤكد أحوالها بشكل قاطع على حقيقة تلك المؤامرة، فلم تستغرقنا نظرية المؤامرة، وليس هذا من قبيل الوهم أو الخيال إنما هو واقع وحقائق ملموسة نشاهد أحداثها يومياً. وللعلم ما فعلناه ليس بدعة فأمريكا نفسها بعد اعتداءات 11 سبتمبر قامت على الفور بإصدار قانون «باتريوت» فى شهر أكتوبر لمواجهة الإرهاب بعد أقل من شهر من وقوع الاعتداءات.
القانون المصرى يكافح الإرهاب محلياً ودولياً والأمن يهمه تنفيذ قوانين حسنة السمعة
■ وضح لنا بشكل عام ملامح المشهد القانونى المصرى لمكافحة الإرهاب قبل إصدار القرار بقانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب؟
- مكافحة الإرهاب فى أى دولة إنما تتم من خلال استراتيجية، ثم خطط فآليات للتطبيق. ولما كانت المواجهة القانونية للإرهاب محوراً مهماً وجوهرياً فى هذه المواجهة، فنشير فى هذا الصدد لحزمة التعديلات التشريعية الصادرة بالقانون رقم 97 لسنة 1992 بشأن تعديل عدة قوانين، أهمها: العقوبات والإجراءات والأسلحة والذخائر.. وغيرها، حيث عرفت فى جانب منها الإرهاب، المادة 86 عقوبات، بجانب بعض الصلاحيات الإجرائية، وكذا التشديد العقابى على جرائم ترتكب بغرض إرهابى. وبالفعل أدت هذه المنظومة دورها. ثم بدت الحاجة بعد عام 2005 لإصدار قانون متكامل لمكافحة الإرهاب، وشكلت لجنة لإعداده. ولم تسفر جهودها عن نتائج على أرض الواقع، ربما لكون حالة الطوارئ معلنة ومنحت أجهزة الأمن بموجبها سلطات واسعة، ومع إنهاء العمل بقانون الطوارئ، وبداية «تسونامى إرهاب» على أرض مصر، خاصة بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013، فقد أضحى أمر إصدار قانون جامع لمكافحة الإرهاب ضرورة ملحة للدرجة التى أصدر بموجبها الرئيس توجيهاته بإعداد مشروع لهذا القانون لإصداره، خاصة بعد استشهاد المستشار هشام بركات النائب العام المصرى فى التاسع والعشرين من شهر يونيو الماضى.
تشديد عقوبة المحرض هدفه القضاء على وقود العمليات الإرهابية.. والمشرع صاغ القانون بمبدأ عالمية المواجهة القانونية للإرهاب
■ هل إصدار القانون اتسم بالعجلة للدرجة التى ترتب عليها وجود سلبيات فى بعض أحكامه؟
- القانون تم الإعداد له، كما سبق أن أشرنا، منذ فترة زمنية طويلة، وحسناً فعلت القيادة السياسية للدولة بطرحه للحوار المجتمعى، حيث تم مهاجمة بعض مواده، وترتب على هذا الحوار تعديلات، خاصة ما تعلق بالمادة التى كانت تقرر الحبس كعقوبة على النشر العمدى لأخبار كاذبة تتعارض مع بيانات صادرة عن وزارة الدفاع بشأن مواجهات لجرائم إرهابية (المادة 33 من مشروع القانون) حيث ألغيت عقوبة الحبس مع الاكتفاء بالغرامة فقط (المادة 35 من القانون بعد إصداره).
■ ما الجوانب الإيجابية التى يمكن أن نلقى الضوء عليها بشأن قانون مكافحة الإرهاب؟
- أراد المشرع أن يضع قانوناً شاملاً لمكافحة الإرهاب، لذا فقد وردت به مواد لها أصل فى قانون العقوبات المصرى، وسأشير فى هذا السياق لأهم الجوانب الإيجابية التى لفتت نظرى فى القانون، وذلك على التفصيل الآتى:
أحسن المشرع صنعاً بتجريم الترويج للجرائم الإرهابية باستخدام الإنترنت، حيث رصدت أجهزة الأمن مخاطر جمة من إساءة استخدام التنظيمات الإرهابية للشبكة المشار إليها، حيث ذهبت المادة 29 من القانون المشار إليه إلى أنه «يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين كل من أنشأ أو استخدم موقعاً على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية أو التأثير على سير العدالة فى شأن أى جريمة إرهابية، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية فى الداخل والخارج...».
وضع المشرع تعريفاً دقيقاً لتمويل الإرهاب فى المادة 3 من القانون حيث أشار إلى مختلف صور دعم الإرهاب بما فيها الشكل الرقمى أو الإلكترونى، وهى صور مستحدثة للتمويل، وشددت العقاب على التمويل فى ذاته؛ فنصت المادة 13 من القانون على أنه «يعاقب بالسجن المؤبد كل من ارتكب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب إذا كان التمويل لإرهابى؛ وتكون العقوبة الإعدام إذا كان التمويل لجماعة إرهابية أو لعمل إرهابى».
جنى ثمار الحرب على الإرهاب لا يأتى سريعاً.. والنقاش المجتمعى حول القانون الجديد يجب أن يستفيد منه البرلمان المقبل
أخذ المشرع المصرى بمبدأ عالمية المواجهة القانونية للجرائم الإرهابية، وهو ما نادت به العديد من أقلام الفقه القانونى، وأوصت به اتفاقيات دولية ومنها الجرائم التى تنال من الهيئات الدولية أو الإقليمية، أخذاً بالاختصاص العالمى المقيد بوجود المتهم بإقليم الدولة، وذلك فى نطاق مبدأ الاختيار ما بين المحاكمة أو تسليمه لدولته، فوفقاً للمادة 4 (بند4) من القانون، فينطبق قانون مكافحة الإرهاب المصرى على أى إرهابى ارتكب جرمه فى خارج الأراضى المصرية، طالما ضبط على أرض مصر، وثبت للسلطات المصرية ارتكابه لجرم إرهابى وقع خارج الإقليم المصرى، وللفعل نص يجرمه القانون المصرى لمكافحة الإرهاب، وذلك بصرف النظر عن المصالح التى نال منها الجرم الإرهابى، أى سواء كانت مصرية أم غير ذلك؛ وبهذا فقد أتت المادة بحكم جديد عما ورد بالمادة الثانية من قانون العقوبات المصرى.. وبهذا الحكم فالقانون المصرى يكافح الإرهاب على المستويين المحلى والدولى.. فمصر كما أشار قائدها ورئيسها عبدالفتاح السيسى تحارب إرهاباً من أجل أمنها، وأمن البشرية معاً.
■ بعد صدور القانون وجهت بعض الآراء سهام النقد لجانب من مواده.. هل لنا أن نتعرف على أبرز جوانب هذا النقد؟
- اعترض البعض على الشطط العقابى الذى اتسم به جانب من أحكام القانون، ومثال هذا ما ذهبت إليه المادة 6 من القانون التى تنص على أنه «يعاقب على التحريض على ارتكاب أى جريمة إرهابية بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة، وذلك سواء كان هذا التحريض موجهاً لشخص محدد أو جماعة معينة، أو كان تحريضاً عاماً علنياً أو غير علنى، وأياً كانت الوسيلة المستخدمة فيه، ولو لم يترتب على هذا التحريض أثر». ويرى من انتقد هذه المادة أنه ليس من سلامة المنطق العقابى أن تعاقب على التحريض على جرم إرهابى لم يترتب عليه أثر؛ أى لم تقع بناء عليه الجريمة، بنفس العقاب الذى يترتب على التحريض المتبوع بأثر؛ أى تحققت بناء عليه الجريمة الإرهابية، فتضحى بهذا العقوبة غير عادلة بما يتوافر معه شبهة عدم الدستورية. وهنا لزاماً علينا إيضاح فلسفة المشرع فى التشديد العقابى الذى ذهب إليه رغم أننا لا نتفق معه فيما ذهب إليه فالمشرع يرى أن التحريض لارتكاب جرم إرهابى هو الوقود الذى يغذى النشاط الإرهابى، فعلى سبيل المثال يعتلى أحد قادة الجماعات الإرهابية منبراً ويحرض أتباعه على ارتكاب جرائم قتل لعناصر أمنية أو تابعة للقوات المسلحة أو قضائية.. وبناء على هذا التحريض تتحرك عناصر التنظيم أو المحبون، أو المتعاطفون معه، لتنفيذ عمليات إرهابية، استناداً لهذه الفتوى أو التوجيه التحريضى.. لذا فإن المشرع أراد أن يضع عقوبة رادعة لهذا التحريض لردع رعاة الإرهاب.
قانون الإجراءات الجنائية الحالى لا يوفر إمكانية الفحص الجدى للمشتبه فيهم.. واستغرقنا 7 سنوات على الأقل حتى قضينا على إرهاب التسعينات وحالياً قطعنا شوطاً كبيراً فى مواجهة العنف بعد «30 يونيو»
■ إذا كان الأمر كما ذكرت، فلماذا ذهب المشرع إلى هذا التشديد العقابى غير المنطقى الذى تصبح معه العقوبة غير عادلة؟
- كما سبق أن ذكرت فالمشرع أراد أن يحقق الردع الكافى ضد أعمال التحريض على ارتكاب جرم إرهابى، وأؤكد فى هذا الصدد، ومن منظور أمنى مجرد، أن الأمر بفرض عرضه على أى خبير أمنى، سواء ممن يعملون فى مجال الأمن الوطنى أو البحث الجنائى، فإن الغالبية العظمى منهم سيؤيدون وجود تباين فى العقاب بين التحريض على الجريمة المتبوع بأثر؛ أى ارتكبت بناء عليه الجريمة الإرهابية، وذلك التحريض غير المتبوع بأثر؛ أى الذى لم يترتب عليه الجرم الإرهابى بعد، فنزول العقاب فى الحالة الأخيرة ولو لدرجة واحدة لا يتقاطع مع الجهود الأمنية فى مواجهة الجرم الإرهابى، فجُل اهتمام أجهزة الأمن إنما يتمحور حول البحث عن المعلومات الكافية لضبط التنظيمات الإرهابية أو خلاياها، أما أن يُعاقب المحرض على القتل العمد بغرض إرهابى فى حالة التحريض غير المتبوع بأثر بعقوبة السجن المؤبد بدلاً من الإعدام؛ فإن هذا لا يتعارض مع فعالية الجهود الأمنية فى مكافحة الإرهاب.. بل أؤكد ثانية أن الأجهزة الأمنية تتوق دائماً لقانون حسن السمعة، فالقوانين سيئة السمعة تلقى بظلال وخيمة على أنشطة المواجهة الأمنية للجريمة.
■ نفترض أنك عضو فى اللجنة المنوط بها إعداد مشروع قانون مكافحة الإرهاب.. فقل لنا كيف ستعالج مسألة التحريض غير المتبوع بأثر المشار إليها؟
- نحن نحترم من ينتقد بحق أى قانون، ونُجل من يقدم لنا البديل الأفضل. ولقد زايدت على المشرع فى شأن نمط محدد من أنماط التحريض على ارتكاب الجرم الإرهابى؛ ألا وهو التحريض المتمثل فى تكفير الأشخاص، حيث اقترحت توقيع عقوبة الإعدام على أى شخص يقوم بتكفير غيره، مستحلاً دمه وعرضه وماله، وذلك بمجرد وقوع التحريض ولو لم تقع الجريمة بعد، طالما كان القائم به قيادة روحية أو مرجعية لها تأثيرها الفاعل فى محيط أتباعه.. فهذا النمط التكفيرى التحريضى طالعنا مردوده الخطير على ارتكاب العديد من الجرائم الإرهابية، فبمجرد صدور الخطاب التكفيرى من قادة التنظيمات الإرهابية نرى نتائجه تتحقق من خلال أتباع التنظيم، أو المتعاطفين معه، وقد أشرنا لهذا الرأى فى كتابنا «الشراكة المجتمعية لمواجهة الجريمة الإرهابية» (صفحة 181).
■ لسان حال المواطن المصرى يتساءل: ماذا يفعل القانون مع العمليات الإرهابية.. هل هو مُجدٍ فعلاً فى مواجهتها؟
- جنى ثمار المواجهة القانونية للإرهاب لا يأتى سريعاً، فمواجهة هذه الموجة الإرهابية العاتية يحتاج للعديد من الجهود التى تؤتى ثمارها فى النهاية بدحر الإرهاب، ولنُشِر فى هذا الصدد إلى حادث التفجير الإرهابى الأخير الذى استهدف فرع الأمن الوطنى بشبرا الخيمة ونتخذ منه مثالاً تطبيقياً، نوضح من خلاله كيف تستفيد أجهزة الأمن من الصلاحيات التى يقدمها قانون مكافحة الإرهاب فى المواجهات، وذلك على التفصيل التالى: حيث تنص المادة (40/ 1) من قانون مكافحة الإرهاب على أنه «لمأمور الضبط القضائى لدى قيام خطر من أخطار جريمة الإرهاب، ولضرورة تقتضيها مواجهة هذا الخطر الحق فى جمع الاستدلالات عنها، والبحث عن مرتكبها، والتحفظ عليه لمدة لا تجاوز أربعاً وعشرين ساعة». ووفقاً لما تمنحه هذه المادة لمأمور الضبط القضائى من سلطة التحفظ على شخص مشتبه فى ضلوعه بارتكاب الجرم الإرهابى المشار إليه، فإن الانتقال السريع لقوات الأمن لمسرح الأحداث وقيامهم بغلق الطرق المحتمل هروب الجناة منها، ثم التحفظ على راكبى الدراجات الآلية التى تتحرك فى النطاق المكانى للحادث وفحصهم حيث الإبلاغ الأولى كان بهروب قائد السيارة المفخخة راكباً خلف قائد لدراجة آلية أملاً فى ضبط الجناة بعد التحفظ على المشتبه بهم، وبدون منح مأمور الضبط القضائى هذه السلطة فى حالة وجود ضرورة تقتضيها مواجهة خطر إرهابى.. وحيث لا تتوافر وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية الحالى لمأمور الضبط القضائى إمكانية الفحص الجدى لمشتبه فيهم فى ظل وقوع أو شروع فى ارتكاب جرم إرهابى فسلطة القبض على الأشخاص تُمنح فقط حال توافر حالة من اثنتين: الأولى التلبس بارتكاب الجريمة، والثانية حالة وجود أمر قضائى بالقبض على متهم بعينه، ولا يتمكن وفق هذين الفرضين مأمور الضبط القضائى من اتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية لفحص المشتبه بتورطهم بالجرم الإرهابى المشار إليه، لعدم توافر مقتضيات القبض غالباً.. لذا كان لزاماً على المشرع منح مأمور الضبط القضائى سلطة التحفظ المشار إليها؛ وقد أحاطها بضمانات عديدة تحول دون إساءة استخدامها بالجور على الحريات الفردية. وربما يتساءل القارئ الكريم: لماذا لم يتم هذا بالفعل، أى لماذا لم تتحفظ فى مثالنا السابق نقاط التفتيش والمراقبة الأمنية التى انتشرت فى محيط الحادث على المشتبه بهم، وبهذا يستفيدون من سلطة التحفظ المشار إليها؟ ولعل الإجابة أنه تم بالفعل اتخاذ تلك الإجراءات ولكن ليس بالضرورة أن تسفر عن ضبط المشتبه بهم.. وفى هذا السياق فإننى أهيب بأجهزة الأمن، وبخاصة عند المنشآت المهمة، تخصيص عناصر تأمين خفيفة الحركة، ومسلحة بالتسليح المناسب للقيام بمهام تتبع العناصر الإرهابية عقب أى جرم إرهابى، للقبض عليهم قبل هروبهم من مسرح الجريمة.
القوانين سيئة السمعة تؤثر سلباً على المواجهة.. وأمريكا طبقت قانون «باتريوت» لمكافحة الإرهاب بعد أقل من شهر على تفجيرات «11 سبتمبر» ولم نتعجل فى إصدار قانوننا
■ هناك من يرى أن النقاش حول قانون مكافحة الإرهاب الآن غير مُجدٍ بعد أن أصبح واقعاً. فلا جدوى من الحوار حوله الآن.. هل تتفق مع هذا الرأى؟
- طبيعة العمل البشرى دائماً هى النقصان؛ فالكمال لله وحده، لذا ذهبت بعض الآراء إلى توجيه سهام النقد لمواضع بالقانون، وردد البعض السؤال الآتى: ماذا يفيد هذا النقد الآن وقد صدر القانون؟ كما أن هذه الترديدات لم تُشِر إلى أن القانون فى مجمله، وغالب مواده، يحمل إيجابيات لا يجب تجاهلها. وربما لم يدر فى خلد هؤلاء أننا على أعتاب انتخابات لمجلس نواب سوف يصبح بمشيئة الله واقعاً خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، فوفقاً للدستور المصرى الحالى فقد ذهبت المادة (156) إلى أنه «إذا حدث فى غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه. وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوماً من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار». وهذا النص الدستورى ينتهى بنا لنتيجة مفادها أن النقاش المجتمعى حول هذا القانون المهم يجب أن يستمر ليستفيد منه البرلمان المقبل حال عرض القانون عليه.
■ شاركتم فى القضاء على إرهاب التسعينات.. ما الفرق بينه وبين الإرهاب الذى نواجهه حالياً؟
- نحن الآن نواجه إرهاباً عالمياً ودولياً وعابراً للحدود، وبأسلحة جيوش يمكنها قصف المدن وإسقاط الطائرات، أما فى فترة التسعينات فكنا نواجه إرهابيين أقصى ما يحملونه من أسلحة هو الكلاشينكوف، ومع ذلك استغرقنا ما لا يقل عن 7 سنوات للقضاء عليه، أما الآن فقد قطعنا شوطاً كبيراً فى مواجهة الإرهاب الذى تشنه معظم التنظيمات الإرهابية فى العالم ضد الدولة المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.