قال اقتصاديون إن صعيد مصر يمتلك مقومات استثمارية واعدة، إلا أنها غير مستغلة بشكل يتناسب مع حجم هذه المقومات، مشيرين إلى أنه يعانى الإهمال مثل سيناء تماماً، فيما تباينت توقعاتهم بشأن إمكانيات نجاح «مؤتمر الصعيد الاستثمارى» المقرر عقده نوفمبر المقبل، مطالبين الحكومة بتحفيز المستثمرين على ضخ استثماراتهم فى الوجه القبلى.من جانبه، قال الدكتور فخرى الفقى، المساعد الأسبق للمدير التنفيذى ل«صندوق النقد الدولى»، إن «صعيد مصر يمتلك قدرة كبيرة على جذب الاستثمار، لكنه يعانى مشكلات فى توفير الطاقة اللازمة للمستثمرين»، لافتاً إلى أن «مصر تحتاج إلى تنمية القوى البشرية المدرّبة لاستيعاب الاستثمارات الأجنبية المقبلة، وعلى الحكومة وضع تنمية ودعم الصعيد، كأحد أهداف الأمن القومى المصرى، وبالنظر إلى أن تنمية الإقليم فإنه سيقضى على نسبة كبيرة من الإرهاب فى جنوب البلاد».وأضاف «الفقى» ل«الوطن» أن «الاستثمارات الموجهة إلى الصعيد لا تمثل سوى 10% فقط من إجمالى استثمارات الدولة، ويبقى على عاتق المجلس الأعلى لتنمية الصعيد مهمة تبسيط الإجراءات للمستثمرين من أجل جذب استثماراتهم».فيما قال السفير جمال بيومى، مسئول وحدة الشراكة المصرية - الأوروبية بوزارة التعاون الدولى، إنه «لا يجب التراجع عن تنمية الصعيد، حتى لو تراجع حجم العائد من الاستثمار فيه»، مطالباً الحكومة ب«التوسّع فى منح مزيد من الحوافز الاستثمارية لجذب رجال الأعمال والمستثمرين لضخ المزيد من الاستثمارات فى هذا الإقليم».واقترح «بيومى» على الحكومة «التواصل مع الدول الأوروبية المانحة، بهدف الحصول على منح وقروض ميسّرة لتنمية البنية الأساسية لمحافظات الصعيد، على غرار التجربتين الصينية والماليزية فى تطوير الريف، بالتزامن مع ضخ استثمارات القطاع الخاص، جنباً إلى جنب مع الاستثمارات الحكومية». «الفقى»: المشاريع الموجهة إلى الصعيد لا تمثل سوى 10% من استثمارات الدولة.. و«عبده»: أتوقع فشل المؤتمر الاستثمارى من جهته، توقع الدكتور رشاد عبده، رئيس «المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية»، «فشل» مؤتمر الصعيد الاستثمارى المرتقب، «نظراً إلى فشل الهيئة العامة للاستثمار فى إعداد وتجهيز المشروعات التى ستُطرح فى المؤتمر حتى الآن، رغم الإعلان عن المؤتمر قبل أكثر من 3 أشهر، بالإضافة إلى تحكم البيروقراطية ودورها السلبى فى تعطيل الاستثمار، والمؤتمر سيُعقد، لكن بمشروعات وهمية وشو إعلامى»، حسب تعبيره.وأضاف «عبده» أن «التنمية فى الصعيد تحتاج إلى التمويل وتوفير الطاقة اللازمة للمشروعات، خاصة فى ظل وجود عجز بالطاقة، وتطوير البنية التحتية والطرق والمناطق الصناعية وتعديل القوانين التى تعوق الاستثمار، ناهيك عن البيروقراطية والفساد وعدم وجود مناخ جاذب للاستثمار»، مشدداً على أن «مؤتمر الصعيد يحتاج إلى تدخل الرئيس السيسى شخصياً، وعلى الرئيس إقالة من لا يستطيع إنجاز الأمر الموكل إليه، وكان من الأولى الأخذ بالدراسات التى خرجت بها لجنة كانت مشكّلة برئاسة محمد فريد خميس قبل ثورة 25 يناير عن التنمية فى الصعيد».فيما اتفق الدكتور أحمد أبوالنور، أستاذ الأزمات والاقتصاديات الحرجة بالجامعة الأمريكية، مع توقعات «فشل المؤتمر»، وقال إنه «سيفشل حتماً لعدم توافر المقومات الأساسية لنجاحه».وأوضح «أبوالنور» أن «هناك عدة ملاحظات على المؤتمر، أولاها تصريحات وزير الاستثمار بعقده فى الغردقة، بما ييسر من إمكانية تأمينه، وهذا يعطى رسائل سلبية عن مناخ الاستثمار والاستقرار الأمنى فى الصعيد، كما أن النجاح الذى حققه المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ لا يعنى الإفراط فى عقد المؤتمرات (عمّال على بطال)، ولا بد من الترويج لمؤتمر الصعيد والإعلان عن خريطة لتنميته فى الصعيد، بدءاً من الآن».وأضاف أستاذ الاقتصاد أن «رؤية الحكومة عن المؤتمر غير واضحة حتى الآن»، واصفاً الحكومة الحالية بأنها تعمل بنظام «الإدارة اليومية» و«البيروقراطية»، ومشبهاً إياها بحكومات ما قبل ثورة 25 يناير، مدللاً على ذلك ب«عدم معرفة المستثمر الأجنبى بفرص الاستثمار فى الصعيد ومعوقاته، إضافة إلى اقتصار دعوات المشاركة على المستثمرين المحليين فقط دون الأجانب». وطالب «أبوالنور» ب«ضرورة وجود حوافز ومميزات للمستثمرين المحليين والأجانب بالتزامن مع تهيئة البنية التحتية للصعيد، ومنح الأراضى بحق الانتفاع؛ حتى يوظّف المستثمرون أموالهم بشكل جيد فى المشروعات، ولا يتم إنفاقها على البنية التحتية»، لافتاً إلى أن «المؤتمر تم تأجيله، لعدم تهيئة المناخ له حتى الآن، ويحتاج إلى الكثير من الأموال، والترويج الكافى له».من جانبه، قال الدكتور صلاح الدين فهمى، رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، إن «الصعيد تم إهماله منذ 30 عاماً مثل سيناء تماماً، وبدأ الاهتمام بالوجه القبلى فى السنوات العشر الأولى من حكم الرئيس المخلوع (مبارك)، حيث أنشأ بعض الجامعات والمطارات، لكن هذا الوضع لم يستمر»، مشيراً إلى أن «الرئيس عبدالفتاح السيسى يحاول تنمية المناطق الحدودية مثل رفح وسيناء وحلايب وشلاتين».