قال ياسر محارم، أمين عام جمعية الضرائب المصرية، إن الضرائب تستحوذ على نصيب الأسد من جملة إيرادات الدولة المستهدفة سنوياً، كاشفاً عن استهداف الحكومة، خلال العام المالى الجديد، زيادة الحصيلة الضريبية بنحو 105 مليارات جنيه. وحذر «محارم» فى حواره ل«الوطن» من أن الوضع الاقتصادى الحالى غير مناسب لفرض ضرائب تصاعدية، وقال إن الضريبة العقارية بها عيوب، وإن وزارة المالية أساءت تسويقها وخوّفت الناس منها، مطالباً فى الوقت ذاته بتشديد الرقابة قبل الشروع فى تطبيق ضريبة «القيمة المضافة» منعاً لغلاء السلع على المواطنين. ■ بداية ما تقييمك لمنظومة الضريبة المطبقة فى مصر؟ - تحتاج إلى إصلاحات حتى تحقق الهدف المرجو من الضرائب، وذلك عبر تحقيق إيرادات كافية لتغطية احتياجات الخزانة العامة مع الحفاظ على حقوق المواطنين، فالمنظومة الضريبية حتى تنجح يجب أن تتسم بالعدالة حتى لا تتحول من ضريبة لخدمة الاقتصاد الوطنى إلى نوع من الجباية. ■ تمر السنوات دون أن نجد لملف المتأخرات الضريبية حلاً حاسماً، فأين الحل برأيك؟ - المتأخرات الضريبية تتزايد سنوياً حتى تجاوزت 72 مليار جنيه، كما أن هيكل المتأخرات الضريبية الجزء الأكبر منه يتعلق بالجهات الحكومية، وطبقاً لتصريحات المسئولين بمصلحة الضرائب المصرية فإن حجم المتأخرات بلغ نحو 70 مليار جنيه منها 21 مليار جنيه على القطاع الخاص فقط، والباقى متأخرات على الحكومة والجهاز الإدارى للدولة، ولو تم عمل حوافز للمتأخرات على القطاع الخاص وتم تحصيل 50٪ أو 75٪ من تلك المتأخرات، فهذا سيحقق حصيلة جيدة قد تصل لأكثر من 10 مليارات جنيه، هذا بجانب ما على الحكومة والجهاز الإدارى للدولة، والتى يمكن تحصيلها بطريقة أو بأخرى. ■ البعض يرى أن الضريبة التصاعدية إحدى آليات تحقيق العدالة الضريبية، فما تعليقك؟ - لا أعتقد أن الوضع الحالى مناسب لفرض ضرائب تصاعدية، كما أن المجتمع الضريبى غير مؤهل لذلك، وقبل أن تفكر الحكومة فى تطبيق ضريبة تصاعدية لا بد أن تكون البيئة الضريبية صالحة لتنفيذ تلك الضريبة، فنحن فى مجتمع يفتقد ثقافة «الفوترة» (استخدام الفاتورة) فى عمليات البيع والشراء، خاصة أننا عانينا من حالات التهرب والتجنب الضريبى عندما كنا نطبق أسلوب الضريبة التصاعدية فى السابق. ■ ما رأيك فى تأجيل فرض الضريبة على تعاملات البورصة؟ - أعتقد أنه لا بد من فرض ضريبة على صافى تعاملات البورصة، ولا أجد مبرراً حتى الآن لإعفاء التعاملات فى البورصة، ففى جميع أنحاء العالم أرباح هذه التعاملات بالبورصة تخضع للضريبة، ولا أجد مبرراً لتأجيل الحكومة لضريبة 10% على صافى تعاملات البورصة. ■ لكن الحكومة قالت إن تأجيلها كان خوفاً من تأثيرها على مناخ الاستثمار.. فما تعليقك؟ - بصراحة لا أعرف ما علاقة ذلك بمناخ الاستثمار، ولا أعرف الفائدة أو العائد من البورصة للناتج القومى ومناخ الاستثمار، وأرى أن المستثمر الحقيقى هو من يأتى ليضخ استثمارات ويزيد من عجلة الإنتاج ويسدد ضرائب ويشغل عمالة ويضيف للناتج القومى، وغير ذلك لا أراه استثماراً، وأنا مع فرض ضريبة على تعاملات البورصة مثل كل العالم، فالمواطن والدولة لا يستفيدان من البورصة، وإلا فما هى أهمية البورصة بالنسبة للناتج القومى، ثانياً فرض ضريبة على صافى تعاملات البورصة بين 2 و5% هو أمر عادل تماماً ولا بد منه. الوضع الحالى غير مناسب لفرض ضرائب تصاعدية.. وأطالب بتشديد الرقابة قبل تطبيق «القيمة المضافة» ■ هل طالبت بفرض ضرائب على صناديق الاستثمار؟ - نعم طالبت بخضوع صناديق الاستثمار سواء تعاملت فى أوراق مالية أو استثمار عقارى لأنها تكسب، والمفترض أن النشاط الذى يتم منحه حوافز وإعفاء يحقق زيادة فى الإنتاج ويتيح فرصاً للعمالة، فالمصانع كثيفة العمالة أو من يشارك فى مشروعات قومية أو من يقوم بالاستصلاح لا بد من منحه حوافز تشجيعية حتى يتم جذب الاستثمار. ■ ما رأيك فى ضريبة القيمة المضافة؟ - الضريبة على القيمة المضافة هى التطور الطبيعى لضريبة المبيعات، وضريبة المبيعات تُفرض على المُصنّع والمستورد فى بعض السلع، أما القيمة المضافة فستعمم على جميع السلع والخدمات. ■ وبرأيك كيف يتم تحصيلها؟ - سيتم دفع الضريبة على الفارق بين سعر شراء مدخلات الإنتاج وسعر البيع للمستهلك، كما أنها ستساهم فى ضم الاقتصاد غير الرسمى. ■ لكن البعض يرى أن تطبيقها سيرفع الأسعار؟ - ضريبة القيمة المضافة بمثابة آلية لتنظيم السوق، ولن تزيد أسعار السلع والخدمات، ولكن بشرط التوعية الإعلامية بذلك، ولا بد من تشديد الرقابة قبيل تطبيقها حتى لا تحدث موجة من الغلاء، فهذه الضريبة ستوسع القاعدة الضريبية. ■ هل تعتقد أن المجتمع الضريبى مؤهل لتطبيق القيمة المضافة؟ - تطبيق قانون الضريبة على القيمة المضافة يرتبط بثقافة الفوترة، ولا بد من وجود آلية للفواتير. ومن الاقتراحات التى أقرها مجلس الوزراء تغليظ العقوبة على من لم يقدم فاتورة على الخدمة أو السلعة لتصبح الحبس 6 أشهر، وهناك 40٪ من المصريين لا يعرفون القراءة والكتابة فكيف سيمسكون فواتير؟! ■ ما هى أبرز أسباب التهرب من الضرائب؟ - عدم تحقق العدالة الضريبية أبرز الأسباب، فالمواطن عندما يشعر بوجود عدالة سوف يأتى من نفسه ويسدد ما عليه من ضرائب، والعالم كله يساند دافعى الضرائب، ولا بد أن يجد دافع الضرائب مردوداً إيجابياً لما يدفعه متمثلاً فى الخدمات والمرافق، فالمواطن المصرى لديه الحس الوطنى لسداد الضرائب، لكن سيحقق ذلك عندما يشعر بالعدالة والتحسن فى الخدمات، لكن هناك أسواق ومناطق بالكامل تتهرب من أداء الضريبة المقررة عليها وتهدر إيرادات الدولة، كأسواق منطقة الأزهر وحمام الثلاثاء وشق الثعبان والعبور، وشارع عبدالعزيز، على الرغم من تحصيلها لإيرادات يومية بملايين الجنيهات، إلا أنها ما زالت خارج سيطرة الإدارة الضريبة، وتتهرب من أداء الضرائب المستحقة عليها، حيث إنهم يتعاملون بنظام «الكاش» وليس الفواتير، ما قد يجعل عملية الحصر صعبة جداً. ■ لماذا يُعد نشاط المهن الحرة أكثر الأنشطة تهرباً من الضرائب؟ - التهرب الضريبى بين فئات المهن الحرة مرتفع جداً مقارنة بالأنشطة الأخرى، خصوصاً فى فئات المحامين والأطباء، وعدد كبير من المحامين يترافعون عن بعض رجال الأعمال مقابل الحصول على ملايين الجنيهات ولا تستطيع أن تثبتها مصلحة الضرائب فى الإقرارات الضريبية المقدمة، وبالتالى تهدر مليارات الجنيهات على الموازنة العامة للدولة، ولا بد من معالجة الثغرات الموجود بالقوانين الضريبية والعمل على حصر المجتمع. يجب إخضاع «شارع عبدالعزيز وسوق الأزهر والعبور» لسيطرة الإدارة الضريبية ■ ما الحل من وجهة نظرك لضم الاقتصاد غير الرسمى؟ - لا بد أن تعمل مصلحة الضرائب على تكامل المنظومة الضريبية من خلال تهيئة القاعدة الضريبية بما يتوافق مع أوضاع المجتمع الضريبى، بمعنى أن هناك أنشطة يصعب محاسبتها بنظام المستندات وتوفير الفواتير لها مثل صناعات الأغذية والاستصلاح الزراعى وقطاع المقاولات، ولهذا لا بد من أن تعمل مصلحة الضرائب على وضع إجراءات تتناسب مع ظروف هذه الأنشطة بما يساهم فى دخولهم المنظومة الضريبية الشرعية. ■ هل تعتقد أن مصلحة الضرائب يمكنها تحصيل 422 مليار جنيه؟ - أتمنى ذلك، لكن عليها الأخذ فى الاعتبار إصلاح الثغرات الحالية فى المنظومة والإسراع فى تحصيل المتأخرات الضريبية.