عندما أمم «عبدالناصر» قناة السويس كنا فتياناً صغاراً نتابع عن بعد كيف يصنع العرب تاريخاً جديداً بهذا القرار، وكيف يتحدى رئيس عربى هؤلاء المستعمرين فى ذلك الوقت!! رغم أن قناة السويس على أرض مصرية.. وحفرها المصريون بأظافرهم.. وإذا بها للإنجليز المستعمرين رغم وجود ملك وحكومات وأحزاب وبرلمانات متعاقبة!! ثم بلغ التحدى مداه عندما قام العدوان الثلاثى.. ولم يتراجع «عبدالناصر» الثائر.. وعبر من خلال رده عن الإرادة والعزيمة والعزة للعربى الأصيل.. وكان فى تلك الساعة ولا أعتقد بأن «ناصر» نفسه يظن بأنه يبعث بكلماته الروح فى أمة ظن الجميع أنها ماتت.. وكان ذلك الموقف يوماً فارقاً فى تاريخنا، وبعثاً جديداً لأمة. واليوم ها هى مصر مرة أخرى تتحدث عن نفسها من خلال هذا الإنجاز الجديد.. والذى بقدر ما هو اقتصادى فهو يحمل فى طياته معانى كبيرة وكثيرة، ولعل أهمها أن القرار هذه المرة ينبع من الذات العربية والتمويل ذاتى.. والذى ساهم فيه هم أبناء مصر.. صحراؤها وريفها ومدنها العريقة. ولعل التحدى الأكبر كان إصرار قائد ثورة 30 يونيو على أن يتم هذا الإنجاز فى هذا الزمن القياسى رغم الظروف الصعبة والمحاولات اليائسة لضرب استقرار مصر وإيقاف عجلة البناء.. ولأن هذا الإنجاز هو تعبير عن إرادة جماهير مصر وشعبها الجبار.. فقد صار على الوتيرة التى تم التخطيط لها.. والتى ستكتمل عندما يواكب هذا العمل إنشاء مدن صناعية واقتصادية.. والتى ستدفع عجلة الاقتصاد المصرى إلى موقع يليق بمصر. ولذا وجب علينا فى يوم كهذا تحية الزعيم السيسى.. وأطالب بأن تحمل هذه القناة اسمه «قناة السيسى» وهذا حقه.. ووجب علينا أن نحيى كل هؤلاء الرجال من العسكريين والمدنيين الجبارين، الذين واصلوا الليل والنهار ليبهروا العالم ويصنعوا هذا الإنجاز الجبار. إنها البداية، وإنها أيضاً الدليل العملى بأن ثورة حقيقية تلوح فى الأفق.. تبنى الإنجاز ولا تهدم.. تصنع الحياة الحرة الكريمة.. وتعطى أملاً للأمة وسط ظلام اليأس الذى يخيم عليها.. من عدن إلى جبال الشعانبى مروراً بالفلوجة وحلب ودرنة.