يوافق اليوم ذكرى الإعلان عن انتهاء عصبة الأمم، المنظمة الدولية التي سبقت الأممالمتحدة، وهدفت إلى الحفاظ على السلام العالمي. تأسست المنظمة عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1919، الذي أنهى الحرب العالمية الأولى التي دمَّرت أنحاء كثيرة من العالم وأوروبا خصوصًا، ووصل عدد الدول المنتمية لهذه المنظمة إلى 58 دولة في أقصاه، وذلك خلال الفترة الممتدة من 28 سبتمبر سنة 1934 إلى 23 فبراير سنة 1935. كانت أهداف عصبة الأمم الرئيسية تتمثل في منع قيام الحرب عبر ضمان الأمن المشترك بين الدول، والحد من انتشار الأسلحة، وتسوية المنازعات الدولية عبر إجراء المفاوضات والتحكيم الدولي، كما ورد في ميثاقها، كما كان من الأهداف تحسين أوضاع العمل بالنسبة للعمّال، ومعاملة سكّان الدول المنتدبة والمستعمرة بالمساواة مع السكّان والموظفين الحكوميين التابعين للدول المنتدبة، ومقاومة الإتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة، والعناية بالصحة العالمية وأسرى الحرب، وحماية الأقليّات العرقية في أوروبا. مثّلت فلسفة الدبلوماسية التي أتت بها عصبة الأمم نقلة نوعيّة في الفكر السياسي الذي كان سائدًا في أوروبا والعالم طيلة السنوات المائة السابقة على إنشائها، وكانت العصبة تفتقد لقوة مسلحة خاصة بها قادرة على إحلال السلام العالمي الذي تدعو إليه، لذا كانت تعتمد على القوة العسكرية للدول العظمى لفرض قراراتها والعقوبات الاقتصادية على الدول المخالفة لقرار ما، أو لتكوين جيش تستخدمه عند الحاجة. أثبتت العصبة عجزها عن حل المشكلات الدولية وفرض هيبتها على جميع الدول دون استثناء، عندما أخذت دول معسكر المحور تستهزئ بقراراتها ولا تأخذها بعين الاعتبار، وتستخدم العنف تجاه جيرانها من الدول والأقليات العرقية قاطنة أراضيها، خلال عقد الثلاثينيات من القرن العشرين. كانت حجة ألمانيا وغيرها من دول المحور للانسحاب من العصبة، أن بعض البنود الواردة في ميثاق الأخيرة تنتهك سيادتها، وكان نشوب الحرب العالمية الثانية بمثابة الدليل القاطع على فشل العصبة في مهمتها الرئيسية، ألا وهي منع قيام الحروب المدمّرة، وما إن وضعت الحرب أوزارها حتى تمّ حل العصبة، وخلفتها هيئة جديدة هي الأممالمتحدة، التي ورثت عددًا من منظمات ووكالات العصبة.