دقت عقارب الساعة لتعلن تمام الثانية عشر وخمس دقائق، لترتفع صوت الانفجارات في سماء تركيا لتملؤها بالغبار والحسرة مسفرة عن سقوط 30 ضحية وإصابة المئات بجروح خطيرة، في هجوم انتحاري بمدينة "سروج" جنوب البلاد قرب الحدود مع مدينة "كوباني" السورية، لتشتعل بعدها آهات المواطنين الأتراك حزنا على هذه الدماء. هز الانفجار حديقة مركز ثقافي يُستعمل لإيواء ومساعدة اللاجئين السوريين بالمدينة الواقعة على بعد كيلومترات من "كوباني" السورية التي شهدت إعادة استيلاء قوات الحماية الكردية عليها بعد سيطرة تنظيم "داعش" لعدة أشهر. دقائق ولحظات مرت بعد وقوع الانفجار لتتمكن عناصر الأمن من السيطرة على موقع الحادث، وتم نقل القتلى والمصابين إلى المستشفى بمدينة "سروج" التي شهدت الانفجار، وحضر محققو الطب الشرعي التركي للعمل في موقع تفجير الانتحاري الذي قتل 30 شخصا على الأقل. وتقول أنقرة إن "لديها أسباب قوية تدفع للاشتباه بأن تنظيم داعش الإرهابي الذي يسيطر على مناطق واسعة بالعراق والشام يقف وراء الهجوم الانتحاري في سروج". وبعد دقائق من الانفجار في "سروج" فجر انتحاري نفسه بسيارة مفخخة جنوب مدينة "كوباني" على حاجز لوحدات حماية الشعب الكردي، ما أدى إلى مقتل عنصرين من العسكريين الأكراد. وخلفت هذه الحادثة البشعة صدمة قوية لدى الشعب التركي، وأشعلت نار الحسرة داخل البلاد ووسط المسؤولين، وخرج الآلاف في شارع الاستقلال في إسطنبول يصرخون بشعارات منددة بالهجوم الإرهابي. "لدينا الشباب وهم أملنا، لا تقتلوا آمالنا"، "مقاومة الشعب ستنتصر، وسوف تهزم داعش"، لافتات امتلأت بها شوارع تركيا، وشعارات تعالت بها الأصوات احتجاجا على ما جرى بالبلاد. لم تستمر الاحتجاجات طويلا وتدخلت شرطة مكافحة الشغب التركية مستخدمة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لفض المظاهرات ولتفريق وقمع احتجاج المواطنين لتزيد النار جحيما في نفوسهم ما دفعهم إلى إطلاق الألعاب النارية على الشرطة، ليتحول شارع الاستقلال في إسطنبول إلى ساحة للاشتباكات بين الطرفين. "نحن في حداد بسبب عمل إرهابي أوقع قتلى وجرحى، أنا أندد باسم شعبي، بمرتكبي هذا العمل الوحشي"، بهذه الكلمات أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن تعازيه لذوي الضحايا، مؤكدا أن الإرهاب ليس له دين ولا قومية، مشددا على ضرورة توحيد الجهود لمواجهة هذا الشر.