بظهره المحنى و«شنطته» التى يتكئ عليها، يعبر «عم نبيل» كل ليلة شارع الأزهر، ليستقر أمام وكالة الغورى، تستقبله القطط والكلاب بترحاب وكأن الفرج جاءها أخيراً، يقف قرابة الساعة والنصف ساعة يطعم الحيوانات من الطعام الذى يجلبه من منزله. كبر سن عم «نبيل» وتجاوزه ال98 عاماً، لم يمنعه من الحرص على إطعام الحيوانات، التى تملأ منطقة الغورية، فلا هو يمل من إطعامهم، ولا هم يكتفون، فيرفض الرجل التسعينى الجلوس على أحد المقاعد، حتى يتأكد من أن الحيوانات قد اكتفت، هذا المنظر اعتاد عليه أهالى المنطقة فبمجرد وصول عم «نبيل» بحقيبته تأتيه القطط والكلاب وتعبر الطريق من أجله: «أنا ما بأكلهمش بإيدى باستخدم معلقة عشان ما يحسوش بإهانة». ابتسامة الرجل التسعينى لا تفارق وجهه، خلال إطعامه الحيوانات الضالة، فهو يشعر براحة وطمأنينة وهو يسد جوع حيوان لا يقدر على طلب الطعام: «الناس بتستغرب إن أنا يهودى وبساعد الحيوانات، الدين مش اللى بيحركنا، المسألة مسألة رحمة»، مضيفاً: «مهنتى أأكل الحيوانات، مش فاكر من إمتى بس ييجى من 15 سنة، وكله لوجه الله عشان لما أقابل ربنا أبقى مرتاح». حرص عم «نبيل» على إطعام الحيوانات فى مكان ووقت محدد جعل الحيوانات تقف فى انتظاره، فإن تأخر جلست على جنبات الطريق تنتظر قدومه، حتى إن أهل المنطقة يقفون فى دهشة من أمره وأمر الحيوانات: «ساعات بنسى بحكم سنى، بس عمرى ما نسيت آخد اللى فيه النصيب وأنزل أعشى الكلاب والقطط، ولو أقدر أنزل مرة الصبح ومرة بالليل ما كنتش قصرت».