سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
غالي على باب ال"90": متفائل بمستقبل مصر.. طالما انفتح قادتها على العالم غدّا.. غالي يحتفل بعيد ميلاده التسعين وحيدًا.. في ظل استمرار غياب نجله "الوزير الهارب"
على باب "التسعين" يقف الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة الدكتور بطرس بطرس بطرس غالي، لذلك يقيم سفراء مصر القدامى، من مواليد شهر نوفمبر، احتفالية غدا الأربعاء، بمقر المعهد الدبلوماسي احتفاءً بمولده، فى ختام حفل تخريج دفعة جديدة من الدبلوماسيين الأفارقة من دول الانجلوفرانكوفون. غالي، الذي يعاني من فراق نجله "الوزير الهارب" يوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق، لم يمانع في القول بأنه متفائل بمستقبل أفضل لمصر فى السنوات القادمة، مرجعًا تفاؤله إلى أنه طالما توجد مجموعة من القيادات المصرية تؤمن بالانفتاح على الخارج والتعامل والتفاعل معه من أجل مقتضيات المصلحة المصرية فإن المستقبل سيكون أفضل ومشرق. وأعرب غالي عن ثقته فى أن مشاكل مصر سوف تحل بمزيد من العمل والعمل الجاد وأن القاهرة ستستعيد مكانتها ودورها فى المنطقة والعالم، وقال إنه لا يجب أن نخاف الآخر بل يتعين الحوار معه، فالعالم أصبح مترابطا أكثر من ذى قبل وقد قربت التكنولوجيا المتطورة السريعة والمتلاحقة المسافات البعيدة وأصبح الاتصال ومعرفة ما يدور فى أركان كوكب الأرض معروفا لحظة بلحظة. وعن الديمقراطية وحقوق الإنسان، يقول الدكتور بطرس بطرس غالي، إن هناك ترابطا وتلازما بين الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان والتقدم والتنمية فلا غنى للواحد عن الآخر وأنه لا غنى لمصر سوى السير فى طريق الديموقراطية وتحقيق العدل والمساواة بين الجميع. ويقول غالي، إن الجيل الجديد من الشباب المتسلح بالعلم وأدوات عصره من التكنولوجيا الحديثة وانفتاحه وإطلاعه المستمر على الخارج والاطلاع عليه قادر على أن يلعب دورا كبيرا فى حل كثير من المشاكل والنهوض بالوطن. وسأل أحد طلاب القسم الفرنسي بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، الدكتور غالى الاسبوع الماضى: كيف أصبح أمينا عاما للأمم المتحدة؟ فأجاب غالي بكل جدية "بالعمل الجاد والتفاني بالعمل والاندماج في المجتمع العالمي ومشاكله وقضاياه". ونصح الطلاب بضرورة تعلم اللغات الأجنبية لمعرفة أحوال وأوضاع العالم والاطلاع المستمر، وكان يفاجىء الطلبة فى حواراته العديدة معهم بسؤالهم كم منكم دخل المكتبة اليوم ليستعير كتابا أو ليقرأ فى المكتبة؟ كما كان هو القائل "إذا ما رغبنا فى الدعوة إلى الحوار وإنشاء ديموقراطية عالمية مفتوحة وتشاركية روحية فإنه يجب أن نأخذ فى الاعتبار تطلعات الجهات الاجتماعية والثقافية وتصرف الجهات الاقتصادية إلى جانب رغبة الشخصيات السياسية وتعزيز التنوع الثقافى وحوار الثقافات وردم الهوة بين الشمال والجنوب بين العالم الفقير والعالم الغنى. وحصل غالي على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون عام 1949 بعد ثلاث سنوات فقط من حصوله على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، ليصبح أصغر طالب فى جيله يحصل على درجة الدكتوراة، وكان موضوع الرسالة حول دراسة المنظمات الإقليمية التى ترأس العديد منها بعد انخراطه فى العمل السياسيى وتوجها باختياره فى منصب الامين العام للامم المتحدة فى العام 1992. وفى هذا المجال يعترف غالى بأن ممارسة مسيحى قبطى لوظيفة عامة فى بلد غالبيته العظمى من المسلمين لم يكن أبدا عائقا أو حائلا أمام أى من أفراد أسرته من أجل الانخراط فى العمل السياسي. كما قام بتدريس علوم القانون على مدار 30 عاما وكانت البداية فى جامعة القاهرة ثم الجامعات الأوروبية والأمريكية والآسيوية فى كوريا الجنوبية، وكان أحد الداعين لإشناء كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. وهو صاحب مبادرة إصدار مجلة السياسة الدولية وكان واحدا ممن وضع أسس العمل فى المجلة وترأس تحريرها منذ أول عدد صدر فى شهر يوليو عام 1965 وحتى يناير عام 1992 وهو الشهر الذى تقلد فيه رئاسة منظمة الاممالمتحدة. كما ترأس الدكتور بطرس غالى مجلس تحرير مجلة الأهرام الاقتصادى التى تصدرها مؤسسة الأهرام لتكون أول مجلة اقتصادية متخصصة من نوعها فى مصر، وتقلد بطرس غالى منصبه الوزارى لأول مرة فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات عام 1977 كزير دولة للشؤون الخارجية. وكان الدكتور بطرس بطرس غالي يدير السياسة الخارجية المصرية كوزير للخارجية بعد استقالة إبراهيم كامل اعتراضا على رحلة الرئيس السادات إلى القدس فى نوفمبر عام 1977 ، وقبيل رحيله إلى الأممالمتحدة كسادس أمين عام لها، وبعدها بعام تقريبا عين نائبا لرئيس الوزراء فى الحكومة المصرية وهو أيضا يعتبر أول منصب على هذا المستوى يحصل عليه مسيحي منذ ثورة 23 يوليو. واختير فى وقت مبكر كعضو فى أكاديمية القانون الدولى فى لاهاى وهى أكبر محفل قانونى عالمى، إلى أن اختير كرئيس للأكاديمية فى عام 2004 وهو العام الذى وقع فيه الاختيار ليرأس أول مجلس وطنى لحقوق الإنسان فى مصر لنشر ثقافة حقوق الإنسان، والقضاء على الانتهاكات ودعم الحركة الحقوقية فى مصر حيث أصدر المجلس، وعلى غير هوى الحكومة، تقارير قوية أشاد بها المجتمع الدولى وكبريات دول العالم. وأصدر الدكتور غالى أول كتاب له باللغة العربية عام 1956 وكان بعنون المدخل لدراسة التنظيمات الدولية، ثم تبعه بكتاب آخر حول دستورية التنيظيات العالمية عام 1957، وقد بلغ انتاجه العلمى باللغة العربية أكثر من 22 كتابا إلى جانب 11 كتابا باللغات الاجنبية فضلا عن العشرات من الدراسات والابحاث وبلغ عددها 42. وقد عاب عليه البعض أنه لم يكن وحدويا ملتزما بأيدولوجية القومية العربية إلا أنه ومن خلال كتاباته المتعددة والمتنوعة فى القضايا العربية كشفت عن إيمانه وقنعته بتيار العروبة وموقفه من القضية الفلسطينية وارهاصاتها دليل على صحة هذا التوجه وقد أجمل افكاره عن العروبة والتشكيل التنظيمي لها فى عدة كتب ودراسات ومقالات حملت العديد من العناوين منها "المجتمع العربى عام 1960 وأزمة الدبلوماسية العربية فى عام 1969 والجامعة العربية وتصفية المنازعات المحلية فى العام 1977.