في ميدان الخلفاوي بالقاهرة يعمل «عم سيد»، الرجل الذي يبلغ من العمر 70 عامًا في بيع الجرائد، ماضيًا في طريقه الذي بدأه منذ عام 1970، مفتخرًا بتوزيع الصحف على أهالي المنطقة، على مدار 54 عامًا. بيع الجرائد تراث العائلة ورث «عم سيد» مهنة بيع الجرائد من والده وجده، ويعتز كثيرًا بالجورنال، ويحكي ل«الوطن» وعلامات الرضا تستقر على وجهه: «شربت أسرار المهنة دي من أبويا وجدي، وأهم شيء عندي الجورنال، وباوزع الجرايد في شبرا كلها كل يوم»، مؤكدًا أنه لا يعرف أي مهنة أخرى، ويرى في بيع الجرائد رسالة وأمانة يجب أن يحافظ عليها. ورغم التغييرات الكثيرة التي شهدتها مهنته، لم يفكر «عم سيد» يومًا في تركها، ولم يرضَ بأن يعمل في أي مجال آخر غير بيع الجرائد، ويرى في هذه المهنة جزءًا لا يتجزّأ من هويته، ومن دخلها أنفق على أسرته وابنته: «عندى بنت واحدة اسمها دنيا، ربيتها وبقت في كلية الحقوق ومتفوقة في دراستها، وكله من خير الجرايد». يفتخر «عم سيد» بتفوق ابنته، ولا يرى لنفسه حياة بعيدًا عن مهنته، ويذكر: «لو جابوا لي شغل في مكتب الوزارة مستحيل أسيب الجرايد، هي دي مهنتي وهاكمل حياتي فيها». بيع الجرائد ليس مجرد عمل ل«عم سيد»، بل هو شغف يتجاوز كسب الرزق، وبعد انتهاء عمله اليومي، يتفرّغ لقراءة الجرائد والمجلات التى يوزّعها، مما يعكس حبه العميق لهذه المهنة: «بحب الجورنال والقراءة جدًا، وباهتم بأخبار الرياضة والسياسة وأعرف أحوال البلد، وأحيانًا باقرأ كل الجرائد والمجلات»، متمنيًا أن يستمر في أداء عمله حتى النَّفس الأخير.