جاءنا الآن خبر نحاول التأكد منه، «استشهاد الشيخ عماد عفت أمام مجلس الوزراء قبل قليل». سمعت هذه الكلمات من أحد الأصدقاء إذ هو يقدم لمحاضرة بمدينة نصر مساء يوم الجمعة 16/ 12 /2011م ، فاهتز جسدى وخرجت إلى الشارع بحثا عن هواء أتنفسه بينما هم يحاولون التأكد من الخبر، ثم جاء التأكيد فانفجرت فى بكاء تذكرت فيه سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم، المربى الأعظم والقدوة الأكرم، كيف وصل ارتباط الصحابة به إلى حد أن يأتيه أحد أصحابه باكيا، قد شحب وجهه وتغير لونه فيسأله الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عن ذلك فيقول الصحابى (سيدنا ثوبان): والله ما بى ضر ولا وجع يا رسول الله، غير أنى إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم إنى إذا ذكرت الآخرة أخاف ألا أراك هناك لأنى عرفت أنك ترفع مع النبيين، وأنى إن دخلت الجنة كنت فى منزلة هى أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل لا أراك أبداً. فأنزل الله قوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً}. ظللت لفترة لا أعى جيدا أن الشيخ عماد عفت قد قتل، ولكأنى بسيدنا عمر بن الخطاب يصيح فى الناس عند وفاة سيدنا رسول الله ويقول: لا والله ما مات، بل ذهب للقاء ربه كما ذهب موسى بن عمران، وعما قليل يرجع فيضرب أعناق قوم يقولون إنه قد مات، ويبقى على ذلك حتى يتلو سيدنا أبوبكر الصديق قول الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِى اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}، فلما سمعها عمر وقع على الأرض لا تحمله رجلاه وعلم أن رسول الله قد مات. ثم إنى بعدها تذكرت غزوة أحد لما اهتزت صفوف المسلمين وأشاع المنافقون أن رسول الله قد مات فتراخت بعض الهمم حتى صاح فيهم سيدنا أنس بن النضر قائلا: مات رسول الله فما تصنعون بالحياة بعده؟!! قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله. وتذكرت الصحابة لما مات عنهم حبيبهم المصطفى كيف أثمر حزنهم عليه عملا لله وجهادا فى سبيله لا ينقطع حتى فتحوا أكثر من نصف الأرض المعمورة فى أقل من نصف قرن من الزمان. إنهم علموا أن الحزن على الفراق إذا لم يثمر عملا فعالا فى الدعوة إلى الله وإقامة دين الله فى النفوس والمجتمعات يصبح هذا الحزن حجة على صاحبه لا حجة له، وهذا من معانى قول الله تعالى {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِى سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ}، ذلك أن موت الشهداء حياة خالدة لهم فى الجنة وحياة ويقظة للأمة من بعدهم فتعمل على مواصلة طريقهم والسير على آثارهم وحمل هم قضيتهم حتى تأتى ساعة لقائهم. فاللهم تقبل شهداء مصر وسوريا وكل بلادنا فى الصالحين واجعل يا ربنا حياتنا دعوة وجهادا وموتنا سعادة وشهادة.