تعرف على الأوراق المطلوبة لتسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي    ننشر أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر في بداية التعاملات    «متاح التسجيل الآن» رابط التقديم على وظائف بنك مصر 2024    قفزة جديدة.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    30 دقيقة تأخير لخط «القاهرة - الإسكندرية».. الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    سعر الدولار اليوم في البنوك ومكاتب الصرافة    طن الحديد يرتفع 1169 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    حدث ليلا.. آخر تطورات الحرب على غزة ولبنان وموقف ترامب وهاريس من ذكرى 7 أكتوبر    ترامب يكشف قيمة المساعدات الخارجية المقدمة لكييف    وزارة الصحة في غزة: إسرائيل تعمدت تدمير القطاع الصحي    في هذه الحالة.. «ترامب» يتعهد بجعل غزة أفضل من موناكو (تفاصيل)    هل إمام عاشور صفقة القرن للأهلي؟.. رد مفاجئ من أمير توفيق    ثروت سويلم يكشف حقيقة إجراء قرعة لبطولة الدوري الموسم الجديد    أجواء دافئة والعظمى في القاهرة 33.. حالة الطقس اليوم    إيمان العاصي: «حياتي كلها متلخصة في بنتي ريتاج»    ابنة علاء مرسي تتحدث عن والدها....ماذا قالت؟ (فيديو)    رئيس "دينية الشيوخ": مبادرة "بداية" محطة مضيئة على طريق وطننا العزيز    تصاعد المواجهة بين حزب الله وجيش الاحتلال.. غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    ريحة من الشيخ زايد إلى الحدائق، أسباب انتشار الدخان الخانق في 6 أكتوبر    تامر عاشور وحماقي في حفل واحد، اعرف الميعاد والمكان    أبو الوفا رئيسا لبعثة منتخب مصر في موريتانيا    اكتشفي أهم فوائد واستخدامات، البيكنج بودر في البيت    تغطية إخبارية لليوم السابع حول حقيقة انفجارات أصفهان وسيناريوهات الرد الإسرائيلى    خطة النواب: مصر مطالبة بدفع 1.3 مليار دولار لصندوق النقد الدولي لهذا السبب    6 سيارات إطفاء لسيطرة على حريق محطة صرف صحي ب أبو رواش    جريمة هزت أسيوط| قتل شقيقه ووضعه في حفرة وصب عليه أسمنت    مفتي الجمهورية الأسبق يكشف عن فضل الصلاة على النبي    هل يوجد إثم فى تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    ارتفاع حاد في أسعار النفط بعد تصاعد التوترات في الشرق الأوسط    منير مكرم يكشف آخر التطورات الصحية لنشوى مصطفى: عملت دعامات وخرجت من المستشفى    معلومات عن إلهام عبد البديع بعد طلاقها.. انفصلت في نفس شهر زواجها    إيمان العاصي تكشف ل«صاحبة السعادة» عن أصعب مشاهد «برغم القانون»    أمن مطار القاهرة يحبط محاولة تهريب كمية من النقد الأجنبي بحوزة مسافرة عربية    «أخذت أكبر من حجمها».. تعليق صادم من عصام الحضري بشأن أزمة قندوسي    رياضة ½ الليل| 76 ركلة جزاء بين سموحة والزمالك.. الأبرز    لماذا كان يصوم الرسول يوم الاثنين والخميس؟.. «الإفتاء» تجيب    بلاغة القرآن| تعرف على تفسير سورة الناس    ملف يلا كورة.. مجموعات الأبطال والكونفدرالية.. تصريحات أمير توفيق.. وقرعة الدوري المصري    «أحمد» يحول بدلة تحفيز العضلات إلى علاج لزيادة قدرة التحمل: تغني عن المنشطات    خمسة لطفلك| تعرف على أهمية الوجبات المدرسية للأطفال    صحة المنوفية تنظم دورات تدريبية للأطقم الطبية    بالصور.. محافظ المنيا يشهد حفل الجامعة بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    «إسقاط عضوية إسرائيل».. ننشر بيان مؤتمر التحالف التقدمي العالمي    حدث منتصف الليل| تفاصيل عودة خط قطارات السكة الحديد لسيناء.. والمهن الطبية تعلن زيادة مساهمات الأمرا    المدير الفني لنادي بلاك بولز: الزمالك أحد أكبر فرق إفريقيا ومواجهته صعبة.. والمصري البورسعيدي مميز    حسام حسن يحدد موعد انضمام صلاح ومرموش لمنتخب مصر    ننشر نص التحقيقات مع صاحب الاستديو في واقعة سحر مؤمن زكريا| خاص    رئيس مجلس أمناء حياة كريمة: تجار أعلنوا رغبتهم المشاركة فى حملة توفير اللحوم بأسعار مخفضة    4 جثث و 6 مصابين إثر حادث تصادم في بني سويف    القس منذر إسحق: نريد الحياة للجميع ولا سلام دون عدل    أبناء الجالية المصرية بالسعودية يحتفلون بذكرى نصر أكتوبر المجيد    مصرع 5 أشخاص وإصابة 5 آخرين إثر انهيار منجم في زامبيا    «خانتني بعد ما وعدتني بالزواج».. محاكمة المتهم بقتل سائحة سويسرية بالفيوم اليوم    حزب الله يقصف تجمعًا لقوات الاحتلال وصفارات الإنذار تدوى فى الجليل الغربى    عمرو خليل: فلسطين هي قضية العرب الأولى منذ عام 1948.. فيديو    تنسيقية شباب الأحزاب: الرعاية الصحية ركيزة قادرة على دعم الحياة الكريمة    بعد الموافقة على عدد من الاتفاقيات.. النواب يرفع جلساته العامة للغد    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالات «بير السلم».. بيئة خصبة لانتشار المنشطات المضروبة في ظل افتقار الهيئات المختصة ل«الضبطية القضائية»
نشر في الوطن يوم 22 - 07 - 2024

السعادة فى حياة الشاب محمود عيسى من منطقة المرج بمحافظة القاهرة لم تدم طويلاً، فبعد أن كان يحمل أوزاناً ثقيلة فى الجيم، لم يعد قادراً تقريباً على حمل ريشة، إن جاز التعبير، وذلك بعدما تعاطى مادة زيتية مجهولة حولت حياته لكابوس لم يخرج منه حتى الآن، وعلى الرغم من مرور ما يزيد على 5 سنوات، فإن أثر هذه المادة ما زال موجوداً فى جسده ولم يتخلص منها رغم محاولاته المتعددة، والأمر الآن بيد الله، حسبما أخبره الأطباء.
يحاول الشاب الثلاثينى الآن أن يتعايش بصعوبة شديدة مع ذراع قطره 90 سم، و«بنش» متدلٍّ إلى أسفل يعيقه عند النوم لكونه يضغط بشدة على قفصه الصدرى وقلبه، ويحرمه من التنفس بشكل طبيعى، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل وصل إلى فقدانه الوعى بشكل كامل ذات مرة حتى إن أفراد أسرته ظنوا حينها أنه توفى.
رحلة اللاعودة بدأت عندما أراد «عيسى» أن يحول جسده إلى جسم ملىء بالعضلات حتى وإن كانت وهمية ليتباهى بهيكله العضلى الواهى خلال الحفلات التى يشرف على تنظيمها، لكونه يدير مكتباً لتنظيم الحفلات: «تعرفت على جارد اسمه أحمد كانت كتلته العضلية مرعبة، سألته إزاى وصلت للمرحلة دى قال لى من خلال حقن تركيبة زيوت من عند مدرب فى عين شمس».
أعجب الثلاثينى بما قاله «الجارد أحمد»، الذى اتضح فيما بعد أنه كان يتعاون مع صاحب جيم عشوائى غير مرخص، يُقنع الشباب بتعاطى المنشطات الزيتية التى كان يصنعها بنفسه ويبيعها للشباب داخل الجيم ويقوم بالحقن بنفسه: «المدرب قال لى ال10 سم ب3400 جنيه ووافقت، وبدأت آخد الكورس اللى حدده».
مدة الكورس كما حددها المدرب 45 يوماً، خلالها كان من المفترض أن يتعاطى «عيسى» 2 سم بالحقن الموضعى يوماً بعد يوم، ولكنه لم يكد يكمل 15 يوماً حتى بدأت العضلة فى التضخم بشكل غريب، ومع هذا التضخم ظهر التهاب واحمرار فى موضع الحقن، ليذهب إلى المدرب الذى أخبره أن هذا الأمر لا خوف منه وأعطاه «قرصاً» للحساسية، لكن تطورت الأمور سريعاً وظهرت «دمامل» فى العضلة التى تم حقنها.
يقول «عيسى»: «رُحت عيادة فتحت الدمامل ونظفتها ورجعت تانى للحقن وكملت ال45 يوم، كان شكل جسمى عاجبنى وعندى كتلة عضلية حلوة، ووزنى زاد من 56 ل73 كيلو، وحجم دراعى وصل ل84 سم، لكن مالحقتش أفرح بشكلى وطلع لى دمل ضخم فى الصدر، رُحت فتحته ونظفته، لكن فضل الجرح مفتوح سنة كاملة مش عايز يقفل، وكان وصل الصديد فى العضلة لأكثر من 20 سم».
بدأ القلق يزداد والشكوك تسيطر على محمود عيسى، فذهب إلى طبيب فى عيادة خاصة ليصدمه الأخير بقوله: «مالكش علاج عندى.. استنى الموت يا ابنى»، لم يتمالك «عيسى» نفسه وبكى كالأطفال على حاله، وقرر أن يبيع كافة الأدوات الموجودة فى مكتبه ليحولها إلى أموال يدخرها فى البنك لأبنائه الأربعة الذين أنجبهم جميعاً قبل أن يتعاطى تلك المادة الغريبة التى لا يعلم اسمها حتى الآن: «قال لى عندك تعفن بالأنسجة، ووقف تمرين علشان العضلة هتنفجر».
حقن موضعى لزيت مجهول
يُنهى حياة «أحمد»
لم يكن يعلم «عيسى» اسم التركيبة الغريبة التى دخلت العضلة وجعلتها تتضخم دون توقف، وحاول كثيراً أن يعرف من صديقه «أحمد» ولكنه هو الآخر لم يكن يعلم، ظل كثيراً يبحث عن حل لتلك الأزمة حتى جاء يوم لا يمكن أن ينساه الثلاثينى حينما علم بوفاة صديقه «أحمد» بعد تدهور حالته بسبب تلك المادة المجهولة التى كان يحقنها، والتى أثرت على قوته العضلية وأصابته بمرض خطير أزهق روحه: «كان العائل الوحيد لأسرته، من بعده أهله وضعهم صعب، مابقتش أقدر أعدّى من قصاد بيتهم، علشان بحس إنهم بيقولوا بينهم وبين نفسهم، ليه ابننا مات وده لسَّه عايش، رغم إنه هو اللى جرّنى للسكة دى».
يتذكر «عيسى» بأسى تلك المادة المجهولة ويقول إنها تُحقن فى العضلة مباشرة، وهى تشبه الحشو، ولكنها ليست «سيليكون» ولا «فيلر»، وإنها بعدما أدت إلى تضخم العضلة جعلت التدريب صعباً، لأنه أصبح غير قادر على حمل أوزان ثقيلة خوفاً من انفجار العضلة، وهنا اقترح عليه مدرب آخر أن يقوم بحقن مادة «الدينابول» لنفخ
من الستيرويدات وهى من مشتقات التستوستيرون ويستعمل من قبل الأشخاص الراغبين بزيادة كتلة وحجم العضل بشكل سريع.العضلة بعيداً عن التدريب دون النظر إلى الأضرار التى تنتج عن هذا الهرمون: «شايل بنى آدم تانى على قلبى ما بعرفش أتنفس، تعبان ومش لاقى حل وندمان على اللى عملته فى نفسى».
بطريقة ما حصلنا على التحاليل الطبية التى أجراها «عيسى»، وتبين من خلال عرضها على كل من د. محمد سلامة، استشارى أمراض القلب وعضو الجمعية الأوروبية للقلب، ود. محمد حمدى، أخصائى تحاليل طبية، ود. عبده الرحمانى، أخصائى جراحة: «حدوث اعتلال فى وظائف الغدة النخامية مع وجود ورم يستوجب استئصاله، ونقص فى الهرمونات الذكورية وزيادة هرمون «البرولاكتين» المُدر للبن 30 ضعف المعدل الطبيعى، مما قد ينتج عنه تحفيز بعض السرطانات، إن توفر العامل الوراثى».
وكشفت باقى الفحوصات عن «وجود تليفات فى العضلات بسبب حقن تلك المواد المجهولة التى أدت إلى تشوه فى العضلات وتسببت فى رداءة حركتها، وأثرت بشدة على القوى العضلية»، حيث أجمع الأطباء على «وجود خلل فى أداء الغدد داخل جسم المريض، ما نتج عنه زيادة فى بعض الهرمونات ونقص فى أخرى، وهو أمر خطير يعرض حياته للخطر».
هرمونات فراخ وخيول وخنازير
من بين المواد الغريبة التى يتعاطها لاعبو الجيم مادة ad3 التى تُستخدم كمكملات غذائية
مزيج من فيتامين أ وفيتامين د 3 وفيتامين ه للعجول والماشية والماعز والأغنام والخنازير والخيول والقطط والكلاب. فى العلف الحيوانى، ويستخدمها بعض لاعبى كمال الأجسام من أجل تضخيم عضلاتهم، بحسب الشاب محمود عيسى، أحد ضحايا تعاطى هذه المواد الخطيرة، والذى يشير إلى أن سعرها القليل ساهم فى انتشارها لرغبة مدربى الجيم فى الربح السريع: «ال100 سم ب 95 جنيهاً، والمدرب يبيع ال 1 سم منه ب 30 جنيهاً، يعنى مكسب خرافى، ولو فكرت تسأله عن الأضرار يقول لك: هى الفراخ بتموت لما بتتحقن؟!».
كشف «عيسى»، الذى يُمنى النفس بالعلاج، أن البعض يستخدم «الأكواجان» الذى يستخدم فى تسمين الخيول من أجل بناء العضلات بشكل أسرع، على الرغم من أن هذا الأمر يشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان وقد يؤدى إلى الموت: «سعر تركيبة الفايل الحيوانى 800 جنيه لكل 10 سم، وده رخيص بالمقارنة بالحاجات العالية المستوردة، فيه كمان ناس بتخلط الفازلين مع الزيوت ويتم حقنها فى العضلة، ده غير اللى بيضربوا حبوب منع حمل علشان يخزنوا المياه فى العضلة بطريقة معينة».
عمليات النصب والخداع التى يتعرض لها لاعبو كمال الأجسام فى سبيل الوصول إلى حجم عضلى ضخم، كثيرة ومتعددة، بحسب «عيسى»، ومن بينها استخدام «الإيفوماك» الحيوانى الذى يُستخدم للقضاء على الديدان فى الحيوانات، إلى جانب حقن الإنسولين التى تُستخدم للسيطرة على مستويات سكر الدم لدى مرضى السكرى، بالإضافة إلى «الدينابول»، لأنه يسمح ببناء كتلة عضلية بشكل سريع عن طريق زيادة مستوى هرمون التستوستيرون الحر فى الجسم، وقد حظرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية هذا العقار وأدرجته فى قائمة المواد الخاضعة للرقابة بسبب آثاره الجانبية الخطيرة.
«تعاطى الستيرويدات والبامبويز وهرمونات
مادة يتم حقنها فى العضلة المراد تكبيرها فتمكث بين أليافها وتعطى ضخامة وهمية.النمو بجرعات كبيرة يؤدى إلى انكماش الخصيتين إلى جانب زيادة فرص الإصابة بأورام الكبد، أو حدوث تغييرات أخرى فى الكبد» بحسب د. محمد عبدالوهاب، رائد زراعة الكبد، والذى يشير إلى أن الهرمونات التى يتعاطاها الشباب داخل صالات الجيم تؤثر بشكل مباشر على خلية الكبد، وهو ما يؤثر سلباً على وظائف الكبد، الأمر الذى ينتهى بالكبد إلى التليف، وهو ما تكرر حدوثه خلال الآونة الأخيرة، مُضيفاً: «المنشطات تزيد من تخزين الكبد للدهون، ومن هنا تزداد خطورة إصابة الكبد بالتليف»، ويتابع: «الكبد يقوم بمجهود كبير لتنقية الجسم من السموم الناتجة عن تعاطى المنشطات، وهو الأمر الذى قد يصل إلى مرحلة الالتهاب الكبدى».
«الزيوت من بين وسائل التضخيم التى يلجأ إليها لاعبو كمال الأجسام ظناً منهم أنها تمنحهم قدرة عضلية»، بحسب أحمد خيرى، مدرب جيم، والذى يحكى تجربة صديق له مع زيت السمسم، ويقول إنه «ظل لمدة طويلة يحقن ذراعيه حتى أصيب بعدوى شديدة وتورم فى كافة عضلات الجسم، ومع زيادة الألم قرر أن يُتابع مع طبيب، ليصدم بالنتيجة بعدما علم أن هناك 50 كيس زيت عضلى متعفن فى العضلة، وقد تضخمت العضلة سريعاً وزادت عن المعدل الطبيعى، ومع استمراره فى التدريب وصلت إلى مرحلة شديدة من الاحمرار، ليستيقظ يوماً على ألم رهيب لم يقدر على تحمله ليتصل ب«خيرى» يطلب منه الحضور بشكل سريع.
ذهب «خيرى» إلى صديقه، الذى رفض ذكر اسمه حرصاً على عدم إحراجه، ليجد كارثة فى انتظاره، فقد «انفجرت» عضلة التراى سيبس وأخرجت ما بها من مواد زيتية، لتبدأ بعد ذلك مرحلة استئصال جراحى لباقى العضلات التى تم حقنها بتلك المادة الزيتية.
قيمة غذائية «صفر»
من الناحية الغذائية لا تحتوى الهرمونات على أى قيم غذائية، بحسب د. عماد صبحى، استشارى التغذية، والذى يرى أن التغذية الطبيعية تلعب دوراً مهماً فى بناء الكتلة العضلية، مشيراً إلى أن هرمون التستوستيرون مسئول عن زيادة كتلة العضلات فى الجسم وهو الستيرويد الطبيعى الذى يحافظ عليها، وهذا الأمر يعنى أن الجسم يقوم ببناء العضلات دون الحاجة إلى الاستعانة بأية مؤثرات خارجية، وهنا يُخطئ البعض فى الظن بأنه فى حالة منح الجسم منشطات خارجية تزيد الكتلة العضلية لزيادة نسبة التستوستيرون داخل الجسم.
يقول صبحى: «تعاطى الهرمونات يُضر بصحة الجسم لأنه من الصعوبة أن يستقبل الجسم منشطاً خارجياً، وتستمر الغدد فى إنتاج الهرمونات، وهذا يعنى أنه فى حال تعاطى الهرمونات الخارجية تتوقف الخصيتان عن إنتاج هرمون التستوستيرون حتى لا تزيد كميته داخل الجسم عن الوضع الطبيعى، حيث تقول الغدة للخصية قللى إنتاجه، لدرجة أن الغدة يُمكن أن تتوقف تماماً عن إنتاجه، وفى هذه الحالة يحدث إخصاء كيميائى وهذه كارثة لأنها تؤثر بشكل
مصطلح طبى يشير إلى تلاشى الرغبة الجنسية لدى الرجل دون الحاجة إلى إجراء عملية استئصال للأعضاء التناسلية، وهو ما قد ينتج عن تناول «المنشطات». مباشر على الأداء الجنسى». الشحات مبروك، بطل كمال الأجسام العالمى، يقول إن الهرمونات بكافة أنواعها لا بد أن يتم تعاطيها تحت إشراف طبى وعند الحاجة إليها، وبعد فترة من اللعب، أى أنه لا يجوز للاعب أن يتعاطها بمجرد ممارسته للعبة، فهى فقط تُستخدم لتحسين أداء بعض العضلات، مشيراً إلى أنها تختلف بشدة عن «البامبويز والزيوت البترولية والدهنية» التى يتعاطاها الشباب الآن، لكونها تشبه إلى حد كبير الهرمونات التى يفرزها الجسم، وعند تعاطى اللاعب لها، فإن الجسم يقبلها ويتعامل معها عكس ما يحدث عند تعاطى «البامبويز»، الذى يتراكم فى العضلة، ويعطى مظهراً فقط دون قوة تُذكر.
خلال البطولات التى شارك فيها «مبروك»، يؤكد بطل كمال الأجسام العالمى أنه يتم الكشف بشكل دورى على اللاعبين خلال البطولات من قِبل الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات، وفى حال ثبوت تعاطى لاعب منشطات نمو فإنه يتم استبعاده من المنافسات وإيقافه 4 سنوات: «خلال مسيرتى لم أستعملها لأنى عارف أضرارها كويس، وبنصح الشباب اللى عايزين يبنوا جسمهم بشكل سليم بالابتعاد عن السكة الخطيرة دى، والاعتماد على التمرين فقط والتغذية السليمة، والبعد كل البعد عن البامبويز».
تدريب سلبى ينتهى
بعرض لتعاطى ال«بامبويز»
للتعرف على السلوكيات التدريبية الخاطئة داخل صالات الجيم غير المرخصة إلى جانب الممارسات التى تنتهى بحقن الهرمون الموضعى للعضلات، تجول مُعد التحقيق فى عدد من صالات الجيم غير المرخصة فى مناطق شبرا الخيمة، وأم بيومى، والكفر، وعين شمس، والمرج القديمة، وبولاق الدكرور، وإمبابة، وتدرب داخل «جيم» بمنطقة ناهيا بمحافظة الجيزة.
«الجيم» الذى تدرب فيه مُعد التحقيق كانت مساحته لا تزيد على 40 متراً، وهو الأمر الذى لا يتناسب مع الشروط التى حددها قانون المحال العامة رقم 154 لسنة 2019، الخاص بترخيص صالات الجيم، والذى ينص على أنه لا تقل مساحة الموقع المخصص للجيم عن 65 متراً، على أن تكون الأجهزة صالحة للاستخدام ومطابقة للمواصفات ويتوافر بها عوامل الأمن والسلامة، وموزعة بشكل منظم وآمن يسمح بحرية الحركة والاستخدام، وهو الأمر الذى لا يتوفر داخل «جيم ناهيا»، نظراً لضيق المساحة التى لا تسمح بتوزيع الأجهزة بشكل منظم وآمن، وهو ما قد يُعرض اللاعبين للإصابة إذا اصطدموا بأحدها خلال التدريب.
حدد لنا المدرب المزعوم 3 أيام تدريبية فى الأسبوع، خلال اليوم الأول طلب من معد التحقيق أخذ جولة كاملة على أجهزة الجيم المختلفة، مُعللاً ذلك بأن هذا الأمر مفيد للعضلات ولبنائها بشكل سليم، قائلاً: «خد لك لفة على كل الأجهزة»، دون أن يخبره بطرق التمرين الصحيحة أو يطلب منه تحاليل قياس الدهون بالجسم لتحديد نمط التدريب المناسب له وعدد أيامه، كما يفعل إسلام محمد، مدرب جيم معتمد بمحافظة الدقهلية، حاصل على رخصة تدريبية من الاتحاد المصرى لكمال الأجسام، عضو نقابة المهن الرياضية، والذى يؤكد أنه لا بد من إجراء تحاليل للاعبين قبل تحديد أول حصة تدريبية، وتحديد الهدف من التدريب، والحديث مع اللاعب للتعرف على كل شىء يخص حالته الصحية، لأن التدريب قد يؤدى إلى عواقب وإصابات مزمنة فى حالة الجهل بقواعده وأسسه الصحيحة.
الحصة التدريبية الأولى الصحيحة، وفق «إسلام»، تُحدد بناءً على العمر التدريبى للاعب، أى المُدد التى قضاها يتدرب خلال مراحل عمره المختلفة، وكذلك القدرة البدنية له، وبناء على هذا يتم تحديد الجدول التدريبى المناسب، والذى يشمل «الكارديو» لتحسين مستوى الصحة، ورفع معدل الحرق فى الجسم ومعدل اللياقة البدنية، وبعدها تأتى مرحلة تحديد تمارين المقاومة «الحديد» لزيادة الكتلة العضلية والوصول لشكل جسم مثالى على حسب الهدف، وبعد التأكد من تحسن المستوى الصحى للاعب، تأتى مرحلة تحدد نمط التدريب وعدد أيامه، وهو الأمر الذى لم يحدث مطلقاً مع «جيم ناهيا العشوائى»، حيث لم يطلب المدرب أى تحاليل طبية ولم يحدد نمط التدريب وأيامه وترك لنا الأمر مفتوحاً.
من بين الأمور السلبية الأخرى التى رصدناها داخل الجيم غير المرخص، هو استغلاله للأطفال ما دون الثامنة، حيث يتدرب الأطفال داخل الجيم مقابل اشتراك يُدفع بشكل يومى قيمته 5 جنيهات، وهذا ما رأيناه خلال جلستنا التدريبية الثانية عندما دخل طفل صغير وطلب التدرب على أجهزة الجيم المختلفة ليوافق المدرب ويمنح الصغير حرية التحرك دون مراقبة أو حتى تعديل أسلوبه التدريبى، وهو الأمر الذى يشكل خُطورة كبيرة على الطفل الذى ربما يتعرض لإصابة تستمر معه العمر بأكمله.
اتفاق على التعاطى
طلبنا من المدرب «منشطاً لتسريع نمو العضلات»، ليوافق سريعاً ويقول «خير ما عملت، أنا عندى ليك تركيبة حلوة أنا نفسى بستخدمها، هتخليك فى خلال 21 يوم بطل»، وهنا تم الاتفاق على المبدأ، وأخبرنا المدرب أنه سيأتى لنا ب«فايل (عبوة)» به 50 سم من «بامبويز»، وهو الكذبة التى كشفها معد التحقيق بعد ذلك خلال حديثه مع المدرب المزعوم، بعدما سأله عن المواد التى تتكون منها تلك التركيبة، وهنا تردد المدرب كثيراً قبل أن يخبرنا بالحقيقة، ولكنه أجاب فى نهاية الأمر، وقال: «بص يا كابتن ده بامبويز شعبى متصنع هنا فى مصر، الفايل ال 50 سم منه تمنه 700 جنيه، وفيه منه الأصلى لو عايز ال 50 سم عامل 3000 جنيه».
هنا سألناه كيف يمكننا الحصول على كمية كبيرة من تلك المادة «المضروبة» فى حالة الرغبة فى بيعها للشباب داخل صالات الجيم بعيداً عن منطقته التى يتربع على عرشها ويعطى لكل من يتردد على الجيم «فايل مُنشطات»، ليرد علينا بأنه لا بد من تحديد نوع الهرمون المراد شراؤه أولاً، نظراً لأن هناك مستويات «الشعبى والمستورد»، قائلاً: «أنت عايز كام فايل، وعايز شغل شعبى ولا عالى»، أخبرناه بأننا نريد الشعبى، ولكن لا بد أولاً من معرفة مصدره.
هنا أخبرنا المدرب أن هناك «تاجر شنطة» يمكنه مساعدتنا فى هذا الأمر، وأن «الهرمون الشعبى» هذا يتم تعبئته فى شقق سكنية «تحت بير السلم»، ويهتم صاحب التركيبة بالنظافة بشكل كبير، ويدرك جيداً النسب التى يضعها داخل الفايل، وأن هذا «الفايل» عبارة عن
عبوات زجاجية ذات أحجام مختلفة يتم استخدامها فى تعبئة «المنشطات المضروبة» وتوزيعها. مجموعة من الزيوت الدهنية والهرمونات الحيوانية التى تعطى ضخامة مستمرة، لأن الجسم لا يمتصها، وحاول إقناعنا بأن تلك المواد غير ضارة. طلبنا منه طريقة ما للترويج لتلك المنشطات المغشوشة بشكل يلقى استحسان الشباب، وهنا تحدث عن أمر خطير للغاية بعدما أخبرناه أنه سيحصل على جزء من الأرباح إذا تمكنا من بيع 20 عبوة من هذه التركيبة، وبدأ يوضح أن الترويج الجيد لا بد له من «فايل ولوجو» لشركة يعرفها الجميع حتى يقبل الشباب على الشراء دون قلق، وهو الأسلوب الذى يتبعه من سنوات للترويج لتلك التركيبة، مشيراً إلى أن التعبئة تتم بعد الاستعانة بأحد مصانع الزجاج الذى يقوم بتصنيع مجموعة عبوات، كل عبوة سعتها 50 سم، ثم بعد ذلك يلجأون إلى أحد المطابع فى العمرانية، ويتعاقدون على طباعة «لوجو» لتلك العبوات لتصبح وكأنها مستوردة، وهو الأمر الذى يزيد من سعرها ويجعل الشباب يقبلون عليها: «شوف أنت بقى عايز تكتب إيه على الفايل، عايز تكتب عليه سيناثول، مفيش أى مشكلة، نخليه يكتب لك اللى انت عايزه، ولو عايز اسم تانى عادى برضو».

الدكتور محمد سلامة، عضو الجمعية الأوروبية للقلب والأوعية الدموية وطب القلب الوقائى، بدوره يؤكد أن الهيكل العضلى فى جسم الإنسان يتوقف نموه عند سن 25 عاماً، ومن ثم تنعدم فرص زيادة عدد الألياف العضلية ولا يملك بأى طريقة زيادتها، وهنا يلجأ الرياضيون إلى تضخيم العضلات، بدلاً من زيادة عدد الألياف العضلية، من خلال المنشطات، مشيراً إلى أن محاولة البعض جنى الأموال من تجارة الهرمونات والمنشطات غير المصرح بها تجعلهم يلجأون إلى حلول غير فسيولوجية من خلال حقن تلك المواد غير القابلة للاستخدام بشكل موضعى فى العضلات للتضخيم دون النظر إلى ما قد يسببه ذلك من تلف فى الأنسجة.
«تلك القوة العضلية المنعدمة قد تؤدى فى نهاية الأمر إلى غرغرينا»، وبحسب عضو الجمعية الأوروبية للقلب والأوعية الدموية، فإن لبعض المواد الهرمونية قدرة على استفزاز بعض الأورام السرطانية والتى ربما تنتشر فى أماكن غير التى تم حقنها: «المنشط الموضعى يدخل بين الألياف يبعدها عن بعضها البعض، وينتج تضخيم معه ضعف ووهن عضلى وتشوه فى شكل العضلة، ومن هنا قدرة التحكم تقل ويفقد اللاعب القوة العضلية بشكل تام».
جهل مدرب
المدرب الذى يجهل قواعد التدريب وأصوله، يؤكد أن «تلك المواد التى يتم استخدامها فى الحقن غير مضرة، لأنها لا تتحلل داخل الجسم، هى فقط تعطى شكلاً عضلياً تناسقياً دون أن تترك أثراً لها فى الجسم، لكونها تعمل كمادة «السيليكون» التى يتم حقنها للتضخيم»، مشيراً إلى أن هناك لاعبين يتعاطون تلك الهرمونات منذ سنوات بعيدة ولم يتأثر ظاهرياً بها أحد، حسب قوله.
لكن د. محمد سلامة، عضو الجمعية الأوروبية للقلب والأوعية الدموية، يرى أن زيادة تركيز المواد الهرمونية غير المصرح بها فى الجسم يؤدى إلى فشل وظيفى فى عضلة القلب، وهو ما يعنى أن ضربات القلب تجاوزت الحد المسموح به طبيعياً، ما يؤدى إلى تسارع غير منطقى وغير عملى لتقوم العضلة بوظيفتها كمضخة، فتفشل وظيفياً فى تأدية عملها لعدم قدرتها على استقبال وضخ كميات مناسبة من الدم: «بعض المواد المنشطة قابضة للأوعية بشدة مما ينتج عنه جلطات فى القلب». مشكلة الهرمونات، بحسب «سلامة»، لها تأثير مباشر على عضلة القلب، لأنها تزيد من ضغط الدم لزيادة تدفقه، ولأن بعض الناس لديهم مشاكل فى القلب لا تظهر سوى مع المنشطات، من بينها ضيق قناة البطين والذى لا يظهر إلا مع المجهود الشديد: «بعض الناس يولدون ولديهم خلل فى النشاط الكهربائى لخلايا القلب وخلل فى الخواص الكهربائية، وهذا المنشط يؤذيهم جداً» ويتابع: «أغلب الحالات التى رأيناها كانت جلطات حدث لديها انقباض شديد فى كل الأوعية». المنشطات كما يصفها «سلامة» صندوق مغلق من الأذى غير مأمون، ويجب الابتعاد عنه لأن هناك أعراضاً قلبية لا تظهر إلا بعد استخدام الهرمون، ما قد يعرض حياة اللاعبين للخطر: «أجدادنا لم يتعرضوا لمثل هذه السموم وكانوا يملكون عضلات قوية، ونرجو الابتعاد عنها فوراً».
حدد لنا المدرب موعداً لبدء الكورس الهرمونى، بعد الاتفاق على شراء 30 سم منه للتجربة قبل شراء كميات وتوزيعها على الشباب، كما أوهمناه بذلك، وعندما جاء الموعد المُحدد تواصلنا معه مرة أخرى، وهنا أخبرنا أن «الفايل» ارتفع ثمنه ليصبح 2000 جنيه، مُرجعاً ذلك إلى قيام التاجر بإضافة مادة أخرى للتركيبة تحافظ على صحة الأنسجة وتمنع حدوث التجلطات والاحمرار بالذراع.
«الكورس الهرمونى» الذى اتفق عليه المدرب مع مُعد التحقيق يبدأ بحقن العضلة المراد تضخيمها يومياً ب 1 مللى لكل عضلة يراد تضخيمها لمدة 10 أيام بعد ذلك تزيد الجرعة لتصبح 2 مللى لمدة 10 أيام أخرى، و3 مللى لمدة 10 أيام أخرى لتعود إلى 1 مللى واحد فى نهاية الكورس ولمدة 20 يوماً، لتصبح المدة الإجمالية لهذا الكورس الهرمونى 50 يوماً.
وتختلف مدة الكورس الهرمونى من مدرب لآخر، وهناك من يسرعون من تلك العملية من خلال حقن اللاعب بتركيزات عالية، كما حدث مع الشاب محمد أبودراع، والذى بدأت حكايته منذ 10 سنوات عندما قرر أن يدخل عالم الجيم وكمال الأجسام.. كان «أبودراع» يملك بنية قوية منذ صغره، ما جعله يقع فريسة وصيداً سهلاً لأحد المدربين الذى أقنعه بحقن «البامبويز والدينابول» حتى يُحسن من كتلته العضلية، وهو الأمر الذى قبله العشرينى، ولكنه لم يكن يعلم أن النهاية ستكون سيئة.
حقن «البامبويز»، بحسب محمد أبودراع، هى عبارة عن مادة دهنية يتم حقنها فى العضلة بعد شفط جزء من الداخل للتأكد من عدم دخول دم فى الحقنة، حيث إن دخول دم يعنى غرسها داخل وعاء دموى، ومن الآثار الأخرى لتلك الهرمونات بعد حقنها تحدث بعض الإصابات فى أماكن الحقن من بينها تورم النسيج العضلى، وظهور بعض الدمامل.
اتفقنا على كافة الأمور المادية مع المدرب المزعوم، شريطة أن نجلس مع «تاجر الشنطة»، الذى يقوم بتصنيع وتوزيع تلك المواد، معللين ذلك بأننا نريد شراء كمية كبيرة منها، لا يمكن الاتفاق عليها هاتفياً، وبالفعل اتفق مع التاجر ووافق على اللقاء فى أحد مقاهى منطقة فيصل بمحافظة الجيزة، وحينما جاء اليوم المقرر للقاء، جاء هاتف يخبرنا بأن «تاجر الشنطة» يخشى الكشف عن هويته، وأنه فى حالة الرغبة فى الشراء، يمكننا التعامل مع المدرب مباشرة كوسيط، وحاول المتصل أن يقنعنا أن المواد الموجودة فى تلك التركيبة الغريبة آمنة بشكل كبير ومصرح بها، وأن التاجر لا يريد الكشف عن سر التركيبة، لأنه «بياكل عيش من وراها».
«ويعانى العديد من اللاعبين الذين يتعاطون هرمونات النمو من موجات غضب غير مبررة، كما يعانون من مشاكل نفسية متعددة»، بحسب د. جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، والذى يُحذر من تناول الشباب للمنشطات، لكونها تؤثر بشكل مباشر على الأعصاب بالمخ، لأنها تُسبب خللاً فى الأعصاب، مؤكداً أنه شاهد حالات لشباب مصابين بجلطات فى المخ بسبب تناولهم منشطات، حيث «تؤدى هذه المنشطات إلى نوبات صرع وغضب وجلطات بالمخ وهياج غير مبرر»، ويتابع: «التفسير النفسى لنوبات الغضب هو أن من يتعاطون تلك المنشطات يعانون نفسياً من عدم القدرة الجنسية، وهو الأمر الذى يجعلهم فى حالة غضب مستمر».
المنشطات تُسبب خللاً فى النواقل العصبية وهو الأمر الذى يؤثر على الدوبامين وهنا تحدث
مادة كيميائية أو هرمون موجود بشكل طبيعى فى جسم الإنسان يعزز من الشعور بالسعادة.نوبات هياج غير مبررة: «يمكن أن يؤدى تناول الستيرويدات البنائية إلى حدوث الإدمان، فيشعر الشخص باشتهاء الدواء، وطلب المزيد للحصول على التأثير نفسه، وظهور أعراض الانسحاب إذا توقف فجأة عن تناولها».
يلجأ الشباب إلى تناول المنشطات لعدم ثقتهم بتكوينهم الجسدى، وهو الأمر الذى يدفعهم إلى تعاطى المحفزات، فى محاولة لكسب الثقة بالنفس من خلال المظهر العام للعضلات، بحسب التحليل النفسى الذى يقدمه «فرويز» الذى يشير أيضاً إلى أن المنشطات تقترب من خطورة المخدرات لكون الإقلاع عنها يؤثر على شكل العضلات، وهو الأمر الذى لا يقبله الشباب منعدمو الثقة: «الشاب لما بيلاقى عضلته كبرت، بيفرح، ويبدأ ياخد هرمونات تانى علشان تكبر أكتر، وده كده مرض نفسى علاجه بيتم من خلال الجلسات النفسية اللى بنحاول من خلالها تقديم الدعم النفسى له».
الطب البيطرى يحذر
ويؤكد د. أحمد يوسف، طبيب بيطرى، أنه تم حظر استخدام الستيرويدات البنائية «منشطات النمو» فى علائق تسمين الحيوانات، مشيراً إلى أن الدراسات العلمية وجدت أن معظم الهرمونات المستخدمة فى تغذية الماشية يبقى أثرها التراكمى فى أنسجة الحيوانات ولا تتأثر بالمعاملات المختلفة التى تتعرض لها اللحوم أثناء الإعداد والتصنيع، ومن ثم يزيد الخطر على صحة المستهلك، وقد منعت المجموعة الأوروبية تداول وتصدير لحوم الحيوانات المعاملة بمنشطات النمو: «تُسبب العديد من الأورام الخبيثة، فكيف للإنسان أن يتعاطى تلك الهرمونات الحيوانية المحظورة!».
مطلوب تشريع
المنظمة المصرية لمكافحة المنشطات «نادو» فجَّرت مفاجأة، بعدما أكد د. حازم خميس، رئيس المنظمة، فى تصريحات خاصة ل«الوطن»، أن المنظمة ليس لها دور رقابى على صالات الألعاب الرياضية، وإنما لها دور رقابى فقط على كافة الرياضيين المسجلين فى الاتحادات الرياضية التى تندرج تحت اللجنة الأولمبية ويخضعون بالتالى لإجراءات الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات «الوادا»، أما فيما يتعلق بالهواة، فإنه لا يتم
المسئولة عن مكافحة المنشطات فى جميع الأشكال الرياضية، وهدفها تحقيق رياضة خالية من المنشطات على مستوى العالم، وقد تم تأسيسها فى 10 نوفمبر 1999.
تطبيق قوانين تعاطى المنشطات عليهم، لكونهم لا يقعون تحت طائلة القوانين الدولية المكافحة للمنشطات، وهو ما يزيد من فرص انتشار وتفشى تعاطى الهرمونات بين الشباب.
وهنا يرى د. محمود درويش، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لكمال الأجسام ورئيس المكتب التنفيذى للاتحاد، أن لاعب كمال الأجسام يتمتع بقدر كبير من اللياقة البدنية، ولا يحتاج إلى عوامل خارجية لتحفيز النمو العضلى لديه، وهنا ينصح اللاعبين بعدم استعجال نتيجة التمرين، والحرص على الابتعاد عن الهرمونات والمنشطات لأضرارها الخطيرة. ويشير «درويش» إلى أن الاتحاد لا يملك الآن حق الضبطية القضائية التى كان يملكها فى فترة سابقة، وهذا الأمر يعيق مراقبة الأنشطة المخالفة التى تتم داخل صالات الجيم: «تخبط القرارات ساهم فى زيادة عدد صالات الجيم فى مصر، وأصبحنا الآن لا يمكننا مراقبة هذا العدد الهائل من الصالات».
محاولة البحث عن مسار قانونى يمكن من خلاله التعامل مع تلك الظاهرة وتطبيق القوانين على من يتاجر بتلك السموم، وربما من يتعاطاها أيضاً، دفعتنا إلى التواصل مع مصدر قضائى، ومنه عرفنا أن المنشطات لا تندرج تحت بند المخدرات طالما أنها لا تحتوى على مخدر، ولذلك فإنها هنا تعامل معاملة «الجنحة»، مؤكداً أن «تغليظ العقوبة المالية، مع النفاذ» هو السبيل الأمثل لمحاصرة تجار تلك السموم.
ومن ناحيته، يرى د. مصطفى سعداوى، أستاذ القانون الجنائى، أنه «لا بدَّ من تغليظ عقوبة الاتجار فى المواد المنشطة، نظراً لانتشار تلك الظاهرة بين الشباب، لقيام عدد من معدومى الضمير بإعطاء اللاعبين المنشطات غير المصرح بها لتسريع نمو العضلات، وهو الأمر الذى ينتج عنه الكثير من الأضرار، وقد يصل الأمر إلى الوفاة»، مشيراً إلى أنه فى حالة وفاة شخص جراء تعاطى المنشطات، فإن عقوبة التاجر حال ضبطه قد تصل إلى 7 سنوات فقط، وهو الأمر الذى لا بد من إعادة النظر فيه، خاصة أن عدداً كبيراً من الشباب قد تضرر من تلك السموم التى تقترب فى تأثيرها من المواد المخدرة، قائلاً: «نطالب بقانون يُجرم الاتجار بالمنشطات والهرمونات من خلاله يتم توقيع عقوبة السجن المشدد على كل من يقوم بتوزيع تلك المواد، لأن العقوبة البسيطة تسمح بزيادة عدد التجار».
من ناحيته، قال المهندس فرج عامر، رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب سابقاً، إنه كان قد تقدم عام 2018 بمشروع قانون يجرم المنشطات ويهدف إلى محاصرتها والقضاء على تجارها، حينما كان يرأس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، قائلاً إن الهدف من مشروع القانون هذا كان «القضاء على التجار الذين يستغلون رغبة الشباب فى الحصول على نمو عضلى سريع». وبحسب محمود فهمى، المحامى المتابع لهذا الملف، فإن لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب عقدت منذ عام جلستين بشأن قرار رئيس مجلس الوزراء بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017، وتطرق المشروع لتناول قانون الرياضة ما يتعلق بالمنشطات فى مادتيه رقمى (33) محل التعديل و(34)، حيث حظر القانون على الرياضيين تعاطى المواد المنشطة عموماً، كما حظر على المدربين والأطباء المعتمدين وغيرهم من العاملين فى مجال الرياضة إعطاء المواد المنشطة للرياضيين ومطالبتهم وتحريضهم على تعاطيها: «مشروع التعديل تضمن إضافة مادة جديدة هى المادة 91 مكرر 1 والتى تنص على أنه يُعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تزيد على مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اتجر أو تداول أو تعاطى أو حرَّض على تعاطى المنشطات والمكملات الغذائية المدرجة بالجدول المشار إليه فى المادة 33 من هذا القانون».
من يملك حق الضبطية القضائية؟
جهات منح تصاريح صالات الألعاب الرياضية متعددة، ومن بينها نقابة المهن الرياضية، واتحاد كمال الأجسام، ووزارة الشباب والرياضة، وذلك حسبما يؤكد د. عز درويش، أمين عام نقابة المهن الرياضية بأسيوط، وأستاذ الإدارة الرياضية المساعد، والذى يعتبر أن هذا الأمر أدى إلى زيادة عدد صالات الجيم، بالإضافة إلى أن تعدد الجهات المانحة للتراخيص أثَّر سلباً على مراقبة الأنشطة التى تقوم بها تلك الصالات، ويرى أستاذ الإدارة الرياضية المساعد أنه لا بد من أن تقوم وزارة الشباب والرياضة بإصدار قرار وزارى بمنح الضبطية القضائية لبعض مسئولى إدارات الهيئات الرياضية بمديريات الشباب والرياضة بالمحافظات للتفتيش.
الجميع هنا يتحدث عن «الضبطية القضائية» ودورها فى السيطرة على الوضع العشوائى فى صالات الجيم، وهنا كان لا بدَّ من التواصل مع المجلس المركزى لنقابة المهن الرياضية، حيث أكد لنا د. جمال محمد، الأمين العام للنقابة العامة للمهن الرياضية، أن النقابة لا تملك حق الضبطية القضائية، وهو الأمر الذى يُعيق بالضرورة قدرتها على ضبط المخالفين، مشيراً إلى أن النقابة العامة للمهن الرياضية لها حق إعطاء ترخيص لصالات الجيم: «نمنح تراخيص وبشروط قاسية، ولكننا لا نملك الضبطية القضائية ولا يوجد لدينا حصر لما هو غير مرخص».
ذهبنا مباشرة إلى وزارة الشباب والرياضة، فى محاولة لمعرفة حقيقة عدم وجود ضبطية قضائية تُجيز التفتيش على صالات الجيم، وهنا يقول محمد الشاذلى، المتحدث الرسمى باسم وزارة الشباب والرياضة، إن الوزارة تشرف بشكل مباشر على كافة الصالات الرياضية الحاصلة على التراخيص، ولكن فى حالات الصالات غير المرخصة فهنا يتم التعاون مع المحليات لضبط المخالفين وتقديمهم للمحاكمة، مشيراً إلى أن الوزارة بالفعل تملك الضبطية القضائية، ولكن فى الأساس يتم الاعتماد على «المحليات» فى هذا الأمر، لأن لديهم القدرة على دخول أى منشأة والتأكد من مخالفتها للوائح، حسب قوله.
ويؤكد المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة أن نقابة المهن الرياضية ليس لديها ضبطية قضائية، وأن هذا الأمر ممنوح لبعض الفئات الخاصة التى تعمل فى الوزارة: «وزارة العدل هى التى تمنح حق الضبطية القضائية، وبالفعل نملكها سواء فى الشئون القانونية والتفتيش المالى والإدارى».
ويبقى السؤال الأكثر أهمية فى تلك الأزمة: متى يتم فرض رقابة صارمة، وتطبيق الضبطية القضائية بشكل يمنع انتشار صالات الجيم غير المرخصة، وما تلعبه من دور خطير فى تفشى ظاهرة المنشطات المضروبة بأضرارها الصحية التى تصل فى كثير من الأحيان لبتر العضلات، وأحياناً أخرى للوفاة؟ وهل نرى خلال الفترة المقبلة تشريعاً قانونياً يغلظ عقوبات ترويج المنشطات، وينص على عقاب من يصنعها ويروِّج لها، والرقابة على مرتادى صالات الجيم من الهواة غير المسجلين فى الاتحادات الرياضية، لوضع حد لهذه المآسى التى تهدد مستقبل العديد من الشباب؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.