محافظ القليوبية يقود مسيرة نيلية احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر    محافظ الجيزة يوجه بضرورة توعية المواطنين لسرعة تقديم طلبات التصالح    مندوب اليمن بجامعة الدول: هناك دعوة بأهمية تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته بوقف العدوان    «خليك في فرقتك».. أحمد شوبير يرد على هشام نصر بعد تصريحات مباراة السوبر الإفريقي    شوقي غريب يعتذر عن تدريب الإسماعيلي والبديل يقترب    ضبط 5 تشكيلات عصابية و106 قطع أسلحة وتنفيذ 65 ألف حكم خلال يوم    ضبط متهم بحيازة سلاح و25 كيلو حشيش مخدر في الإسكندرية    رئيس الوزراء يشهد مع نظيره البافارى توقيع إعلان نوايا مشترك بقطاع الكهرباء    وزيرة التخطيط: 5.2% تراجعا فى نشاط الصناعات التحويلية خلال 23/2024    نائب وزير الإسكان يتابع موقف خدمات مياه الشرب والصرف بدمياط لتحسين الجودة    تصل ل9 أيام.. مواعيد الإجازات الرسمية في شهر أكتوبر 2024    «القاهرة الإخبارية»: استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل داخل لبنان    صلاح الأسطورة وليلة سوداء على الريال أبرز عناوين الصحف العالمية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل القيادي في حركة حماس روحي مشتهى    بزشكيان خلال لقائه وفد حماس: أي خطأ يرتكبه الكيان الصهيوني سيعقبه رد إيراني أقسى    بريطانيا تستأجر رحلات جوية لدعم إجلاء مواطنيها من لبنان    حزب حماة وطن يهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات حرب أكتوبر    رئيس مجلس الشيوخ يدعو لانتخاب هيئات مكاتب اللجان النوعية    الحلوانى: إمام عاشور يحتاج للتركيز داخل الملعب.. وعطية الله صادفه سوء توفيق مع الأهلى    محامي أحمد فتوح يكشف تفاصيل زيارة اللاعب لأسرة ضحيته لتقديم العزاء    وزير الآثار يلتقي نظيره السعودي لمناقشة آليات الترويج السياحي المشترك    بيع 4 قطع أراضٍ بأنشطة مخابز جديدة بالعاشر من رمضان لزيادة الخدمات    المنيا: ضبط 124 مخالفة تموينية خلال حملة على المخابز والأسواق بملوي    حبس عامل سرق محتويات من محل عمله بالجمالية 4 أيام    ب367 عبوة ل21 صنف.. ضبط أدوية بيطرية منتهية الصلاحية في حملات تفتيشية بالشرقية    التعليم تعلن موعد اختبار الشهر لصفوف النقل.. وعلاقة الحضور والغياب بالدرجات    14محضرا تموينيا بساحل سليم وإزالة تعديات الباعة الجائلين بأبوتيج فى أسيوط    فيلم عنب يحتل المركز الثالث بدور العرض.. حقق 47 ألف جنيه في يوم واحد    توقعات برج القوس اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024: الحصول على هدية من الحبيب    معرض صور فلسطين بالدورة ال 40 لمهرجان الإسكندرية السينمائي    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    الصحة توصى بسرعة الانتهاء من رفع أداء 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    20 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية و6 قتلى بقصف وسط بيروت    مصرع عامل وإصابة 3 أشخاص في حوادث سير بالمنيا    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    التابعي: الزمالك سيهزم بيراميدز.. ومهمة الأهلي صعبة ضد سيراميكا    مفاجآت اللحظات الأخيرة في صفقات الزمالك قبل نهاية الميركاتو الصيفي.. 4 قيادات تحسم ملف التدعيمات    «وسائل إعلام إسرائيلية»: إطلاق 10 صواريخ على الأقل من جنوبي لبنان    بحث سبل التعاون بين وزارتي الصحة والإسكان في المشاريع القومية    كلية العلوم تعقد اليوم التعريفي لبرنامج الوراثة والمناعة التطبيقية    الصحة: تشغيل جراحات القلب في الزقازيق وتفعيل أقسام القسطرة ب3 محافظات    نقيب الأطباء: ملتزمون بتوفير فرص التعليم والتدريب لجميع الأطباء في مصر إلى جانب خلق بيئة عمل مناسبة    ألفاظ خارجة.. أستاذ جامعي يخرج عن النص ويسب طلابه في «حقوق المنوفية» (القصة كاملة - فيديو)    روسيا تعلن اعتقال "عميلين" لأوكرانيا على حدود ليتوانيا    إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مركز شباب برج البرلس في كفر الشيخ    وزير الثقافة يفتتح الدورة 24 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    نجاح عملية استئصال لوزتين لطفلة تعانى من حالة "قلب مفتوح" وضمور بالمخ بسوهاج    ‫ تعرف على جهود معهد وقاية النباتات لحماية المحاصيل الزراعية    «يا ليالي الطرب الجميل هللي علينا».. قناة الحياة تنقل فعاليات مهرجان الموسيقى العربية ال 32 من دار الأوبرا    الفنانة منى جبر تعلن اعتزالها التمثيل نهائياً    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 3 أكتوبر.. «يومًا مليئا بالتغييرات المهمة»    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    وزير الصحة الأسبق: هويتنا تعرضت للعبث.. ونحتاج لحفظ الذاكرة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زعيم حزب النهضة التونسية ل«الوطن»: لا مفر من تبنى مصر نظام حكم مزدوج يوزع الصلاحيات بين الرئيس والحكومة فى الدستور
نشر في الوطن يوم 09 - 11 - 2012

إخواننا فى مصر لديهم من الحكمة ما يوفقهم لحسن السبيل وهم بالفعل مهتدون ويسيرون فى الطريق الصحيح
ذهبت للتحرير لحضور مبايعة الشعب للرئيس مرسى.. ومصر فى مرحلة حرجة ولا ينبغى لحاكم أن ينفرد بالسلطة
خطر الثورة المضادة فى دول الربيع العربى لا يزال قائما.. وأحذر من ردة مثلما حدث فى أول الإسلام
«قائد السبسى» هو «شفيق تونس».. وتجربة الانتخابات المصرية ستتكرر فى مهد ثورات الربيع العربى
من حق إخوان الخليج أن يطمحوا فى الوصول إلى السلطة بالطرق السلمية بعيداً عن الانقلابات السياسية
قمع السلفيين سيساعدهم فى الوصول إلى السلطة فى 10 سنوات مثلما وصلنا إلى الحكم بعد عقود من الاضطهاد
دستور تونس سيخرج للنور بعد 7 أشهر.. والحزب لم يدرس بعد مسألة ترشيحى للرئاسة
التونسيون ينظرون للتجربة المصرية بإعجاب بعد وصول «مرسى» للسلطة
الدساتير لا ترضى الجميع وغالبية المجلس التأسيسى متوافق على مسودة الدستور
حوار: رغدة رأفت
حياته فى المنفى لأكثر من 21 عاماً لا تزال تضفى على الحوار معه نكهة مختلفة رغم استقراره فى تونس بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن على لما يقارب عامين.. لم يكن الوصول إلى الشيخ راشد الغنوشى زعيم حزب النهضة -الذراع السياسية للإخوان المسلمين فى تونس- سهلا، نظرا لأنه صاحب جدول أعمال مزدحم، إلا أنه كان حريصا على إجراء الحوار عبر الهاتف لإبداء رأيه والرد على أسئلة «الوطن» التى لا يوجد لها إجابات إلا فى جعبته.
كان الحوار فى الساعة الرابعة بتوقيت تونس وكان أذان المغرب يتصاعد من مساجد القاهرة، لأن الفارق بين البلدين نحو الساعة.. مصر تسبق تونس فى الزمن، إلا أن التونسيين سبقونا فى الثورة على الديكتاتورية.. الثورة التونسية التى تكمل عامها الثانى فى 17 الشهر المقبل.
تحدث الشيخ راشد الغنوشى عن سر التشابه بين الثورة المصرية والتونسية وصعود الإخوان المسلمين فى البلدين، وضرورة تبنى مصر لنظام حكم مزدوج يوزع السلطات بين الرئيس ورئيس الحكومة حتى تتحمل جميع الأطراف السياسية مسئولية الحكم فى هذه المرحلة الحرجة، وأشار إلى أن صديقه حمدين صباحى كان سيسير فى نفس طريق الرئيس محمد مرسى لو كان وصل إلى السلطة، وصرح لنا بأن دستور تونس سيرى النور بعد 7 أشهر، وحذر من خطر الثورة المضادة حتى بعد مرور ما يقرب من عامين على ثورات الربيع العربى، وتطرق إلى تجربة الانتخابات المصرية والقلق التونسى من أن ينجح رئيس حركة «نداء تونس» «الباجى قائد السبسى»، المحسوب على نظام بن على، فى تحقيق ما أخفق فيه الفريق أحمد شفيق فى مصر، وتحدث عن ضرورة احتواء السلفيين لأن قمعهم سيدفعهم إلى السلطة فى غضون 10 سنوات، وأكد إيمانه بأن الشعوب العربية ستحرر القدس وفلسطين. وإليكم نص الحوار:
* عندما نتتبع مسار الثورتين المصرية والتونسية نجدهما متشابهتين إلى حد كبير فى كل شىء، ما تفسيرك لهذا التشابه؟
- بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.. أحييكى وأحيى جريدة «الوطن» ومصر الحبيبة حرسها الله بعينه التى لا تنام، التشابه بين الثورتين طبيعى ومنطقى جدا بسبب التشابه فى البنية الاجتماعية والتركيبة الجغرافية فى البلدين، فالبنية فى البلدين «مدنية».. المجتمع يتكون من مدن ليس من صحارى ولا جبال ولا قبائل، وتاريخ هذا النوع من التركيبة الاجتماعية يفرز معارضات مدنية وليست عسكرية، لذا نجد المعارضة العسكرية فى البلدين نادرة، حتى المعارضة المدنية أقصاها مظاهرات عارمة تخرج عبر المجتمع المدنى حينما تكون غير راضية عن نظام الحكم، بعد أن يعم الظلم، فالمجتمع لا يعبر عن رفضه بالخروج للجبال وتنفيذ أعمال إرهابية عنيفة مثلما حدث فى التسعينات فى الجزائر، بل يخرج المجتمع إلى الشارع يصنع جبالا فى مواجهة السلطة.. إما تتراجع هذه الجبال وإما تنجح فى إسقاط السلطة.
* أليس سر التشابه بين الثورتين هو صعود الإخوان؟
- وجود حركتين سياسيتين معتدلتين فى كلا البلدين هو ثمرة للتركيبة المجتمعية وليس العكس، التشابه فى المجتمع أنتج حركتين متشابهتين.
* استخدمت مصطلح «حركتين سياسيتين معتدلتين»، هل تعمدت ألا تقول «إسلاميتين»؟
- أفضل أن أقول حركة سياسية معتدلة ذات مرجعية إسلامية، وأشدد على معتدلة.. ولكن أريد أن أعود إلى التشابه بين الثورتين، المجتمع أفرز تيارات وحركات وأحزاب سياسية عديدة بعد الثورتين، فالتشابه يكمن فى حدوث حراك سياسى كبير، النهضة ليست الحزب الوحيد فى تونس وليس فى مصر «الإخوان» وحسب، هناك مكونات سياسية عديدة.. حتى لو ظهر النهضة باعتباره الحزب الأكبر، وحتى لو ظهر الحرية والعدالة باعتباره الحزب الأكبر.
* تبنيتم فى مشروع الدستور التونسى نظام حكم مزدوج يوزع السلطة بين الرئيس ورئيس الحكومة، هل ترى أن هذا النظام يناسب مصر؟
- لا مناص من ذلك لتحقيق التوازن والتوافق السياسى، نحن نمر بمرحلة حرجة لا تسمح لطرف واحد بأن يقود منفردا البلاد لأن ديمقراطيتنا ناشئة، نحن فى مرحلة انتقالية.. نمضى للديمقراطية، الوضع العادى فى أى بلد هو أن يكون هناك حزب حاكم وحزب معارض ويحدث تداول السلطة، لكن المرحلة الانتقالية لا يكفى فيها حكم الأغلبية لمنال التحول الديمقراطى.. نحتاج شرعية التوافق بين الأطراف السياسية حتى لا تتردى العملية الديمقراطية، ورغم صعوبة إدارة الحكم المزدوج، لأن السلطة التنفيذية من الصعب تقسيمها، على عكس الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ففى النظام الرئاسى السلطة فى يد الرئيس وفى النظام البرلمانى السلطة التنفيذية كلها فى يد رئيس الوزراء.. هذا هو الوضع الطبيعى، لكن فى المرحلة الانتقالية لا مفر من تقسيم السلطة بين الرئيس والحكومة حتى تتحمل جميع الأطراف المسئولية ولا يتحمل حزب واحد مسئولية أى فشل يمكن أن يحدث، لأن تحمل حزب واحد مسئولية البلاد يولد خطر أن يتجمع كل المعارضين ضد الحكومة، وتصبح المعارضة همها إثبات فشل الحكومة وإسقاطها.
* ما تقييمك لأداء الرئيس مرسى منذ توليه السلطة؟
- التقييم العام سابق لأوانه، أداء مقبول وأداء ينظر إليه بإعجاب، عندما التقيت «مرسى» على هامش مؤتمر حزب العدالة والتنمية فى أنقرة منذ شهر، وهو صديق قديم، قلت له مازحا: قبل أن تأتى إلى السلطة كان المصريون ينظرون بإعجاب للتجربة التونسية، وبعدما أتيت أصبح التونسيون ينظرون للتجربة المصرية بإعجاب، فأجاب ضاحكا: هذا هو الوضع الطبيعى، فقلت إن مصر أم الدنيا.
* ولماذا ينظر التونسيون الآن لثورتنا بإعجاب؟
- لأن الدكتور مرسى اتخذ قرارات جريئة مثل عزل وزير الدفاع.. قراراته ضد المؤسسة العسكرية وإقالة قائدها وعزل عشرات اللواءات تدل على أنه حاكم جرىء استطاع أن يخلص البلاد من حكم العسكر الذين سيطروا على مصر لعقود طويلة.
* ما نصائحك له، خاصة أننا فى مرحلة حرجة.. نضع دستور البلاد وأنتم سبقتمونا فى تونس؟
- إخواننا فى مصر لديهم من الحكمة ما يوفقهم لحسن السبيل، وهم بالفعل مهتدون ويسيرون فى الطريق الصحيح.
* قلت فى يوليو الماضى إن الثورات العربية ستغير الخريطة العربية والإسلامية من جديد، وإن هذه الثورات خطوة نحو تحرير القدس وفلسطين، هل ما زلت عند رأيك؟
- أملى فى الله وأملى فى أمتنا التى دخلت مجددا التاريخ بعد أن ظلت أكثر من قرن على هامشه، ولدىّ يقين أن أمتنا ستحرر القدس وفلسطين.
* هل ستزور مصر لحضور منتدى الوسطية العالمية لإلقاء محاضرة بعنوان «الإسلاميون وتحدى السلطة»؟
- جدول الزيارة غير مؤكد حتى الآن.
* ما كواليس زيارتيك الأولى والثانية للقاهرة؟
- الزيارة الأولى فى يونيو كانت زيارة مباركة للشعب المصرى، وتواصلت مع عدد من مرشحى الرئاسة المصرية، اجتمعت بممثلى حزب الحرية والعدالة، على رأسهم الدكتور عصام العريان، والتقيت الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور سليم العوا وحمدين صباحى وهو صديق قديم، كنت أنصحهم بالتوافق والبحث عن حكم ائتلافى يناسب المرحلة الانتقالية، وكان لى شرف حضور اجتماع مكتب الإرشاد تضمن عقد جلسة لتحية تونس والحديث عن التجربة التونسية. والزيارة الثانية فى يوليو كانت بهدف حضور مبايعة الشعب للرئيس مرسى فى ميدان التحرير، اللحظة التاريخية التى شعرت فيها بمنتهى السعادة، مشهد عظيم أن يأخذ رئيس مصر البيعة من الشعب مباشرة.
* هل كان هناك تجاوب لدعوتك للتوافق؟
- المبدأ كان متفقا عليه، لكن البعض كان أكثر حماسا من البعض الآخر، وحمدين صباحى كان متحمسا لتوحيد الصفوف خلف مرشح رئاسى واحد.
* هل كان حال مصر سيكون مختلفا لو وصل «صباحى» للرئاسة؟
- لا تختلف مرحلة ما بعد الثورة باختلاف المرشح، أى رئيس يحكم بلدا بعد ثورة مرشح لمواجهة الثورة المضادة. ونفس الطريق كان ينتظر كل المرشحين.
* قلت إن تراجع الثورة المصرية سيصيب العرب بالإحباط.. لماذا؟
- رغم أن شرارة ثورات الربيع العربى انطلقت من تونس فإنها حينما انتقلت إلى مصر تحولت إلى حريق ضد الديكتاتورية، وما كان للشرارة أن تصمد فى تونس لولا استقبال مصر لها والانطلاق بالربيع العربى للمنطقة كلها.
* اسمح لى أن أنتقل بالأسئلة لتونس، وأبدأ بالوضع الاقتصادى، هناك تحذيرات من أن الوضع فى تونس فى أسوأ حالاته بعد الثورة، ماذا قدم «النهضة» لإنقاذ الاقتصاد؟
- المشهد الاقتصادى مركب جدا ومعقد جدا، الحكومة مرت عليها 10 أشهر فقط من 27 ديسمبر العام الماضى، فالمراحل التى تتلو الثورات هى مراحل مضطربة وتتدهور فيها الأحوال الاقتصادية، وما يحدث فى تونس ومصر من تدهور اقتصادى حدث فى ثورات أخرى.. ففرنسا بعد الثورة لم تستقر إلا بعد مائة عام. ورغم ذلك الخط البيانى للاقتصاد التونسى يتجه نحو النمو وليس التدهور، تسلمت حكومة النهضة البلاد ومؤشر النمو 1.8 تحت الصفر، وفى المقابل كان المؤشر قبل الثورة 4 فوق الصفر، ولكن خلال السنة الأولى للثورة أصبح 2 تحت الصفر، فى السنة الثانية الآن 2.5 فوق الصفر. وترجم النمو عمليا بتوفير 100 ألف فرصة عمل فى السنة الأولى للثورة، ونسبة البطالة كانت 18% فى السنة الأولى بعد الثورة وصلت إلى 17% فى السنة الثانية.
* لكن يوجد فى تونس 700 ألف عاطل عن العمل، منهم 170 ألفا من حاملى الشهادات العليا؟
- صحيح البلاد تشكو من حجم البطالة، لكن هناك نقص فى اليد العاملة الحرفية، وهناك استقدام لليد العاملة من الخارج من أفريقيا ومن المغرب، هناك مئات الآلاف من فرص العمل تبحث عن أيدٍ عاملة، مثلا نحن فى موسم زيتون ولا يوجد أيدٍ عاملة، ومقاولات البناء تبحث عن عمال.. وخريجو الجامعات عاطلون عن العمل بسبب عدم التأهيل المهنى.. فرق شاسع بين نظام التعليم وحاجات السوق، نحن نحتاج إلى إصلاح تعليمى.. إنها مشكلة معقدة. وينبغى مصارحة الشعوب بحقيقة الأوضاع، فلا توجد خطة سحرية للقضاء على البطالة فى سنة أو سنتين، مشكلة البطالة فى تونس تحتاج على الأقل 5 سنوات حتى 2017.
* هل هذا يعنى أننا يجب أن ننتظر 100 عام مثل فرنسا ليحدث استقرار اقتصادى؟
- أنا أضرب لك مثالا فقط بفرنسا، والتسارع التاريخى يختلف من تجربة لأخرى، والمشاكل الاقتصادية مؤكد ستحل خطوة خطوة، ولكن الأخطر من مشاكل الاقتصاد هو خطر الثورة المضادة، ففى أوروبا الشرقية بعد أن قامت الثورة عادت الأنظمة الديكتاتورية للحكم، يجب أن نتيقظ لاحتمالات الردة، كما حدثت ردة فى أول الإسلام يمكن أن تحدث ردة مرة أخرى بعد ثورات الربيع العربى، يجب ألا نستكين لوهم أننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة، فأنا أحذر من الردة.. بنسبة 40% توجد احتمالات ردة للنظام القديم. مرحلة اضطراب هى مثل مرحلة تتلو الزلزال.. الزلزال يطيح بالتضاريس والتضاريس الجديدة تبحث عن مستقر لها، ولذلك فى المجلس التأسيسى التونسى هناك حركية كبيرة، أحزاب تتحالف وأحزاب تتفكك وأحزاب تتكون.. هناك فيلسوف إيطالى يقول: «الماضى لم يمت بالكامل، والمستقبل لم يولد بالكامل»، وأحذر مجددا الثورة المضادة ما زالت قائمة، رغم مرور ما يقرب من عامين على الثورة، فى مفاصل الدولة الأساسية.. المال والإدارة والإعلام، وما لم ننجح فى مواجهتها ستزداد احتمالات الردة. يجب أن تكون الأطراف السياسية متوافقة موحدة فى مواجهة الثورة المضادة.
* وما تفسيرك لاستمرار الاحتجاجات والإضرابات فى تونس رغم مرور عامين على الثورة؟
- أسباب اجتماعية.. المناطق التى كانت تعانى التهميش فى عهد بن على، وهى المناطق الداخلية، تندلع فيها الاحتجاجات، مناطق تعانى الفقر والبطالة وتردى البنية التحتية، على عكس المناطق الساحلية، فيها سياحة ومصانع، ويستغل معارضون سياسيون للنهضة هذه المناطق الداخلية بتشجيع أهلها على قطع الطرق والإضرابات العشوائية للأسف، لإرباك عمل الحكومة لمنعها من الإنجاز، حتى إذا جاءت الانتخابات لا تجد الحكومة ما تدلى به من إنجازات. ونحن نتفاوض مع النقابات وهناك زيادة للأجور ضخمة بطريقة غير مسبوقة لمواجهة هذا الأمر، ولكن ذلك يزيد من الأزمة الاقتصادية.
* نشر مؤخرا تقرير عن 2600 رجل أعمال من تونس توجهوا للاستثمار فى المغرب خوفا من عدم الاستقرار، هل هذه ظاهرة؟
- عدد من رجال الأعمال حولوا أموالهم بسبب اتهامهم أن ثرواتهم جمعوها من وراء التواصل مع نظام زين العابدين بن على، والبعض منهم هاجر للمغرب للاستثمار، ونحن نحاول عقد مصالحة معهم قريبا، ونعتبر أن غالبيتهم بيئة وطنية شريفة لها دور كبير فى تنمية البلد، وهم رجال وطنيون وليسوا مفسدين. وهذا لا يسر رجال الأعمال.
* رغم مرور ما يقرب من عامين على الثورة التونسية، ما زالت هناك أزمة ثقة فى الشرطى فى تونس، فهو لم يستعد هيبته، لدرجة أن رجال الشرطة خرجوا فى مظاهرات للمطالبة بحمايتهم من السلفيين.. برأيك لماذا يحدث ذلك؟
- المشكلة أن بن على كان يستخدم الشرطة كأداة لقمع الشعب التونسى، فساءت صورة الشرطى فى عهد بن على، لكن رجال الشرطة حسموا الأمر 14 يناير 2011، حين امتنعوا عن إطلاق الرصاص على المتظاهرين، واعتقلوا جزءا كبيرا من عائلة ورجال بن على حينما كانوا فى طريقهم للمطار للهرب، ولن نحمل هذه المؤسسة أخطاء الماضى، هى مؤسسة وطنية تتطهر تدريجيا من الفاسدين ويعاد بناؤها على أساس فلسفة أنها شرطة وطنية تعمل فى خدمة القانون وليس لخدمة نظام معين.
* ألا ترى أن هناك حالة عداء بين السلفيين ورجال الشرطة؟
- إن الفئة الأكثر تطرفاً تكفر المجتمع والشرطة وتستحل دماء المخالفين، وتجد الشرطة نفسها فى مواجهتها، ولا مناص للشرطة من مواجهتها، لكن الأمر لا يوكل كله الشرطة فهى تقوم بواجبها فى منع تجاوز القانون.. المؤسسات الدينية والإعلامية والتنموية لها دور كبير لوقف جنوح هذه الفئات التى تنتشر فى المناطق الأكثر فقرا، فهى ثمرة اختلال تنموى موروث عن العهد البائد، وينبغى أن يعالج معالجات مختلفة فكرية ثقافية تنموية اقتصادية.
* البعض يرى أن إخوان تونس يستخدمون السلفيين كفزاعة لتبرير الاستحواذ على السلطة بشكل يمثل ابتزازا للمجتمع، فما رأيك؟
- هذه تفسيرات تآمرية، لأن أكثر المتضررين من التيار السلفى المتشدد العنيف هم النهضويون، لأنهم ينتمون إلى معسكرنا والخلط بيننا وبينهم وارد، والخصوم يتعمدون وضعنا معهم فى كيس واحد، ليتهموا كل المنتج الإسلامى السياسى بالتطرف، ويفسرون تفسيرا تآمريا أن النهضة توزع الأدوار وأن السلفيين رصيد انتخابى للنهضة. والدليل على صحة كلامى أن متشددا سلفيا أول الشهر الحالى حرض على مهاجمة الشرطة والنهضة والجيش، فلا يمكن القول إننا نستخدمهم.
* وزير الدفاع التونسى قال إن الحركات الإسلامية المتطرفة تهدد أمن تونس، ما تعليقك؟
- لم نصل إلى هذه الدرجة، السلفية أقلية لكن صوتها عالٍ والإعلام يضخمها. السلفيون أبناؤنا لم تتوفر لهم الظروف المناسبة للتفقه فى الدين الصحيح بسبب حركة التحديث الهوجاء فى عهد بن على، الذى قضى على جامع الزيتونة الذى يشبه الأزهر، وتركت البلاد فى فراغ دينى، فجاءت الفضائيات الدينية بطبائع غريبة عن تاريخ تونس، ولكن هذه الظواهر لن يكون لها مستقبل لأنها تختلف عن المزاج التونسى المعتدل، فهى ظواهر استثنائية ظهرت فى ظروف استثنائية، وستختفى بالحوار وتوفير التنمية.
* لماذا قلت إن «شيطنة السلفيين» ستؤدى لوصولهم إلى الحكم فى غضون 10 إلى 15 سنة؟
- قطعا الاضطهاد الأعمى يوجد لأى حركة ضحايا وتاريخ من الشهداء ويجهزها للمستقبل، فالسر وراء وصول الإخوان إلى الحكم هو أنهم تعرضوا للاضطهاد عقودا طويلة؛ خمسون سنة اضطهاد يحكمون اليوم.
* من بين القضايا الخلافية فى دستور تونس مسألة النص على منع التطبيع فى الدستور.. هل أنت مع النص عليها أو لا؟
- الخلاف شكلى وليس جوهريا بين الأطراف السياسية، فنحن متفقون على تجريم التطبيع على عكس النظام السابق الذى كان مطبعا، هتافات الثورة الأساسية كان بينها «الشعب يريد تحرير فلسطين»، ولكن الدساتير تضع المبادئ العامة فقط، لا يمكن أن تتضمن تفاصيل، سنصدر قانونا ينص على منع التطبيع، ولكن المطالبة بالنص على منع التطبيع فى الدستور هى مزايدات، مثلا عندما ستتحرر فلسطين سنغير الدستور.
* هل ترى أن النهضة استطاعت أن تحقق التوازن بين السلفيين والعلمانيين للخروج بدستور يرضى الجميع؟
- الدساتير لا ترضى الجميع بمعنى الإجماع المطلق الكامل، الدساتير تتأسس على الإجماع؛ الثلثين، وهذا هو ما نريده.. وغالبية المجلس التأسيسى متوافق على مسودة الدستور التى انتهى إليها المشرعون التونسيون، وعقلية التوافق اعتمدت على أمر واحد هو ترسيخ التوافق بين الإسلام والحداثة والديمقراطية.
* متى يخرج الدستور النهائى؟
- بعد 7 أشهر سيكون هناك دستور نهائى لتونس، وستجرى انتخابات تشريعية ورئاسية لتونس.
* هل المرأة التونسية راضية عن وضعها فى الدستور؟
- المرأة مشاركة فى وضع الدستور، ولا يوجد نص غير راضية عنه المرأة، وفى أكثر من موضع تم النص على المساواة بين الرجل والمرأة.
* هل سترشح نفسك للرئاسة بعد أن قررت الترويكا الحاكمة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فى يوليو 2013؟
- ليس عندى إجابة.
* هل سيرشح حزب النهضة رئيسا لتونس؟ وهل من مصلحة تونس أن يتولى الحكم رئيس إخوانى؟
- حتى الآن لم يتناول الحزب هذا الموضوع، وسيتناوله قريبا.
* هل ستوافق لو تم ترشيحك؟
- لا أتعامل مع الافتراضات.
* هل ترفض الإجابة عن السؤال؟
- أجبتك.
* لو أصر حزب النهضة على ترشيحك سترفض؟
... انقطع الاتصال. ظننت أن الشيخ غضب من إصرارى على انتزاع إجابة منه، فعاودت الاتصال به لأن أسئلتى لم تنته، فردت علىّ سكرتارية مكتبه قائلة إنه يصلى المغرب، وطلبت منى معاودة الاتصال بعد 15 دقيقة، ومرت الدقائق وعاودت الاتصال فاكتشفت أن ما تبقى من الوقت المحدد للحوار 5 دقائق فقط. بعد أن حولتنى السكرتارية إلى الشيخ راشد رد باقتضاب: أمامك 5 دقائق فقط، فتعمدت تغيير الحديث وسألته عن حركة «نداء تونس».
* هل رئيس حركة «نداء تونس» «الباجى قائد السبسى» يمكن أن يعيد تجربة الفريق أحمد شفيق فى تونس، خاصة أن نوايا التصويت 31% للنهضة و28% لنداء تونس فى آخر استطلاعات الرأى؟
- هو من فلول بن على، هو «شفيق تونس»، هناك تشابه فى الخلفية السياسية، لكن هناك اختلاف؛ أنه من النظام البورقيبى، ينتمى للنظام القديم، من الجهات المرشحة للالتفاف على الثورة، حزب ليس له برنامج إلا معاداة النهضة، عنوان الثورة المضادة.
* بالتأكيد تتابع ما يحدث من حراك سياسى فى بعض الدول الخليجية.. وفى الإمارات والكويت تشير السلطات بأصابع الاتهام إى الإخوان باعتبارهم سبب زعزعة الاستقرار لأنهم يحلمون بخلافة إسلامية.. فما رأيك؟
- حيث توجد الديمقراطية يصبح الحديث عن الانقلاب لا معنى له، والنضال من أجل الديمقراطية لا يكون من خلال انقلابات لأن الانقلاب يجر انقلابا، فالإخوان حركة سلمية تتوسل لإحداث أهدافها بالطرق السلمية.
* هل تقصد أن الشعب لو تضامن مع الإخوان فى الخليج لتغيير الحكم أن هذه هى الديمقراطية؟
- ولكن لا ينبغى اللجوء إلى العنف ولا الانقلاب.
* هل التنظيم العالمى للإخوان المسلمين يطمح فى الوصول إلى الحكم؟
- الوصول إلى السلطة عبر الوسائل السلمية ليس جريمة، قد يكون واجبا وطنيا.
* هل تتواصل مع إخوان الخليج؟
- هو تيار فكرى يتشكل فى كل بلد حسب ظروفه، وتصور وجود دولة خلافة إخوانية ستقود العالم هو وهم، أمر ليس واقعياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.