يلعب الممثل الأمريكى الشهير نيكولاس كيدج فى فيلم «رجل العائلة family man» (2000) دور الرجل الرافض لفكرة الزواج، ثم يفاجأ بأن لديه زوجة وأطفالاً ويترتب على ذلك كثير من المفارقات الكوميدية، وهى الفكرة التى سطا عليها صناع فيلم ياسمين عبدالعزيز «الآنسة مامى» بعد مسخها وتحويل الرجل إلى الفتاة نانى الحلوانى ليناسب قدرات وأسلوب أداء ياسمين فهى، مثل كيدج، متفوقة فى عملها بإحدى الشركات الكبرى ورافضة إلى حد الهوس لمؤسسة الزواج، باعتبارها مؤسسة فاشلة تدفع فيها الزوجة كل حياتها بينما يسهم الزوج بجزء ضئيل وينعم بحياته على حساب وقت وجهد وطموح الزوجة.. لكن رفض نانى، فيما يبدو، كان قشرة خارجية تتنازعها رغبة داخلية فى الزواج، مما جعلها «تحلم» بأنها أصبحت زوجة لصديقها خالد «حسن الرداد» الذى تربطها به علاقة ممتدة لعشر سنوات كما أنها أم لثلاثة أطفال والرابع فى الطريق. يظل عقل نانى الباطن -فى الحلم- رافضاً لمسئولية الزواج والأطفال وعبر بعض المواقف -داخل الحلم- تبدأ فى الاقتناع بخطأ فكرتها عن الزواج. يحتشد الفيلم بالعديد من المفارقات الكوميدية التى تنجم عن التناقض بين الواقع داخل/خارج الحلم، وبين الواقع الذى أصبح حلماً أو العكس، مما يربك المشاهد، طوال فترة العرض، عما هو بإزائه: حلم أم علم؟! إلى أن تحل الفزورة بأن نانى ما زالت آنسة وأن ذلك أضغاث أحلام، وإن استدعت فيها أشخاصاً مروا بحياتها وآخرين نكتشف أنها لا تعرفهم أصلاً فى حياتها خارج الحلم مثل والد ووالدة خالد، وكذا أطفال الحلم الذين هم فى الواقع أبناء أخت خالد التى لا تعرفها نانى وتفاجأ بوجودها! بالطبع تحتمل الكوميديا كثيراً من المبالغات فى السلوك والطبائع بغرض الإضحاك، على أن يتم ذلك فى إطار منطقى داخل العمل نفسه، لكن صناع الفيلم، المسرحى المتميز خالد جلال ووائل إحسان مخرج الإيرادات وتميمة شباك التذاكر، بالغوا كثيراً مما حول الفيلم إلى كوميديا هزلية (فارس) واستسلموا لمنطق التناقض بين الوعى واللاوعى.. بين الواقع والحلم، فبات العمل مجموعة من الإسكتشات المتتالية تستعرض فيها النجمة المجتهدة ذات الحضور القوى قدراتها الحركية ولياقتها البدنية.. بينما خفت حضور باقى الممثلين -الكبار- بسبب هامشية أدوارهم. «الآنسة مامى» كوميديا عائلية خفيفة، تنتصر لمؤسسة الزواج باعتبارها ضرورة اجتماعية، وتلفت الانتباه إلى معاناة الزوجات فى هذه الصفقة الاجتماعية الخاسرة بالنسبة لهن، ما لم يتم التعاون بين أطرافها.. وهى رسالة أخلاقية تسترضى مجتمعاً يقدس الزواج ويعلى من فكرة العائلة! دقائق طويلة، وضحكات قليلة.. ومتفرج حائر بين كون ما يراه.. «حلم.. ولاّ فيلم؟!!».