غدًا.. انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس| حضور الطلاب تباعا لعدم التكدس.. و25 مليون طالب ينتظمون الأسبوعين المقبلين.. وزير التعليم يستعد لجولات ميدانية تبدأ من سوهاج وقنا    الذهب عند أعلى مستوياته بفعل تزايد الرهانات على مزيد من خفض أسعار الفائدة في 2024    يستهدف إبراهيم عقيل.. تفاصيل الهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية ل بيروت    تشييع جثامين ثلاثة شهداء فلسطينيين ارتقوا خلال عدوان الاحتلال على قباطية بالضفة الغربية    إصابة شخصين في حادث تصادم بالفيوم    واقف قلقان.. نجل الشيخ التيجاني يساند والده أمام النيابة خلال التحقيق معه (صور)    صدور العدد الجديد من جريدة مسرحنا الإلكترونية وملف خاص عن الفنانة عايدة علام    عمرو الفقي ل«أحمد عزمي» بعد تعاقده على عمل درامي بموسم رمضان: نورت المتحدة وربنا يوفقك    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة وسكرتير عام محافظة البحيرة يشهدان احتفال المحافظة بالعيد القومي    مصدر لبناني: البطاريات التي يستخدمها حزب الله مزجت بمادة شديدة الانفجار    أجندة ساخنة ل«بلينكن» في الأمم المتحدة.. حرب غزة ليست على جدول أعماله    أنشيلوتي: التمريرات الطويلة حل مشكلة برشلونة.. وموعد عودة كامافينجا    خبر في الجول - الإسماعيلي يفاضل بين تامر مصطفى ومؤمن سليمان لتولي تدريبه    نجم ليفربول يرغب في شراء نادي نانت الفرنسي    أرني سلوت يصدم نجم ليفربول    القومي للمرأة بدمياط ينفذ دورات تدريبية للسيدات بمجالات ريادة الأعمال    كوجك: حققنا 6.1% فائضا أوليا متضمنًا عوائد "رأس الحكمة"    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة غدا السبت 21 - 9 - 2024    ضوابط شطب المقاول ومهندس التصميم بسبب البناء المخالف    جمعية الخبراء: نؤيد وزير الاستثمار في إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة    خلال ساعات.. قطع المياه عن مناطق بالجيزة    «المتحدة» تستجيب للفنان أحمد عزمي وتتعاقد معه على مسلسل في رمضان 2025    وزير العمل: حريصون على سرعة إصدار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    وزير الأوقاف يشهد احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي.. والشريف يهديه درع النقابة    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    جامعة عين شمس تعلن إنشاء وحدة لحقوق الإنسان لتحقيق التنمية المستدامة    طريقة عمل بيتزا صحية بمكونات بسيطة واقتصادية    هذا ما يحدث للسكري والقلب والدماغ عند تناول القهوة    الصحة تطلق النسخة الأولى من التطبيق الإلكتروني لمبادرات "100 مليون صحة"    بتكلفة 7.5 مليون جنيه: افتتاح 3 مساجد بناصر وسمسطا وبني سويف بعد إحلالها وتجديدها    إعلام إسرائيلي: تضرر 50 منزلا فى مستوطنة المطلة إثر قصف صاروخي من لبنان    الأزهر للفتوى الإلكترونية: القدوة أهم شيء لغرس الأخلاق والتربية الصالحة بالأولاد    معرض «الناس ومكتبة الإسكندرية».. احتفاء بالتأثير الثقافي والاجتماعي لمكتبة الإسكندرية في أوسلو عاصمة النرويج    مفتي الجمهورية يشارك في أعمال المنتدى الإسلامي العالمي بموسكو    سهر الصايغ تشارك في مهرجان الإسكندرية بدورته ال 40 بفيلم "لعل الله يراني"    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد سير أعمال تعديل الحركة المرورية بميدان الزراعيين    الزراعة: جمع وتدوير مليون طن قش أرز بالدقهلية    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    رئيس جهاز العبور الجديدة يتفقد مشروعات المرافق والطرق والكهرباء بمنطقة ال2600 فدان بالمدينة    غرق موظف بترعة الإبراهيمية بالمنيا في ظروف غامضة    أزهري يحسم حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    سوء معاملة والدته السبب.. طالب ينهي حياته شنقًا في بولاق الدكرور    وزير الإسكان يتابع استعدادات أجهزة مدن السويس وأسيوط وبني سويف الجديدة والشيخ زايد لاستقبال الشتاء    وثائق: روسيا توقعت هجوم كورسك وتعاني انهيار معنويات قواتها    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام ضمك.. توني يقود الهجوم    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    القوات المسلحة تُنظم جنازة عسكرية لأحد شهداء 1967 بعد العثور على رفاته (صور)    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    نجم الزمالك السابق يتعجب من عدم وجود بديل ل أحمد فتوح في المنتخب    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    لبنان: وصول رسائل مشبوهة مجهولة المصدر إلى عدد كبير من المواطنين    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سارة حازم طه تكتب: «عوالم نجيب»
نشر في الوطن يوم 20 - 12 - 2023

رحل نجيب محفوظ فى أغسطس 2006 لأجدنى فى جنازته الشعبية من مسجد الحسين ثم جنازته العسكرية من مسجد آل رشدان وسط زحام المشيعين لجثمانه، أسجل شهاداتهم عن سيد الرواية العربية وأسأل نفسى كيف لم أسعَ ولو لمرة واحدة لأن أقابله وألقى سلاماً عابراً بالنسبة له وتاريخياً بالنسبة لى؟ لماذا نرى فى بعض الأحيان أن وجود قامات بيننا هو من المسلمات التى لا تستحق حتى التأمل.
لفترة طويلة لم أكن من مُريدى أدب نجيب محفوظ وكنت أظن أن أدباء آخرين يستحقون الاحتفاء بهم أكثر منه، ولكنى كنت أفخر كمصرية فقط بأنه حصل على الجائزة رفيعة المستوى! حاولت مراراً أن أقرأ ثلاثيته ولكنى أراها مملة، فما المبهر فى الحارة المصرية؟!
أحب أداء يحيى شاهين لشخصية سى السيد بجملته الشهيرة «بضاعة أتلفها الهوى»، وأحاول كطفلة أن أفهم تناقض هذا الرجل الديكتاتور فى منزله الذى له وجه آخر فى جلسات الأنس والفرفشة فى بيت السلطانة، أشهر عوالم وراقصات بين القصرين، ولكن هل يستحق هذا الأمر جائزة نوبل؟ يالسذاجة تصورى!
يهدينى أحد أصدقائى وأنا فى فترة دراستى الجامعية نسخة من رواية نجيب محفوظ الممنوعة وقتها من النشر «أولاد حارتنا» وأقول لنفسى لماذا لا أحاول مرة أخرى أن أتعرف عليه، وفجأة «تندهنى النداهة».. ينتهى الكتاب ولا تنتهى دهشتى، ثم أقرأ الثلاثية مرة أخرى لأجد نفسى أستمتع بالتفاصيل ولأجد الحارة أوسع وأرحب مما كنت أظن، وأتوه بين الحرافيش وقلب الليل والطريق وثرثرة فوق النيل والمرايا، ولأكتشف أن لنجيب محفوظ عوالم أخرى غير عوالم سى السيد السينمائية. أفهم كيف أوحت شخصيات نجيب محفوظ لفنانين تشكيليين أن يرسموا حارته، ولا أفهم كيف لصانع كل هذه الشخصيات والحاصل على «نوبل» أن يتحلى بكل هذا التواضع الذى يجعله يستشعر الحرج من الجلوس على مكتب توفيق الحكيم بعد وفاته لأنه معلمه وأستاذه!
إحدى أبرز سمات أدب محفوظ هى الرمزية والتى كانت محلاً لخلاف واسع، بل وكانت سبباً رئيسياً فى منع نشر «أولاد حارتنا». وربما كان المفكر والناقد السورى جورج طرابيشى أبرز من حاولوا فك هذه الرموز فى كتابه «الله فى رحلة نجيب محفوظ الرمزية» حيث رأى أنه ليس من المستبعد أن يكون عامل الضغط الاجتماعى مع الاعتبارات الفنية هى التى حددت النقلة المباغتة باتجاه الرمزية، بدءاً من رواية الطريق ومروراً بالشحاذ ووصولاً إلى قصص حكاية بلا بداية ولا نهاية التى فى رأيه بالغت فى الرمز إلى حد الإلغاز وأوقعت الضليعين من النقاد، فضلاً عن غير الضليعين فى تأويلات خاطئة.
خصصت بريطانيا عام 2016 للاحتفال بمرور 400 عام على وفاة ويليم شكسبير الذى أثرى الأدب الإنجليزى واللغة والثقافة فى وقت كانت فيه تحولات سياسية واقتصادية كبرى، ولعل وصف صحيفة الإندبندنت البريطانية لهذا الاحتفال كان الأدق عندما قالت «فى أبريل 1616 مات رجل ولكن وُلِدَ إرث»، واحتفالاً بهذا الإرث أصدر وقتها المركز الثقافى البريطانى 7 كتيبات باسم living Shakespeare عبارة عن رؤى نقدية لمؤلفاته كتبت بأقلام سياسيين واقتصاديين وشعراء من دول وثقافات مختلفة، مثل «جون كيرى» وزير الخارجية الأمريكى الأسبق والروائية العربية «أحلام مستغانمى» والنجم الجنوب أفريقى «جون كانى»، والأديب النيجيرى «وول سويانكا» الحاصل على نوبل والذى رأى أنه لا سبيل لمحاربة التطرف سوى التنوير. وحتى هذه اللحظة نجد معالجات سينمائية وروائية لأدب شكسبير أكثر عصرية، الأمر الذى جعل النجم المسرحى البريطانى رالف فاينس يقدم منذ أيام ورشة عمل عن مسرحية ماكبث لطلبة إحدى مدارس ليڤرپول كجزء من مسئوليته المجتمعية كى تتعرف الأجيال الجديدة أكثر على شكسبير.
نجيب محفوظ كوليام شكسبير سبق عصره ولم يلتفت لمجتمع قد لا يتقبل أفكاره فى زمنه، فاستخدم الرمز لتصبح أعماله حمّالة أوجه، كلوحة الموناليزا لدافينشى، كلما نظرت لها من اتجاه مختلف تظن أنها تنظر لك وحدك.
فى ديسمبر 1911 ولد نجيب محفوظ، ولعلها فرصة لأن نحتفل بإرثه المتجدد الذى لا ينضب.
دون أن ننتظر 400 عام لإحياء هذا الإرث والاحتفال به على المستوى الذى يليق برجل تمسك بهويته المصرية وهو يعتلى قمة العالمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.