انتقدت الدعوة السلفية جماعة الإخوان المسلمين لاشتغالها فى العمل السياسى الذى ليس من ورائه طائل سوى التنازل عن المبادئ والقيم التى لا يرضى أحدٌ من أهل السنة أن يضحى بها فى سبيل الحصول على كسب وضع سياسى أو مجرد إثبات الوجود على الساحة، فهذه المبادئ أغلى وأثمن من أن تُبَاع لإثبات موقف، ثم لا يترتب على هذه المواقف، فى دنيا الواقع، شىء يُذكر من الإصلاح المنشود والتطبيق الموعود لشرع الله. وفى إحدى محاضراته، اعتبر ياسر برهامى، نائب الدعوة السلفية، أن السياسة ليست بالمظاهرات ولا المؤتمرات ولا بدخول الانتخابات؛ لأن ذلك كله يسبغ على النظام صفة الشرعية، وانتقد عبدالمنعم الشحات اشتغال الإخوان بالعمل السياسى ف«الديمقراطية كفر ومؤسسات الدولة مؤسسات كفرية يجب ألا يعمل الإسلاميون تحت ظلالها»، وحين كان يرد الإخوان عليهم بأننا يمكننا التغيير من داخل هذه المؤسسات يتساءل السلفيون: كيف تقسمون على ولاء لدستور لا يطبق شرع الله؟ وبعد الثورة تتبعت الدعوة السلفية جماعة الإخوان شبراً بشبر وذراعاً بذراع، فقررت النزول إلى المستنقع السياسى بعد أن كانت السياسة تنازلاً عن القيم وذهبت للاصطفاف خلف الإخوان فى مواجهة المعسكرات الليبرالية واليسارية والثورية، وأيضاً فى مواجهة شبح العسكر، لكن السلفيين رأوا من الجماعة ثقة مطلقة فى نفسها واعتداداً منها برأيها وإحساساً منها بشمولية دعوتها وربانية رسالتها واستشرافها للمستقبل وخبراتها السياسية، لكن الأكثر جرحاً لسلفيى الإسكندرية كان تهوين الإخوان لهم ولقدراتهم، ظهر ذلك حين بخست الجماعة السلفيين السكندريين حقهم فى عدد مقاعد البرلمان أثناء تحالفهم معهم تحت ظلال التحالف الديمقراطى. يقول يسرى حماد، المتحدث الرسمى باسم الدعوة السلفية: «الإخوان جماعة عريقة لها خبرات سياسية ولها إسهامات كبيرة فى العمل الإسلامى وتتميز بالتنظيم والسمع والطاعة، إلا أنهم يحتاجون للانفتاح على الآخرين والتخلى عن الانتماء الحزبى الضيق». وهؤلاء السلفيون يقدرون أنفسهم بأكثر من ذلك بكثير واستطاعوا أن يثبتوا للإخوان وغيرهم أن قوتهم فى الشارع تؤهلهم للحصول على 20% من البرلمان مع أنهم يدخلون من باب السياسة للمرة الأولى، واستوعبت الجماعة الرسالة. وينظر رجال الدعوة السلفية إلى الإخوان على أنهم جماعة لا تتقيد بالضوابط الشرعية فى تصرفاتها وأقوالها بل تنظر لمصلحتها السياسية بدعوى إقامة الدولة الإسلامية التى لن تقوم، فى نظر السلفيين، إلا باتباع العقيدة السلفية الخالصة. ولا ينظر عموم السلفيين إلى جماعة الإخوان المسلمين على أنهم جماعة من المبتدعة فى الدين فقط، بل يصنفونهم على أنهم من الفرق الضالة ال«72» التى ستدخل النار، لكن جماعة الدعوة السلفية فى الإسكندرية كانت تنظر إلى جماعة الإخوان على أنها جماعة وليست فرقة من الفرق الخارجة عن نطاق أهل السنة والجماعة؛ لأنها تجمع على أصول أهل السنة والجماعة.