يقوم رئيس أى دولة باختيار مجموعة من المستشارين والمساعدين له من الذين يتسلحون بالعلم والمعرفة والخبرة والكفاءة والوطنية لتقديم المشورة والنصيحة والدعم العلمى والقانونى، لكل مستشار تخصص يعمل على الإلمام بكل تفاصيله لتقديم صورة كاملة وواضحة للرئيس حتى يتمكن من تكوين رأى قبل إصدار قرار بشأن قضية ما. فى مصر قام الرئيس محمد مرسى بتشكيل ما يعرف ب«المجلس الاستشارى» والمكون من عدد من الشخصيات بعضها معروف لدى عامة الناس وبعضها لم يكن معروفا قبل توليه هذا المنصب كما أنه يمثل معظم أطياف السياسة فى مصر من مستقلين وليبراليين وإخوان وسلفيين. جاء انطباع الشارع المصرى حول تشكيل المجلس الاستشارى متغيرا؛ فهناك من توسم فيه الخير ورأى أنه سيضيف الكثير لمؤسسة الرئاسة بسبب خبراتهم وتجاربهم التى تسهم فى تطوير مؤسسة الرئاسة بما يتلاءم مع الوضع الجديد الذى تشهده مصر، وهناك آخرون يرون أن هذا المجلس لن يفيد مؤسسة الرئاسة، وجاء تشكيله وفقا للأهواء والمصالح الشخصية. مع مرور الوقت بدأ الرأى الثانى يترجح وهو أن المجلس لا يفيد الرئيس فى شىء فهو يضره أكثر مما يفيده، وقد لوحظ هذا الأمر فى الفترة الأخيرة بعد الأخطاء المتكررة التى يرتكبها الرئيس فى اتخاذ قرارات خاطئة والتى تأتى بعد التشاور والمناقشة مع مستشاريه ومساعديه، كذلك الظهور المتكرر لبعض مستشارى الرئيس والإدلاء بتصريحات تؤخذ على محمل من الجدية لقربهم من دائرة صنع القرار ودخولهم فى مناوشات وصدامات مع أطراف أخرى مثل د.سيف الدين عبدالفتاح الذى يقاضى المستشار مرتضى منصور وتصريحاته الأخيرة عن إمكانية مشاركة مصر فى العملية العسكرية لتحرير سوريا، وهذا ما نفاه المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة. يتحمل الرئيس جزءا كبيرا من المسئولية عن الأخطاء التى يرتكبها فى قراراته التى يتراجع فيها لأنه يتخذها بسرعة دون دراسة كافية، كذلك مستشارو الرئيس يتحملون جزءا من المسئولية وتجب محاسبتهم، لكن عندما يكون المستشاران محمود وأحمد مكى نائب الرئيس ووزير العدل، ود.سليم العوا أحد مستشارى الرئيس، وغيرهم من الكفاءات القانونية، ويصدر مثل هذه القرارات دون دراسة كقرار عودة البرلمان ثم التراجع وإقالة النائب العام ثم التراجع والإفراج الجماعى عن مساجين لهم قضايا جنائية، فذلك يوحى بأن هناك شيئا خفيا غير واضح، إما أن هناك مؤامرة من مستشارى الرئيس عليه أو أن الرئيس لا يسمع لهم ولا يأخذ بآرائهم ويعتمد على مستشارين آخرين لا نعرفهم؛ فالأمر يحتاج لمزيد من التوضيح من مؤسسة الرئاسة عن سبب الأخطاء القانونية التى ترتكب لأنها تظهر الرئيس بشكل يقلل منه وتبين أنه غير فاهم للمبادئ الأولية للقانون. مستشار الرئيس هو العقل الذى يفكر والرأى المدبر له؛ يجب عليه أن يكون على قدر المسئولية التى يقوم بها لأن الخطأ الذى يرتكبه أحد مستشارى الرئيس ليس خطأ فرديا أو شخصيا لكنه خطأ قد يعود على مصر بكارثة نتيجة تقديم معلومة أو مشورة للرئيس يترتب عليها قرار يدخل مصر فى أزمة ويزيد من المحنة التى تعيشها البلاد؛ لذا على الرئيس سرعة إعادة النظر فى تشكيل مجلسه الاستشارى لأن كل يوم بل كل دقيقة يقضيها معه يخسر فيها الكثير واستمرار وجود البطانة السيئة التى تحيط به سوف يعجل من سقوطه وهلاكه. على مستشارى الرئيس أن يكفوا عن الإدلاء بتصريحات رنانة وينحصر عملهم داخل مؤسسة الرئاسة وإذا كان هناك تصريحات أو قرارات يتولى المتحدث الرسمى للرئاسة الإفصاح عنها. الرئيس هو من اختار مستشاريه وهو من يتابعهم ويعرف قدراتهم الحقيقية وعليه أن يتحمل نتائج اختياراته.